تعد الفلاحة الصحراوية الرهان والخيار الناجع الذي ينتظر أن تتجه إليه الحكومة مستقبلا، وتدعيمه كبديل لقطاع المحروقات الذي يشهد هبوطا غير مسبوق في أسعار النفط، لكن ما يلاحظ من خلال تجربة عديد المشاريع الفلاحية بالمناطق الصحراوية، أن الأمر مازال يحتاج إلى بذل الكثير من الجهود، وتدعيم الدولة لهذه المشاريع أكثر من ضرورة. تعد منطقة قاسي الطويل 150 كلم عن مقر دائرة حاسي مسعود، من أهم المناطق المحتضنة للمشاريع الفلاحية الهامة، حيث شهدت هذه المنطقة المذكورة عديد التجارب في وقت سابق، أثبتت نجاحا كبيرا، خاصة فيما يخص الحبوب الصلبة واللينة من طرف خبراء وأخصائيين أمريكيين وكنديين خلال سنوات الثمانينيات والتسعينيات، زيادة على وجود الآلاف من الهكتارات من الأراضي الصالحة للفلاحة، رغم وجود عديد الحقول النفطية بهذا المكان الإستراتيجي .
إشكالية الأراضي الخاضعة لشركة سوناطراك أكد مصدر عليم ببلدية حاسي مسعود ل"الشروق"، أن هناك عديد الأراضي التي خضعت للتخصيص فيما يخص الاستثمار الفلاحي بهذه المنطقة، إلا أنه في كل مرة يتم طرح إشكالية خضوع هذه الأوعية العقارية لوزارة الطاقة وشركة سوناطراك، وهو العائق الكبير الذي عطل الكثير من المشاريع الاستثمارية التي منحت لعديد شباب المنطقة سابقا في إطار الامتياز الفلاحي، باعتبار هذه الأوعية العقارية ذات أخطار كبرى، حيث توجد بعض أنابيب الغاز بها، وفي نفس السياق أكد ذات المصدر أن العملية مازالت متواصلة فيما يخص تسوية هذا الإشكال المطروح في عديد المناطق على غرار منطقة حاسي مسعود وورقلة. وقد تم توزيع قرارات الاستفادة ورخص حفر الآبار على أكثر من 20 مستثمرا من شباب المنطقة، منذ عام 2012 لحد الآن، حسب تصريح مصدر موثوق من مصالح مديرية الفلاحة بولاية ورقلة ل"الشروق"، لكن هذه المشاريع مازالت تراوح مكانها منذ أن تم توزيعها إلى يومنا هذا، ولم تشهد أي تقدم حسب عديد الملاحظين في هذا المجال، حيث أكد مسؤول ببلدية حاسي مسعود أنه تم مؤخرا إيصال المنطقة بالكهرباء الفلاحية، وهذا أثناء زيارة والي ولاية ورقلة للمنطقة خلال شهر ديسمبر الماضي، وقبله تم توزيع رخص حفر الآبار على عديد شباب الذين استفادوا في إطار هذه المشاريع، في انتظار توزيع عقود الامتياز.
140 هكتار من الأراضي الفلاحية تنتظر التسوية أحصت المصالح المعنية بولاية ورقلة، ما يزيد عن 140.000 هكتار لم يتم الفصل فيها لحد الآن، رغم تخصيصها كأوعية عقارية مخصصة للفلاحة بالمنطقة، نظرا لوجود عدة عوائق من أهمها الأوعية العقارية التي تخضع لشركة سوناطراك، إلى جانب اتخاذ عديد الإجراءات الإدارية، وهذا قبل اتخاذ الحكومة بما يسمى عصرنة الإدارة وما نجم عنه من اتخاذ بعض الإجراءات، كتسهيل الإجراءات بالنسبة للمستثمرين، حيث كانت عائقا كبيرا قبل أن تتخذ تعليمات جديدة للولاة في هذا المجال، علما أنه تم سابقا توزيع ما يقارب 30.000 هكتار على المستثمرين الذين استفادوا بصفة نهائية.
احتجاج البطالين على توزيع القطع الأرضية بطرق ملتوية قامت وزارة الفلاحة في شهر أكتوبر من سنة 2014 بإيفاد لجنة تحقيق مختصة حول ما أثير من التلاعب بالعقار الفلاحي بمنطقة ورقلة وقاسي الطويل على إثر قيام الشباب البطال بالمنطقة بعديد الاحتجاجات. اتهم هؤلاء السلطات المعنية بتوزيع هذه الأراضي بطرق ملتوية وغير مشروعة، وإعطائها لغير مستحقيها، حيث تم معاينة هذه المشاريع ،وإعادة تشكيل لجنة تقوم بدراسة جميع الملفات المقدمة، من جهة أخرى توجد بعض المناطق شهدت نموا معتبرا للأنشطة الفلاحية، على غرار حاسي رضا الذي يبعد بنحو 14 كلم من مدينة حاسي مسعود، حيث توجد نحو ألف و200 نخلة و500 شجرة زيتون تم توزيعها في وقت سابق. ويعرف مشروع قاسي الطويل عديد العراقيل التي ساهمت في تأخر انطلاق المشاريع به، أكثرها العوائق البيروقراطية التي يجدها المستثمرون في هذا المجال عكس المناطق الأخرى كحاسي بن عبد الله والحجيرة وورقلة التي وجدت بعض الدعم من طرف السلطات المحلية، ما يستدعي إعطاء تسهيلات أكبر للمستثمرين الذين استفادوا من هذه المشاريع بذات المنطقة، وبالأخص تسهيل الإجراءات الإدارية، بالإضافة إلى توفير الدعم اللازم من الناحية المادية ومرافقة هؤلاء في مشاريعهم لإعطاء دفع أكبر فيما يخص التنمية الفلاحية بالمنطقة.