وزير الداخلية يزيد زرهوني عادت بعض أعمال الشغب والتخريب إلى عدد من المناطق، ويلاحظ أن أغلب الاحتجاجات كانت تحت غطاء مطالب إجتماعية ومهنية، مثلما هو الشأن بالنسبة لمشاكل الكهرباء والغاز والطرقات والاكتظاظ في المدارس والسكن والنقل والشغل، وغيرها من "القنابل" النائمة والموقوتة القابلة للانفجار، في انتظار أن يستوعب الأميار دروس الدورات التكوينية التي أشرفت عليها وزارة الداخلية، خاصة فيما يتعلق بمواجهة الاحتجاجات. * وحتى إن كانت بعض الاحتجاجات "مبرّرة"، نظرا للأسباب التي دفعت إلى تفجرها، فإن مراقبين يسجلون أن بعض تلك الحركات الإحتجاجية غير بريئة وتُشتم فيها روائح الاستغلال والتوظيف السياسوي، حتى وإن كانت مطالبها "مشروعة"، ويلاحظ أن احتجاجات اختبأ فيها "محرّكوها" والمحرضون عليها بالأطفال والقصر لتحقيق مقاصد مشبوهة باسم مطالب شعبية. * وبعيدا عن خلفيات عدد من الاحتجاجات، فإن متابعين يحملون الجزء الأعظم من المسؤولية للسلطات المحلية بشكل مباشر، على اعتبار أن كل المطالب المرفوعة من طرف المحتجين والغاضبين تتعلق تحديدا بملفات لها علاقة مباشرة بمهام وصلاحيات المجالس المحلية المنتخبة، وكذا مصالح الإدارة المحلية. وقد تحولت الاحتجاجات إلى لغة للتراشق بالاتهامات بين ممثلي الأحزاب الممثلة بالمجالس المنتخبة، بحثا عن صكوك الغفران، ويتعلق الأمر بالمشاكل والشكاوى المرتبطة بالمحسوبية والتوزيع غير العادل للسكن وسوء التسيير والعجز عن تنفيذ وتطبيق المشاريع التنموية، خاصة تلك المدرجة في إطار البرنامج الرئاسي والدعم الإقتصادي. * ورغم أن رئيس الجمهورية كان قد خصص في وقت سابق لكل الولايات أغلفة مالية هامة من أجل إتمام المشاريع وتعزيز التنمية المحلية، إلاّ أن أغلب المناطق حسب ما سجله المواطنون خاصة بالقرى والمداشر والبلديات الفقيرة المدرجة في خانة الجزائر العميقة، لم تظهر عليها ملامح "العزّ" والبحبوحة المالية، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه أمام تساؤلات بشأن مصير تلك "الأموال الرئاسية"، فهل تمّ صرفها في وجهتها، أم مازالت معطلة ومجمدة لعدة أسباب، أم أعيدت إلى الجهة التي صرفتها؟ * ويسجل ملاحظون أن عديد من البلديات والدوائر ركزت في التنمية المحلية على مشاريع "الماكياج" و"البريكولاج" المختزلة أساسا في إعادة دهن المباني وتغيير الأرصفة وبلاط الشوارع، دون أن تنجح في دفع وتيرة السكن والشغل والإقتصاد المحلي وإنعاش الجباية المحلية بخلق فضاءات صناعية وإنتاجية، وهي واحدة من أعواد الكبريت التي أشعلت وتشعل إلى اليوم حرائق الغضب ونيران الإحتجاج، خاصة على مستوى المناطق "الأكثر تضررا" من التسيير العشوائي لشؤون ومصالح السكان. * وإذا كانت السلطات المحلية هي دائما حسب المحتجين في قفص الاتهام، فإن الحكومة ترفض أسلوب "الإبتزاز" و"ليّ الذراع" من خلال فبركة وبرمجة حركات إحتجاجية، حيث كان رئيس الجهاز التنفيذي، أحمد أويحيى، قد هدد باستخدام "العصا لمن عصا" ضد محرّكي "الفوضى المنظمة" والأطراف التي تحاول صناعة 5 أكتوبر جديد بالاستثمار في المشاكل الحقيقية والمطالب المشروعة للمواطنين الذين يطالبون بالخبز وتوفير لقمة عيش كريمة وسكن ومنصب شغل.. ولا تهمهم الأحزاب والحسابات السياسية التي يتذكرونها عند كلّ موسم انتخابي.