جاءت عملية "التطهير والتصفية" التي مست رؤساء الدوائر عبر أغلب ولايات الجمهورية، لتعكس، برأي أوساط مراقبة، استيقاظ حملة "الأيادي النظيفة" التي تستهدف هذه المرة، المسؤولين وأعوان الإدارة، الذين فشلوا في مهمة إنجاح المشاريع التنموية وتسريع وتيرة تنفيذ البرنامج الرئاسي، ولا يستبعد أن تعقب الحركة الواسعة في سلك الدوائر، حركة تكميلية أخرى، تستهدف هذه المرة عددا من الولاة والأمناء العامين للولايات والبلديات وكذا مديري المصالح والقطاعات على مستوى السلطات المحلية. * حركة التغيير "المباغتة" في سلك الدوائر، جاءت ساعات قليلة فقط بعد إعلان وزارة الداخلية والجماعات المحلية، عن الشروع بداية من الفاتح أكتوبر الداخل، في مراجعة القوائم الانتخابية، وتأتي أيضا في وقت بدأ فيه العد التنازلي و"التحضير الرسمي" لتنظيم استحقاقات انتخابية وسياسية هامة، في مقدمتها الانتخابات الرئاسية وتعديل الدستور الذي قال عنه رئيس الحكومة، الأمين العام للأرندي، أحمد أويحيى، إنه "سيكون قريبا جدا"، كما أكد رئيس الجهاز التنفيذي السابق، الأمين العام للأفلان، عبد العزيز بلخادم، بأن التعديل الدستوري سيكون خلال الشهرين المقبلين، على أقصى تقدير. * وبعيدا عن "تسييس" الحركة التي قطفت رؤوس أغلب رؤساء الدوائر، بالعزل والتحويل والإحالة على التقاعد، ينبغي الإشارة إلى أن هؤلاء المسؤولين المحليين، المصنفين ك "وسطاء" بين البلديات والولايات أو بين الأميار والولاة، تورطوا في عدة إخفاقات على مستوى الجماعات المحلية، بينها ملف الدعم الاقتصادي وتحديدا إنهاء أزمة السكن أو على الأقل التخفيف من تبعاتها، علما أن قرارا حكوميا سابقا، كان قد سحب صلاحية توزيع السكن من رؤساء البلديات وحوّلها لفائدة رؤساء الدوائر، الذين أصبحوا تبعا لذلك الإجراء الجديد، يرأسون اللجان المحلية لتوزيع السكن، غير أن هذا الملف ظل مفتوحا، خاصة في المحور المتعلق بالعجز عن توزيع المساكن الجاهزة، وكذا امتصاص غضب المواطنين الذين ثاروا في عدة مناطق احتجاجا على قوائم المستفيدين التي وقعها وأشّر عليها رؤساء الدوائر. * وليست هذه المرة الأولى التي يلجأ فيها رئيس الجمهورية إلى إحداث حركات تغيير في سلك رؤساء الدوائر، لكن الحركة الأخيرة - حتى وإن تأخر الإعلان عنها رسميا - كانت، برأي متابعين، نوعية وعددية، وهي تقرأ الأسلوب "التأديبي والعقابي" لأعوان الدولة ممن فشلوا في إنجاح وإعطاع دفع للبرامج والمشاريع الكبرى، ولا يستبعد أن تكون الحركة الأخيرة، مستنبطة في جزء مهم منها، من الحصيلة الميدانية التي وقف عليها الرئيس خلال زياراته التفقدية للولايات، حيث وقف على تقدّم المشاريع وصرف الأغلفة المالية التي وزعها في وقت سابق لدعم التنمية المحلية وتعزيز الاقتصاد الوطني. * كما تتزامن الحركة في سلك رؤساء الدوائر، مع استماع الرئيس بوتفليقة لحصيلة وزارة الداخلية والجماعات المحلية، التي تكون قد أعدت في وقت سابق، قائمة باسم رؤساء الدوائر "المغضوب عليهم"، الذين أينعت رؤوسهم وقد قطفها سيف الحجاج، في انتظار امتداده إلى رؤوس أخرى سيطالها العقاب وغربال التنقية.