يعتبر حمزة بن دلاج، أو صاحب الابتسامة العريضة، البالغ من العمر 27 سنة، أحد أشهر القراصنة الإلكترونيين في تاريخ الجزائر، وربما في العالم، نظرا لما ارتبط باسمه من أساطير في مجال القرصنة. لكن الحقائق الثابتة المرتبطة بالرجل والتي أوردها مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي "أف بي آي" كفيلة بجعله أسطورة حية، وأبرز تلك الحقائق أنه سطا على حسابات 217 بنكا وحول من حساباتها ثروة تقدر بنحو 3.4 مليارات دولار، كما تسبب بإفلاس بعض الشركات واخترق مواقع لقنصليات أوروبية ومؤسسات إسرائيلية وحتى بنوك ماليزية. كما ارتبط اسم الهاكر الجزائري بالتسبب بغلق أكثر من ثمانية آلاف موقع فرنسي، ومنح تأشيرات مجانية لدخول أوروبا إلى شباب جزائريين، علما بأن بن دلاج بدأ احتراف القرصنة وهو لم يتعد سن العشرين حيث درس صيانة الحاسوب لمدة ثلاث سنوات. وقد عادت قضية بن دلاج للواجهة بعد اشتعال وسائل التواصل الاجتماعي بأنباء عن الحكم بإعدامه، لكن سفيرة الولاياتالمتحدةبالجزائر جون بولاشيك نفت ما تردد من أنباء بهذا الصدد، مؤكدة أن الجرائم المتهم فيها الشاب الجزائري لا تصل عقوبتها إلى الإعدام.
برامج خبيثة وأضافت السفيرة الأميركية -عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)- أن بن دلاج اعترف بالوقائع المنسوبة إليه يوم 26 جولن، حيث قام بزرع برامج خبيثة لقرصنة حسابات مالية، وأنه في انتظار إصدار حكم نهائي خلال الأشهر القليلة القادمة. وقد تم تحويل ملف قضية بن دلاج من الاستخبارات الأميركية إلى وزارة العدل منتصف العام الجاري، وسيحاكم من قبل محكمة ولاية جورجيا بتهمة تطوير وتوزيع فيروس "سيبيس" الذي يستعمل في سرقة المعلومات البنكية، وسيحاكم إلى جانبه هاكر روسي الجنسية. واللافت أن الجهات القضائية الرسمية التي تحاكم بن دلاج بالولاياتالمتحدة، ومن ضمنها محكمة ولاية جورجيا، ومعها وسائل الإعلام الأميركية لم تورد أي خبر عن محاكمة الهاكر الجزائري. كما نفت عائلته أن تكون قد أُبلغت بذلك من أية جهة رسمية، لذلك فيمكن القول إن فصول قصة محاكمة الهاكر الجزائري لم تنته بعد.
حقائق أم أساطير؟ وقد تمتع الشاب الجزائري بشعبية واسعة بالعالم العربي، حيث يربط الكثير من المغردين ومستخدمي وسائل التواصل بينه وبين عمليات اختراق المواقع والشركات الإسرائيلية، وكذلك نقل أسرار الجيش الإسرائيلي للفلسطينيين. ويروج المغردون لقصة -لا يُعرف مدى صحتها- تقول إن إسرائيل عرضت عليه تأمين مواقعها الإلكترونية الحساسة لما يتمتع به من خبرة مقابل التوسط لدى واشنطن لتخفيف الحكم بحقه، ولكنه رفض. كما يقال إنه كان يحوّل الأموال إلى فلسطين والجمعيات الخيرية بالدول الفقيرة. وبعد سنوات من المطاردة، تمكن جهاز الإنتربول الدولي من القبض على بن دلاج في العاصمة التايلندية بانكوك عام 2013، حيث كان يقضي إجازة هناك بصحبة أسرته، ولم يكن بحوزته سوى جهازي حاسوب محمول وهاتف ثريا، وقد سلم إلى القضاء الأميركي ونقل لولاية جورجيا.
سر الابتسامة ورغم انطواء صفحة بن دلاج -ولو مؤقتا- بالقبض عليه فإن المغردين والكتاب ووسائل الإعلام وجدوا في ابتسامة هذا الشاب قضية خلافية، فقد رأى فيها البعض نوعا من السخرية من مؤسسات مالية كبرى وأجهزة أمن عالمية بل ونظام مالي استطاع إذلاله والتلاعب به واستخدام أمواله والتمتع بها. بينما يرى آخرون أن ما يظهر على بن دلاج هو ابتسامة الرضا على وجه مقاتل استخدم سلاحا غير تقليدي، ولكنه مؤلم ومؤثر. وقد تمكن بفضل هذا السلاح من نقل أموال من مؤسسات ودول تصنف لدى قطاعات واسعة بالعالم العربي والإسلامي بأنها معادية لمؤسسات ودول على الطرف الآخر من العالم.