تعاني أزيد من 200 عائلة بقرية تدارث مقران بتمزريت، التابعة لولاية بجاية من التهميش والإقصاء والحرمان والعزلة وغياب تام للمشاريع التنموية، التي من شأنها تحسين الظروف المعيشية البئيسة التي تطبع سكان القرية المنسية منذ الاستقلال. ويقول ممثل عن السكان الذين يلقبون أنفسهم بالمعذبين في الأرض إن قطار التنمية لم يتوجه إلى محطة قريتهم التي تنتظره منذ الاستقلال من أجل أن يخفف عنها معاناة التركة الثقيلة للعهد الاستعماري، حيث كان الثوار يلجؤون إليها كلما ضاقت بهم السهول والهضاب، وفرنسا تقصفها من الجو، بعدما تعذر عليها الاقتراب منها برا، ويضيف نفس المتحدث أن بطولات الشهداء لم تشفع لهم أمام التخلف الذي غرس مخالبه إلى الرؤوس في ربوعها، ليزيدها معاناة، كيف لا وهي تعيش محرومة من مشاريع التنمية المحلية، ما جعل الحياة فيها مجرد كلام ليدفع بالكثير من أبنائها إلى هجرتها بحثا عن مناطق أكثر يسرا ورحمة. خدمات صحية مريضة ومدارس مغلقة! النقائص التنموية تكاد لا تستثني أي قطاع، فالمدارس الابتدائية مغلقة بعدما هاجرها التلاميذ، والخدمات الصحية شبه منعدمة، مما يدفع بالمرضى إلى قطع مسافات طويلة لبلوغ عيادة تيمزريت أو مستشفى سيدي عيش لتلقي العلاج، وحتى عيادة التوليد لم تعد حسب المواطنين تستجيب للشروط اللازمة، مما يدفع بالنساء الحوامل إلى التنقل لمستشفيات سيدي عيش أو بجاية، وحتى اللقاحات التي يحتاج إليها الأطفال تكاد تنعدم طوال أيام السنة. شبكة النقل هجرت القرية بسبب الطرق المهترئة من جهتها شبكة الطرقات مهترئة، وأغلبها لم يزفت منذ إنشائها، وحتى تلك المؤدية إلى القرية وسط المنعرجات الجبلية التي تم تعبيدها قبل حوالي عشر سنوات، اهترأت وعادت إلى حالتها الأصلية، ويؤكد عدد من المواطنين أنه من غير الممكن على أي قاطن الخروج من بيته في الصباح والعودة إليه في نفس الوقت، حيث يجبرون على البقاء إلى المساء لضمان رحلة واحدة للإياب، بسبب صعوبة استعمال الطريق من قبل السيارات الصغيرة، أما الحافلات فقد هاجرت المنطقة منذ زمن بعيد والسكان يتنقلون كل حسب إمكاناته الخاصة، أحد أعيان القرية أكد لنا حاجتهم إلى مشاريع تنموية في مستوى تضحيات الشهداء حتى يخرجون من الغبن المفروض عليهم، حيث الحياة فقدت معناها في أذهانهم، محيط القرية لا يزال في تلك الحال التي تواجد عليها أيام أجدادهم، حيث المسالك ضيقة والإنارة العمومية منعدمة في كثير من الشوارع، وشبكة التطهير وصرف المياه الصحي مجرد أوهام، أما الأنترنت والهاتف فتلك يقول السكان أحلام بعيدة المنال.