خلافا لما تكهن به خبراء الإرهاب الكثر من الإختصاصيين القدامى والجدد، حدث ما كان متوقعا، لكن المعتدي الجديد هذه المرة ليس إرهابيا بالضرورة استنادا لأدبيات الإرهاب السياسي الذي اصبح مرتبطا في الأعوام الأخيرة في فرنسا وفي العالم بوجه عام بالمتطرفين الجهاديين المدافعين عن الدولة الإسلامية والذين يريدون الإنتقام من الغرب الإرهابي هو الآخر في نظر الأخوين كواشي والآلاف من رفقاء دربهم في جبهات قتالية كثيرة من العالم. الشاب المغربي الأصل أيوب القزاني، البالغ من العمر 26 عاما الذي كاد أن يحدث مجزرة مساء الجمعة في محطة اراس على متن قطار طاليس الرابط بين امسترداموباريس لولا تدخل سائحين أمريكيين ليس إرهابيا وكان يريد نهب الركاب فقط على حد تعبيره اثناء استنطاقه في مقر وحدات مكافحة الإرهاب في منطقة لوفالوا بيريه، وهو ليس كذلك حتى في نظر العديد من الخبراء في الإرهاب والإختصاصيين خلافا لآخرين أكدوا أن الشاب يعد إرهابيا بالمفهوم السياسي الرائج اليوم، لأنه يعد إسلاميا راديكاليا في نظر السلطات الأمنية الإسبانية وسافر إلى سوريا قبل أن يستقر في فرنسا التي لم يراقب فيها رغم تسجيله في جذاذة أس الأمنية بحسب وكالة الأنباء الفرنسية. الخبير المعروف ألان بويير والمتخصص في علم الإجرام أكد أن الإعتداء الذي عرفه قطار طاليس يشبه الحادث الذي عرفته مؤخرا ضاحية سامارتا فلافييه القريبة من مدينة ليون وهو الحادث الذي تبين أنه تصفية حساب شخصي بين المعتدي ومسؤوله المقاول، ومثل الحادث المذكور يعد إعتداء المغربي أضاف يقول بويير أقرب إلى السلوك المختل والجنوني منه إلى الإرهاب الذي يمارسه دعاة إنشاء دولة إسلامية معادية للغرب. مثل بويير الذي دعا إلى الحذر وعدم ربط أي إعتداء بالإرهاب وخاصة حينما يتعلق الأمر بالقطارات التي لا تعد أهدافا تقليدية للإرهاب في نظره وتكثيف الرقابة على خطي مدينتي امستردام وبروكسيل بحكم نشاط تجار المخدرات والأسلحة فيهما، دعت الخبيرة في الإرهاب أن جويتشليه إلى عدم الخلط بين الإرهاب والإعتداءات الإجتماعية العنيفة والإجرامية قبل التحري الكافي والمطلوب والإحاطة بكل المعطيات، وبهذا الكلام تكون جويتشليه قد ضمت صوتها إلى صوت بويير ووزير الداخلية برنار كازنيف. خلافا لرئيس الوزراء البلجيكي الذي اعتبر الإعتداء عملا إرهابيا مثل روجيه ماريون الخبير الأمني، لم يؤكد وزير الداخلية المعطى الإرهابي رغم تذكيره بارتباط المعتدي المغربي بشبكات إسلامية استنادا للتقارير السلطات الإسبانية، شارل بلغريني المحافظ الأمني المتقاعد لم يفاجأ بالإعتداء واعتبره حلقة جدية في مسلسل التهديد الذي اصبح يطال فرنسا يوميا وهو التهديد الذي تزايد بشكل غير مسبوق منذ مطلع السنة الجارية مباشرة بعد الإعتداء الإرهابي على صحيفة شارلي إيبدو على حد قوله وقدم بليغريني رقم حوالي 1800 متابع جهادي في فرنسا. ورغم التهديد الإرهابي المسلط على فرنسا، أضاف بلغريني قائلا أن مكافحة الإرهاب قضية صعبة ومعقدة ومرهقة، وعوض الدعوة إلى حبس المشبوهين أو المتابعين أمنيا في مراكز اعتقال، كما دعا اريك سيوتي النائب عن حزب الجمهوريين الساركوزي الجديد ويرى بلغريني ان هذه الدعوة أقرب الى الهوس ويجب تكثيف التعاون الأمني الدولي وتعميم الرقابة في محطات القطارات مثل ما حدث في المطارات، لكن إقامة غوانتنامو فرنسي يحيل فرنسا إلى بلد دكتاتوري على حد قوله. نيكولا كونت، النقابي في الشرطة أيد من جهته فكرة توسيع حمل رجال الأمن للسلاح في القطارات نظرا لاستمرار الإعتداءات وتزايد الخطر الإرهابي في فرنسا، لكنه اعترف بصعوبة محاربته بسبب عدم تطابق حالات الشبهات بحقيقة المتابعين أ منيا وفي تقديره لا يمكن اعتبار كل إسلامي خطرا إرهابيا وتسجيله في خانة الإرهابين المفترضين ويمكن أن يأتي الإعتداء من شخص لا يعد إسلاميا جهاديا. أخيرا يجدر الذكر أن الممثل جان هوغ انغلاد، كان من بين ركاب رحلة قطار طاليس أمستردامباريس وفي تقديره لم يقم وكلاء القطار بالواجب المطلوب وأغلقوا على أنفسهم في مقصورة، وأن الإعلام الفرنسي غير في صباح امس من خطاب تغطيته بتركيزه على دور الراكب الفرنسي الذي ارتمى على المعتدي المغربي قبل تدخل العسكريين الأمريكيين اللذين كانا في رحلة سياحية على متن القطار الفرنسي. مهما يكن من أمر، عبر الرئيسان هولند وأوباما على فرحتهما بإنجاز الفرنسي الذي يعمل في بنك هولندي بأمستردام والسائحين الأمريكيين الذين سيلتقون قريبا في حفل تكريم فرنكو امريكي بهيج سيرفع من معنويات الرئيس الفرنسي من منظور مراهنته على ورقة محاربة الإرهاب لإعادة انتخابه رغم محصلته الداخلية الهزيلة، الأمر الذي يقوض حظوظ ساركوزي العائد هذه الأيام إلى الواجهة السياسية ببشرة "برونزاج" لافت.