البحرين أو مملكة البحرين، دولة عربية تقع في الخليج شرق السعودية وشمال قطر، وهي نقطة غارقة في البحر. وأثناء وصولك للمطار قد تندهش للبنايات والطرقات والبنية التحتية بصفة عامة... الجد متطورة... وتحاول البحرين توسيع مجالها الحيوي من خلال عملية الدفن في البحر وبالتالي بناء بعض الأبراج والمجمعات السكنية وهي تجربة رائدة في معظم دول الخليج. وقد وصلت للبحرين عن طريق المطار، وليس الجسر، فيوجد جسر الملك فهد يربط السعودية بالبحرين، ويمتد لمسافة 25 كيلو مترا تقريباً، ويخطط مستقبلاً لإنشاء جسر مماثل بين قطر والبحرين يسمى جسر المحبة وقد يكون أطول جسر في العالم؛ بمسافة تقدير طوله ب45 كيلو مترا. وقد سميت بالبحرين لكون توجد فيها عيون المياه المالحة، وعيون المياه العذبة في البحار المحيطة بها... وقد عرفت البحرين تاريخياً العديد من الغزات نظراً للموقع الاستراتيجي؛ ومطار البحرين يقع في منطقة المحرق وهي الجزيرة التي عرفها الإغريق سابقاً. وقبل سفري للبحرين حاولت أن أتعرف على نظامها السياسي، كما كانت لي فرصة للاطلاع عليه أثناء انتسابي كخبير قانوني في لجنة إعداد الدستور الدائم لدولة قطر، كأنموذج خليجي، فالبحرين مملكة دستورية ديمقراطية يرأسها الملك حمد بن عيسى آل خليفة ورئيس الحكومة هو رئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة، ويتألف المجلس التشريعي (البرلمان) من مجلسين: مجلس النواب وينتخب بالانتخاب العام، بالإضافة إلى مجلس الشورى الذي يعيّن من طرف الملك، ويتكون كل مجلس من 40 عضواً ولمدة أربع سنين، ولذلك فإن البحرين توجد فيها تجربة حزبية وسياسية عريقة مقارنة مع بعض دول الخليج. وأثناء وصولي للمطار في منطقة المحرق واستقبالي من طرف أعضاء من الهلال الأحمر البحريني اتجهت للمنامة، وهي العاصمة، وتحتوي على أغلب الوزارات وتتفرع منها الكثير من القرى، وقد تلاحظ أن المدينة صممت للخدمات ورجال الأعمال، فتحتوي على العديد من البنوك والشركات الخدماتية متعددة الجنسيات، فالبحرين تعتبر محوراً مصرفياً أساسيا في الشرق الأوسط، وكذلك مركزاً حيوياً للتمويل الإسلامي؛ ويعتبر اقتصادها من أكثر الاقتصاديات نمواً في العالم وهو يحتل سنوياً ترتيبات متقدمة في الترتيب العام. والملاحظ في البحرين أن أغلب السكان قد لا يلبسون اللباس التقليدي من ثوب وعقال كما هو منتشر في باقي دول الخليج، وقد يرجع ذلك للتركيبة السكانية للبحرين الممزوجة بالأعراق، حيث ثلثا سكان البحرين عرب والثلث الأخير يمثل المهاجرين والعمال القادمين من إيران وجنوب شرق آسيا، فأصبح البحرينيون الأصليون يشكلون 62.4٪ من السكان حسب إحصائيات عام 2001، ويمثل 43.3 من النسبة الباقية العرب، ويأتي توزيعهم كالتالي 33٪ من سلطنة عمان، و4.1٪ من اليمن، أما غير العرب فنسبتهم كالتالي 18.8٪ إيرانيون، و14٪ هنود، و10.3٪ باكستانيون، و77٪ من الدول الغربية... فهذه التركيبة الممزوجة أدت إلى اختلال ديمغرافي، حسب قناعتي الشخصية؛ وذلك قد يؤثر مستقبلاً على بعض الخيارات الاستراتيجية، ولكن رغم ذلك فإن أغلب سكان البحرين (81.2٪) مسلمون من السنة والشيعة، رغم توجد جالية يهودية 9.8٪ أو سيخ أو بهائيون أو هندوس... وقد عرفت منطقة البحرين حضارة قديمة؛ هي حضارة دلمون، ولذلك توجد حديقة جنة دلمون المفقودة وهي حديقة مائية يجب على كل زائر للبحرين زيارتها والمرور عليها. وأثناء تجولك في المنامة قد تنبهر ببعض المعالم سواء التاريخية منها كقلعة البحرين أو الرفاع، أما من حيث التسويق فقد تنزعج وذلك ما حصل لي شخصياً ليس للندرة ولكن لكثرتها وتعددها، ولعله قبل وصولي للبحرين تم إرشادي لمعلمين تجاريين وهما السيف والعالي وهما مولات وأسواق شعبية، ومن المفارقات أنه في البحرين يوجد شاطئ يسمى بشاطئ بلاج الجزائر... وأثناء زيارتي للبحرين كانت فرصة للتعرف على العمل الخيري والإنساني المقدم من طرف الهلال الأحمر البحريني، وكذلك بعض جمعيات المجتمع المدني وهي عديدة ومتنوعة. وإني قد لا أختم مقالي بدون ذكر أن في البحرين توجد أكبر مقبرة بالعالم وهي على شكل روابي وتلال مختلفة الحجم والشكل وتوجد بمنطقة عالية بالمحافظة الوسطى، ولهذه المقابر تاريخ عريق قديم من عهد حضارة دلمون، حيث كان الدلمونيون يدفنون موتاهم في تلك التلال، ويدفنون معهم حاجياتهم النفيسة والثمينة، كما يدفنون معهم جراء الماء الفخارية، ظناً منهم أن الميت يعود للحياه في أي لحظة. وقد كانت لي دراسة دلالية حول »علم أو راية« البحرين والتي لها مثلثات، فسابقاً قبل تحويلها إلى مملكة كانت ترمز للإمارات المتحدة التي عرفتها المنطقة في السبعينيات من القرن الماضي، أما حالياً وهي خمس وحسب التفسير الرسمي فهي ترمز لأركان الإسلام الخمسة... فالبحرين صغيرة جغرافياً ولكن كبير بسكانها وحالتها وتاريخها العريق. oussedik@hotmail.com