يستأنف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الزيارات التفقدية والتفتيشية إلى الولايات، حيث يرتقب أن يقوم هذا الأسبوع بجولة عمل إلى ولاية البليدة. * وتأتي هذه الزيارة في إطار سلسلة التفتيشات و"التحريات" التي يشرف عليها رئيس الجمهورية بنفسه للوقوف على وتيرة سير المشاريع التنموية، التي تندرج ضمن البرنامج الرئاسي الذي وعد به الناخبين خلال عهدته الأولى وجدده في الحملة الإنتخابية لرئاسيات 2004. * عودة الرئيس إلى النزول للشارع، تأتي قبل أقل من شهرين عن تنظيم رابع إنتخابات رئاسية تعددية، أعلن بوتفليقة، الخميس المنصرم ترشحه لها، ويدرج مراقبون هذه الجولات "المفاجئة" في إطار رغبة بوتفليقة في الوقوف شخصيا على ما يجري في الميدان بعيدا عن التقارير المكتبية و"الوساطة" التي يلعبها الطاقم الحكومي خلال اجتماعات مجلسي الحكومة والوزراء. * وقد أكد رئيس الدولة في وقت سابق، أنه "لا يثق" في التقارير التي ترد إليه، وأنه لا يكتفي بما يسمعه على لسان الوزراء في الإجتماعات الرسمية، وإنما يلجأ إلى الزيارات الميدانية إلى الولايات لمعاينة سير المشاريع و"محاسبة" المسؤولين على مراقبتها وإنجازها. ولم يتأخر بوتفليقة، بداية عهدته الثانية، عن إتهام بعض أعضاء الجهاز التنفيذي بتغليطه وتضليله، داعيا إياهم إلى تصحيح أرقامهم، كما أوضح بعد الإحتجاجات التي عرفتها ولاية ورڤلة في العام 2004، أنه كان يتلقى تقارير مغلوطة!. * ولم يكتف بوتفليقة بإطلاق النار خلال الإجتماعات الرسمية على بعض الوزراء "المغضوب عليهم" المتهمين بالتكاسل والتقاعس والتسكع على أرصفة الحكومة، ولكنه انتقل إلى مرحلة جديدة لم تكن متداولة من قبل، حيث دشن منذ عهدته الأولى سلسلة من جلسات "الحساب والعقاب" لتقييم أداء وحصيلة الوزراء وملء كشوف نقاطهم تبعا للنتائج والأرقام المحققة بالنسبة لمختلف القطاعات، ومنها وجه أوامر وتعليمات للحكومة من أجل مضاعفة السرعة وغلق الملفات وتسوية مشاكل وانشغالات المواطنين. * ويُنتظر أن ترافق زيارة بوتفليقة إلى ولاية البليدة، إجراءات أمنية مشددة، انطلاقا من الظرف الراهن المتعلق بالإنتخابات الرئاسية، وقد أعلن أول أمس، وزير الداخلية والجماعات المحلية، يزيد زرهوني، عن جملة من التدابير الأمنية الإحترازية لتأمين الإنتخابات وضمان سيرها العادي، داعيا بقايا الإرهابيين إلى التوبة والإستفادة من ميثاق السلم والمصالحة الذي مازال ساري المفعول، ومؤكدا أن هؤلاء "المغرر بهم" لا حل لهم غير ذلك لأنهم في طريق مسدود. * وتفند برأي أوساط مراقبة، الخرجة الجديدة للرئيس إلى البليدة-في انتظار ولايات أخرى قبل حلول الحملة الإنتخابية- التأويلات والتخمينات المغرضة التي تحرّكها بعض الأيادي العابثة، حول ما يسمى ب "الملف الصحي للرئيس"، حيث يكشف استمرار الزيارات التفتيشية "المتعبة" أن الرئيس من بين ما يهدف إليه هو التأكيد على أن الإرهاق لم يتمكن منه وأنه بنفس النفس الذي كان يتحرّك به خلال عهدتيه الأولى والثانية. * وبعد أن ظهر الرئيس في كامل قواه الجسدية بالقاعة البيضاوية وهو يعلن ترشحه لعهدة ثالثة، يرى مراقبون أن استئناف الزيارات التفتيشية أسابيع قليلة قبل إنطلاق الحملة الإنتخابية، هو بمثابة الرسائل السياسية المشفرة إلى ميليشيات "التخلاط" التي تحاول تضليل الرأي العام وتغليطه، وإيهامه بأن بوتفليقة قد "تعب"، وهي المحاولة التي روجت لها القراءات المستنبطة من تصريحات السيناتورة الفرنسية التي سارعت إلى تكذيب التأويلات المنسوبة إليها، خاصة فيما يتعلق ب "صحة" الرئيس و"خليفته"!. * وكان وزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية، عبد العزيز بلخادم، أكد قبيل إعلان الرئيس ترشحه: أن هذا الأخير بصحة جيدة ولا يعاني من أي مرض يمنعه من الترشح للرئاسيات وإدارة شؤون البلاد لعهدة أخرى، مشيرا إلى أن بوتفليقة على غرار أي إنسان آخر يمكنه أن يتعرض لوعكة صحية أو مرض طارئ. * وينتظر أن ينشط بوتفليقة أغلب تجمعات الحملة الإنتخابية القادمة، في وقت نفت فيه السيناتورة الفرنسية، سمية غزالي، أن تكون قد ذكرت "خلافة الرئيس بوتفليقة"، موضحة: "لم يتعلق الأمر بأي حال من الأحوال باحتمال خلافة الرئيس بوتفليقة، لا سيما في رئاسيات التاسع أفريل".