تتجه الجزائر خلال السنوات القادمة إلى الاعتماد على القطاع الخاص حسب المؤشرات الحالية، باعتباره الشريك الفعال في بناء اقتصاد وطني قويم، وهذا ما يتجلى من خلال إنشاء عديد المؤسسات على الأقل خلال 10 سنوات الأخيرة، أمام نقص الشركات في القطاع العام، إلا أن الإشكالية المطروحة هو عجز قانون العمل الحالي في تأطير وتنظيم الاتفاقيات الجماعية. تظل حقوق وواجبات العمال غامضة، بحاسي مسعود كونه مثالا يحتدى به من خلال التجربة منذ سنوات عديدة في هذا المجال، في ظل وجود المئات من الشركات الخاصة التي تشكل نسبة 80 من المائة من إجمالي الشركات العاملة بذات المنطقة بمقابل الشركات الوطنية. وأغلب هذه الشركات الخاصة تشتغل في الخدمات وتنشط في عديد المجالات، على غرار الإطعام والنظافة والإيواء والأمن، إلى غير ذلك من الخدمات التي تقدمها، كما تنشط مع عديد الشركات النفطية سواء الوطنية أو الأجنبية. وتوظف هذه الشركات آلاف العمال بعقود أغلبها محدودة، وحسب مصدر عليم بمفتشية العمل بحاسي مسعود، فأغلب القضايا المطروحة تتعلق بالنزاعات بين العمال والشركات الخاصة، علما أن هذه النزاعات تخص إنهاء العقود دون تجديدها، إلى جانب الطرد التعسفي للعمال دون وجه حق. وأهم ثغرة قانونية يلجأ إليها أصحاب هذه الشركات هي العقد الذي يتم وضعه من طرف أصاحب الشركة على مقاسهم، على اعتبار أنه يضع شروطا غير قابلة للتنازل عليها في مصلحة الطرف الضعيف، فغياب تنظيمات وقوانين تحدد بدقة كيفية تنظيم عقود العمل، وتحقيق نوع من التوازن بين العمال وصاحب العمل يؤدي في النهاية، استنادا إلى الواقع الملموس والتجارب التي أثبتت ذلك إلى الاستغلال البشع الذي تلجأ إليه الشركات وبالأخص المناولاتية والتي تنشط أغلبها بعاصمة النفط. ونظم المئات من العمال السنوات الأخيرة عشرات الاحتجاجات كلها تطالب بالحقوق وترفض هضم حقوقهم من طرف الشركات دون وجود أي توازن في منح هذه الحقوق، في حين أن أصحاب الشركات، وخلال فترة وجيزة تحولوا إلى أثرياء. وزيادة على استغلال الثغرات الموجودة في قانون العمل، أصبح هؤلاء يتحكمون في الحصول على الصفقات المبرمة مع مختلف الشركات النفطية العاملة بالمنطقة. من جهة أخرى يظل غياب التمثيل العمالي، أو تشكيل نقابات قوية تمثل الفئة العمالية من أسباب استغلال هذه الفئات البسيطة، إلى غير ذلك من الخروقات والثغرات. وأضحى أصحاب الشركات يتحكمون في نسبة 03 من المائة الموجهة للعمال ذوي الدخل البسيط نتيجة أرباح الشركة والمردودية، حيث لا تصب في أجور العمال بل أرصدة الشركات، إذ تقسم الكعكة على مسؤولين يعدون على الأصابع دون حسيب ولا رقيب. ورغم أن الشركات تمثل نسبة 60 من المائة من مجموع المؤسسات العاملة في المنطقة، إلا أن جلها لا تحترم قانون العمل وأصبح من الضروري إعادة النظر في قانون العمل الذي يضم ثغرات كثيرة، خاصة ما تعلق بالاتفاقيات الجماعية بالإضافة إلى حقوق وواجبات العمال، سواء الذين يمارسون نشاطهم في المؤسسات الخاصة أو العامة، الآن المستقبل يفرض التنافسية بين المؤسسات لتحسين الاقتصاد الوطني، علما أن الجزائر مقبلة على الدخول في اقتصاد السوق ومنظمة التجارة العالمية.