لقد تم مؤخرا تشكيل لجنة عربية برئاسة قطر وعضوية مصر والسعودية وليبيا والجزائر وسوريا، بناء على طلب سوداني لمعالجة قضية طلب محكمة لاهاي إلقاء القبض على الرئيس السوداني ولمعالجة الوضع في دارفور، وفور تشكيل اللجنة بدأت الأصوات المعارضة للقرار تظهر من دول داخل اللجنة التي شكلت بقرار من جامعة الدول العربية في اجتماع لوزراء الخارجية العرب، ثم بدأت أصوات المعارضة للجنة تتوالى من فصائل المتمردين في دارفور. * كانت مصر قد طرحت فكرة عقد مؤتمر دولي لحل مشكلة دارفور، إلا أن هذه الفكرة لم تجد قبولا دوليا، الأمر الذي جعل الخارجية المصرية لاتبدي تفاؤلا بنشاط اللجنة.. أما فصائل التمرد، فمن جانبها اتهمت صراحة الدور العربي بمحاباة الخرطوم والتحرك بعد فوات الأوان فقط من أجل إنقاذ الرئيس البشير من إلقاء القبض عليه، وطالبت بتنسيق جهود الوساطة تحت مظلة الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي. وتواصلت الانتقادات للجنة العربية من عدة جهات لاسيما الإقليمية منها مدفوعة بموقف دولي لا يريد للعرب ان يكون لهم دور في قضاياهم الداخلية، حيث عبرت إريتريا وتشاد عن أسفهما لتجاهل الجامعة العربية لدورهما.. الغريب في هذا الصدد أن دولا عربية محورية وكبيرة قد أحجمت عن أخذ دورها الطبيعي في هذه القضية التي تمس الأمن القومي العربي، والآن الاقليمي بخطر شديد.. ومن جانب آخر، لم تلتزم الحكومة السودانية في الأسابيع الماضية باتفاق وقف إطلاق النار، حيث قامت بعمليات عسكرية واسعة في منطقة جبل مرة في إقليم دارفور ذهب ضحيتها العديد من القتلى لتزداد الأمور تعقيدا وتقدم اشارات غير ايجابية عن امكانية الحل. ان تشكيل لجنة وتحديد أعضائها غير كاف لمعالجة قضية اصبح اللاعبون فيها كثر، وان الحرص على وحدة السودان يقتضي إجراءات أكثر عمقا كأن تتكون قوة تدخل عربي تحسم الأوضاع في اقليم الصراع وعلى السودانيين تقع المسؤولية المباشرة في تقسيم السودان. فليختاروا اما بقاء النظام او بقاء السودان موحدا.. فلم يعد النظام يمتلك من رصيد القدرة على تمثيل البلاد أو ادارة الصراع الا القليل، كما ان على الدول العربية لاسيما مصر والسعودية واليمن وليبيا التحرك الفاعل لوضع حد لهذا الخلل الحاصل في الكيان السياسي السوداني.. لأن وحدة السودان أصبحت في خطر حقيقي والخوف ان نبدأ العد تنازليا لأكثر من سودان، فأطماع الغربيين لا حد لها: البترول واليورانيوم، ومخططات التقسيم التي بدأت تتدحرج في المنطقة أخيرا مثل كرة الثلج.