فتح الرئيس الفرنسي الأسبق، فاليري جيسكار ديستان، ذاكرته للحديث عن فترة حكمه التي امتدت بين 1974 و1981، وخص جزءا منها للحديث عن علاقات فرنسابالجزائر في تلك الفترة وبالأخص علاقته بالرئيس الجزائري الأسبق هواري بومدين. ولأول مرة، تطرق فاليري جيسكار ديستان، في حوار تلفزيونية بثته القناة البرلمانية الفرنسية، الإثنين، لطبيعة علاقته بالرئيس الجزائري الأسبق هواري بومدين واختصر هذه العلاقة بقوله الجزائر لم تستطع لحد الآن تعويض رجل بحجم الرئيس هواري بومدين". وعلى نقيض ما كان يريد محاوره فريديريك ميتران، الصحفي ووزير الثقافة الفرنسي الأسبق، في عهد حكم نيكولا ساركوزي، تبيانه بأن الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين كان "صعب المراس"، قال فاليري جيسكار ديستان إن "اكتشفت أن بومدين كان رجلا حميميا في علاقته وحديثه، وكانت له نية في بناء علاقات هادئة دون نسيان آلام الماضي". وتحدث الرئيس الفرنسي الأسبق، ديستان، عن ملف مرض هواري بومدين وقال "لقد أصيب بمرض غامض لا نعرف ما هو بالضبط، ولاحظنا أنه كان يتنقل بانتظام للعلاج إلى موسكو على متن طائرة عسكرية وكان يختار المرور فوق جزيرة كورسيكا، فأرسلنا لهم رسالة (لم يكشف فحواها)، فرد علي بومدين بعبارات لا زالت أتذكرها فقال لي (رسالتكم أثلجت صدري، ولم تفاجئني، وهذا يعني أننا سنفتح صفحة جديدة أكثر ايجابية في العلاقات الجزائرية - الفرنسية، وسأعمل كل ما بوسعي لذلك فور عودة إلى الجزائر)"، لكن يضيف الرئيس الفرنسي الأسبق "الموت خطفه". ولم يتردد جيسكار ديستان خلال حديثه عن بومدين "أن الجزائر لم تستطع تعويضه برئيس آخر في نفس وزنه". ويعتبر الرئيس الفرنسي الأسبق، فاليري جيسكار ديستان، أول رئيس فرنسي يزور الجزائر بعد الاستقلال، حيث كان الرئيس الراحل هواري بومدين حريص وقتها على إنجاح الزيارة رغبة منه في إقامة محور إفريقي آسيوي فرنسي، يخلص العالم من الثنائية القطبية، بين الإتحاد السوفياتي وأمريكا وقتها. ورغم حرص بومدين على تفاصيل الزيارة وتوفير أحسن استقبال للرئيس الفرنسي، إلا أن الزيارة فشلت بسبب جملة واحدة قالها "جيسكار ديستان"، حين خطب قائلا إن "فرنسا التاريخية تحيي الجزائر المستقلة". وكان المؤرخ الفرنسي باتريك وايل، قد تحدث سابقا في تصريح صحفي، بأن الرئيس الفرنسي الأسبق فاليري جيسكار ديستان أعطى أمرا خلال عقد السبعينيات بترحيل 35 ألف مهاجر جزائري وذلك خلال مفاوضات كانت تجري بين الجانبين حول ملف الهجرة، لكن المشروع لم يكتب له التنفيذ . وحسب هذا المؤرخ فإن الرئيس الفرنسي الأسبق "كان ضد اتفاقيات أيفيان التي نصت على حرية التنقل بين الجزائروفرنسا وكذا تغيير القانون الذي ينص على حق الإقامة وتجديدها بالنسبة للجزائريين". ويؤكد مؤرخون أن العلاقات الجزائرية الفرنسية شهدت خلال عقد السبعينات توترا بسبب أزمة البترول المشهورة والتي دفعت باريس إلى إصدار قرار بتوقيف تدفق المهاجرين غير المؤهلين، فيما قام الرئيس الراحل هواري بومدين عام 1973 بإصدار قرار رمزي بوقف الهجرة نحو فرنسا بسبب تزايد الاعتداءات العنصرية ضد المهاجرين. من جهته، تحدث وزير الخارجية الأسبق، الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي، في تصريحات صحفية سابقة، عن واقعة تعيينه لسفير في باريس بين سنتي 1984 و1988، مشيرا إلى أنه في الفترة التي تولى فيها وزارة الخارجية، قال الرئيس الفرنسي الأسبق فاليري جيسكار ديستان بأن العلاقات الجزائرية الفرنسية لم تعرف تطورا وبقيت تراوح مكانها بسبب الرئيس الراحل هواري بومدين، لأنه كان "أزهريا معربا"، أي أنه تلقى تعليمه في الأزهر، مشددا على أن تصريح جيسكار استفزه، وجعله يقرر أن يعين سفيرا معربا في باريس نكاية في الرئيس الفرنسي.