بداية المملكة العربية السعودية أو شبه الجزيرة العربية، زرتها العديد من المرات سواء لأداء المناسك والشعائر الدينية أو في إطار العمل الأكاديمي أو الإنساني، وكانت الزيارة الأخيرة للتعرف الشامل عن السعودية أحياناً أزورها براً إلى الرياض انطلاقاً من الدوحة، وبداية قد تندهش من الطرقات الممتازة وكأنك في إحدى الطرقات السريعة في أوروبا... وقد تنافسها أحياناً بدون عقدة، وأثناء وصولك للرياض قد تشهد فيهما معلمين بارزين الفيصلية والمملكة، وقد يحتويان على محلات تجارية كبرى إلى جانب العديد من المقاهي والمطاعم، ناهيك عن الأسواق الشعبية التي تحتوي على العديد من البضاعات الآسيوية والبهارات الهندية والجلود الباكستانية...إلخ. وأثناء تواجدي في الرياض وأمام الحملة الشرسة ضد أفراد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقد قدمت طلبا بالالتقاء معهم؛ فالانطباع الذي خرجت به بعد الجلسة أن الإعلام أحياناً قد يشوّه الوقائع والحقائق بأسلوب التهريج والتضخيم، فمن حق كل دولة اختيار نظامها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي بدون تدخل غربي أو أجنبي؛ وعليه أرى أن النظام العام؛ وكل سكان السعودية، بدون استثناء مسلمون يشكل السنّة غالبيتهم، فمن حقهم الدفاع عن مقوماتهم ومرتكزاتهم.... وقد كانت لنا فرصة أثناء تواجدنا في الرياض زيارة جامعة الملك سعود، وقد التقيت بالعديد من الأساتذة الجزائريين في مجال تخصص القانون، وأذكر على سبيل المثال الأستاذ بوزيد الدين من وهران، وناسيب أرزقي من جامعة الجزائر، والهواري من جامعة ليون بفرنسا، والأستاذ خروعه... وغيرهم وكلهم يتبوأون مناصب قيادية في الجامعة، والنظام المعتمد في الجامعة من حيث التحصيل العلمي النظام الأنكلوساكسوني، المبني على نظام الساعات المكتسبة وفي سبيل التحصيل العلمي وفرت العديد من المكتبات والقاعات، بغية تشجيع الحركية الفكرية من خلال التأليف والبحوث؛ وقد كانت لنا زيارة للمعهد الدبلوماسي؛ وهو من أنشط المعاهد في مجال نشر وتعزيز القانون الدولي الإنساني، كانت لنا محاضرة حول حقوق الإنسان، مع اللجنة السعودية لحقوق الإنسان والهلال الأحمر السعودي، الملاحظ أن السعودية تحاول تطوير الثقافة السعودية داخل إطار التشريعات والتعاليم الإسلامية... ولذلك مثلاً ففي السعودية يوجد زي سعودي رسمي تم تطويره خاص بالرجال عبارة عن قميص طويل مصنوع من القطن أو الصوف ويدعى الثوب، بالإضافة إلى الشماغ وهو عبارة عن قطعة قماش مصنوعة من القطن ومخططة بالأحمر ويثبت على الرأس بالعقال الأسود، والغترة وهي عبارة عن قطعة قماش أبيض مصنوعة من القطن الخفيف، وكلاهما يلبسان على الرأس، في بعض المناسبات الرسمية كالأعياد وحفلات الزفاف. يفضل بعض السعوديين، إضافة ما سبق، ارتداء البشت أو المشلح، وهذا اللباس يمكن تعميمه في كل منطقة الخليج... وقس على ذلك بالنسبة للسودانيين... والليبيين... والمغاربة... والموريتانيين، فكل واحد من هؤلاء الأجناس لباسه الذي يفخر بمقوماته الذاتية... إلا نحن الجزائريين؟! للأسف الشديد، قد يوافقني البعض؛ والبعض قد يعارضني وذلك ليس محل مقالنا... كما أنني لا أنسى أن أتكلم عن الهلال الأحمر السعودي الذي تربطني به العديد من الصداقات؛ فهو يبذل جهدا جبارا لا يستهان من خلال خدمات الإسعافات الطبية، أثناء مواسم الحج والعمرة، وبالأخص في رمضان؛ كانت لنا زيارات عديدة؛ ويوجد في الرياض مقر الأمانة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر؛ ولديهم إسهامات في تعزيز المقومات الذاتية لمؤسسة الهلال الأحمر في الوطن العربي، وإنني لا أنسى كذلك الأستاذ الفاضل وصاحب الخير الأخ الوهيبي رئيس الندوة العالمية للشباب الإسلامي؛ الذي له باع في إرساء أسس العمل الخيري الشفاف والممنهج في العديد من الدول من خلال الأيادي البيضاء والعون في شتى مجالات الحياة والمعيشة للعديد من الشعوب المحرومة... رغم الهجمة الشرسة على مؤسساته وإلصاق بها العديد من النعوث، فكانت معه جلسات سواء في الرياض أو خارجها أثناء الندوة... وأخيراً؛ أحيي المملكة على المجهودات الجبارة في خدمة الحجاج من خلال التوسعة الدائمة والمستمرة لمكة المكرمة والمدينة المنورة، أردت أن تكون زيارة المملكة من خلال هذه المقالة من خلال بعض الاتجاهات غير المرئية للعيان oussedik@hotmail.com