تطورت أساليب الحركات الاحتجاجية في الجزائر، ووصلت درجة تشمئز منها الأنظار، وكأن المحتج ينتقم من نفسه، فأن يتجرأ عشرات الشباب على إخاطة أفواههم والتنكيل بأجسادهم، فالأكيد أنهم يجمعون بين العنف والجرأة واليأس في وقت واحد... تطوّرت أنماط الحركات الاحتجاجية بالجزائر الرافضة للواقع الإجتماعي، فبعدما كان المحتج يلجأ لسلوكات سلمية، مثل السير جماعات في الشوارع، أو التوقف عن العمل. تحول الاحتجاج في سنوات الثمانينات تدريجيّا نحو العنف، فصاروا يخربون المحلات والمقرّات الرسمية وسرقتها. وبعد نهاية العشرية السوداء، عاودت الحركات الاحتجاجية في الظهور، بسبب غلاء الأسعار، أو لانتشار الجرائم في الأحياء، أو غياب التهيئة العمرانية، فكان السكان يحتجون بقطع الطرق وحرق العجلات، ليتطور الأمر بعد ذلك إلى أساليب احتجاج بشة، وصلت حد تعذيب وتقطيع الجسد على مرأى الجميع تقطيع الأجساد للتعبير عن آلام التهميش الاجتماعي أخذت الاحتجاجات في الجزائر، مؤخرا، منحنيات خطيرة، وصلت درجة إيذاء المُحتجّ نفسه، فكان حرق البوعزيزي التونسي نفسه الشّرارة التي وقّعت شهادة ميلاد ظاهرة "الانتحار حرقا"، فانتحر في الجزائر حرقا قرابة 3 أشخاص، منهم تلميذ أحرق نفسه في مشهد تقليد أكثر منه غضب... وتوالت عمليات الانتحار بمبرّر المشاكل الاجتماعية، فمن لم يتحصل على سكن أو عمل يرمي نفسه من جسر أو يشنق نفسه، ووصل الأمر درجة تهديد الآباء بقتل أبنائهم، أو التهديد بتفجير المنزل بقارورات الغاز. لتصبح الأمور أكثر خطورة ورُعبا، لدرجة أقدم شباب في مقتبل العمر على إخاطة أفواههم، وهو السلوك الذي ابتدعه سجين جزائري، أخاط فمه داخل زنزانته بأوكرانيا احتجاجا على وضعه، ليتكرر المشهد مع بطالي ولاية ورقلة، وتطور الأمر لتقطيع الأجساد بالخناجر، مثلما عاشته ولاية عنابة مؤخرا، أين أقدم 3 شباب تسلقوا مبنى مقر الوالي الجديد، على تمزيق أجسادهم، في مشهد مرعب، مستخدمين خناجر وأدوات حادة، احتجاجا على إقصائهم من مناصب شغل في بلدية إقامتهم بمنطقة سيدي عمار، رافعين شعار ''العمل أو الانتحار''. وسبق للولاية نفسها أن عاشت في 2011 مشهد تمزيق محتجين عن إقصائهم من السكن من حي وادي الذهب، لأجسادهم بالخناجر، حاملين شعار "السكن أو الأنتحار". وبولاية البليدة، حوّل ربّ عائلة جسده لكتلة من الدماء، مستعملا سكينا، احتجاجا على إقصائه من قائمة 150 وحدة سكنية، لإعادة إسكان نزلاء البيوت الهشة. أئمة: الإضرار بالجسد حرام مهما كانت الدوافع استنكر رئيس المجلس الوطني للأئمة، جمال غول، السلوكات الخطيرة التي صار يلجأ إليها بعض الشباب، للاحتجاج على العمل أو السكن، حيث قال في اتصال مع "الشروق"، إن المطالبة بالحقوق حق مكفول لكل مواطن جزائري، تعرض للظلم أو أقصي من العمل والسكن، لكن الاحتجاج يكون وفق ضوابط شرعية وطرق قانونية... فتخييط الأفواه وتمزيق الأجساد والانتحار، يُعتبر إضرارا بالجسد والروح التي أودعها الخالق في البشر وأستأمنه عليها، ومتى تحققت المضرة، فالحكم الشرعي لهذه الأفعال هو التحريم قطعا". ودعا غول الشباب، لعدم القنوط من رحمة الله، فمن تعسر عليه الحصول على منصب عمل أو على سكن، فليسع إلى ذلك عن طريق التوكل على الله "فيُقوي إيمانه بالصلاة والذكر والدعاء والصبر.. وسيجازى على هذا، وتُفتح في وجهه أبواب الرزق".