الجمهورية العربية السورية... لها قصص مع التاريخ والجزائر... وكانت تعرف ببلاد الشام... فتقع في الشطر الشمالي منه: فهي ملتقى للقارات الثلاث: ولها موقع جغرافي متميز، سمح لها في الماضي أن تحتضن خلافة الأمويين... وقصتنا مع سوريا كانت أثناء أسفارنا السياحية والأكاديمية أو الإنسانية... وأول ما يشد انتباهك أن سوريا والجزائر تربطها علاقة الدم والتاريخ رغم التباعد الجغرافي... فيوجد العديد من العائلات "الجزائرية" التي هاجرت مع الأمير عبد القادر الجزائري فاستطاعت أن تبني مواقع متميزة سواء باعتلاء العديد من المناصب القيادية أو الاندماج كليا في المجتمع السوري؛ ولكن رغم ذلك فإن السوريين يحترمون الجزائر من خلال المواقف "الرجولية" والبطولية للأمير عبد القادر الجزائري؛ وعرفت -سوريا- العديد في الحضارات القديمة بدءا من مملكة كانا والكنعانيين والفنيقيين والرومانيين... إلى ذلك توجد العديد من الشهود التركية التي تستنطق مرور هذه الحضارات في دمشق وحلب أو حمص او اللاذقية... مما أنشاء مزيج من الشعوب وهم على التوالي: الكنعاينون، العبرانيون، الارمينيون، الحيتيون، البابيليون، الفرس، الإغريق، الرومان، البيزنطيون، العرب... فهذا الكوكتيل كان له تأثير في التركيبة السكانية الحالية لسوريا... وإنني لا أعرج عن سوريا بدون أن أتكلم عن أحد أعلامها وهوالشيخ رمضان البوطي أو الشيخ مصطفى البغاء الذي التقيت به فيما بعد في الهيئة التدريسية بجامعة قطر- كلية الشريعة والقانون- كما كان الرجل صادقا وصدوقا بالدوحة... وكان في العديد من الأحيان يتكلم عن الجزائر والحنين نحو أرض المليون والنصف مليون شهيد... فعشق الجزائر من خلال البعتاث الطلابية التي كانت تأتي للدارسة في مختلف المعاهد الشرعية، ومن خلال تدرسيه بالجزائر وقسنطينة... ومن أهم المدن السورية، دمشق العاصمة، واكبر المدن، وفيها يوجد مسجد الأمويين، وكذلك مسجد الأمير عبد القادر في الحي القديم، والعديد من المساجد.. فقد تنبهر بالحي القديم وأسواقه التي تحمل عبق التاريخ الضارب اطنابه في الحضارة الإسلامية... وحلب هي المدينة الثانية من حيث تعداد السكان ثم تليها حمص واللاذقية؛ وسكان سورية مكون90.3٪ من العرب، أما الباقي يمثل قوميات أخرى مثل السريان والكلدان والآشوريين.. وأثناء تجولك في دمشق قد تلاحظ بعض المخيمات الخاصة للاجئين الفلسطينيين، أهمها مخيم اليرموك واغلبهم نزحوا بعد النكبة من فلسطين سنة 1948 وهم قرابة 450,000 نسمة، ضف الى دلك عدد من النازحين العراقيين، يقدر عددهم بالمليون ونصف نتيجة الأوضاع المضطربة في بلدانهم بعد الغزو الأمريكي للعراق، وكانت لنا جولات مع الهلال الأحمر السوري، والذي يترأسه أخ فاضل وصاحب خير الاتحاد العطار عبد الرحمان وهو من كبار رجال الأعمال الذي قدم الكثير لسوريا والإنسانية من اجل تخفيف الآلام عن الأفراد... كما تربطنا العديد من الصداقات بالأساتذة الجامعيين في سوريا وبالأخص في جامعة دمشق، سواء بالاستاذ سراج عبود، أو عزيز شكري والذي اعتبره أحد فطاحلة القانون الدولي الإنساني، ولديه العديد من الإسهامات القيمة في هذا الشأن، تتلمذنا عليه في مرحلة من المراحل الأولى من التحصيل العلمي بالمعهد العالي لعلوم الإجرام بسيراكوزاه بإيطاليا. ومنذ عام 1963 والجمهورية العربية السورية يحكمها حزب البعث العربي الاشتراكي، الذي وصل إلى السلطة في ثورة الثامن من آذار، ويشكل حزب البعث والأحزب الموالية له تآلفا يسمى بالجبهة الوطنية التقدمية، وسورية منذ سنة 1963 تعيش في ظل حالة الطوارئ. وأثناء تجولك في سوريا وفي أسواقها -تشعر- بتجدد الحضارة العربية الإسلامية والتأثيرات العثمانية سواء من خلال الهندسة العمرانية أو بعض المأكولات... كما انه من المفارقات رغم أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية، وقد قطعت سوريا أشوطا في تعريب العلوم الطبية والتكنولوجية... فرغم كل ذلك فإن الأرمينية أو السريانية لغة سوريا القديمة لاتزال متداولة بمختلف لهجاتها بشكل محدود بين السريان في بعض مناطق سوريا، وفي بلدة معلولا، مبعدين بمعة... إلى جانب لغات أخرى كالشركسية والتركمانية والكردية والأرمنية... وأثناء تواجدي في سوريا كنت اسكن بأحد الأحياء الدمشقية يسمى بحي البرامكة أمام قاعة أفراح الشام، وكانت متعة لما اذهب إلى باب توما وهو حي مسيحي ارتوذوكسي مملوء بالمحلات المشهورة كالبوظة الشامية، وبالمناسبة فإن سوريا تنقسم الى14 محافظة، وخارج دمشق قد تستمتع بوادي الغيون وبلدوان والزبادني وبقين وجبل الأربعين وهي مناطق سياحية طبيعية، ألهمت العديد من الشعراء والأدباء، كما أن سوريا تشتهر بقلاعها وآثارها و عض البلدات الهامة في التاريخ المسيحي دون أن ننسى بعض الجوامع الإسلامية كالجامع الأموى، ومقام وجامع السيدة زينب، وكانت لنا زيارة لهما وكأنك في قم -أحد المدن المقدسة في إيران- دون أن ننسى سوق الحمدية وسوق مدحت باشا في دمشق وهي محل مزار للعديد من الجزائريين وبالأخص تجار الشنطة. فسوريا أرض مباركة من خلال أحاديث للرسول صلى الله عليه وسلم... ولا شك في ذلك، فهذه البركة عمت على أراضيها وعبادها. OUSSEDIK@hotmail.com