أعاد الباحث أنس قاسمي، جمع وإعداد المقالات التي كتبها المرحوم الشيخ الراحل عبد الحفيظ القاسمي الحسني، في مؤلف ضم 112 صفحة وسمه ب"جزائر الغد في مقالات الشيخ عبد الحفيظ القاسمي الحسني". واستعرض فيه سيرة المرحوم من خلال كونه مفكرا وكاتبا ورجل دين. الكتاب الذي كتبت تقديمه الأستاذة عواطف القاسمي، يأتي بهدف الاهتمام بالمقالات التي كتبها الشيخ عبد الحفيظ القاسمي (ولد سنة 1914 بقرية الهامل) ومرّ على ظهورها لأولّ مرة أكثر من نصف قرن، وهو ما اعتبرته سببا وجيها بالنظر إلى عمق وأصالة معالجة هذه الكتابات للمشكلة الجزائرية، حيث قدمت في مجموعها دراسة سوسيولوجية دقيقة عن المجتمع الجزائري ومعوقات انطلاقه نحو ركب الرقي الذي سبقته إليه أمم كثيرة كانت لعهد قريب بنفس مستواه أو حتّى دونه. وأشارت الكاتبة إلى أنّ المؤلف أعطى مقالاته عناية وتركيزا كبيرين، منّبها إلى ضرورة المعالجة العاجلة قبل تكبد المضاعفات القادمة، وهو ما عايشه الجيل المعاصر من خلال واقع مزر، الأمر الذي يؤكد صحة كتاباته في استشرافها للمستقبل. ولم تكتف هذه المقالات والتوضيحات برسم معاجلة واقع الأمة الجزائرية بل رسمت خارطة الطريق الواجب اتباعها للخروج من نفق التخلف الحضاري والتخبط الاجتماعي وذلك وفق رؤية علمية مؤسسة بعيدا عن الرؤى الإيديولوجية التي سيطرت على النخب آنذاك وانعكست فشلا سياسيا استمر إلى سنوات طوال. كما شكل الإصلاح الديني والتعليم والعمل نماذج من كتابات المرحوم القاسمي، بحيث استطاعت تفكيك ظاهرة التطرف الديني وحددت التعليم كمعيار أساسي لكل عملية تنموية جادة وصحيحة، إضافة إلى إبرازها الطرق السليمة لتسيير المؤسسات الاقتصادية الكبرى. وتشير المتحدثة إلى أنّ البعد التاريخي ليس الدافع الوحيد لإعادة نشر وجمع المقالات في كتاب بل لبعدها الحضاري وهو ما جعلها تفرض نفسها وتقول: "لعل في هذا الصدد يكون التساؤل مشروعا عن سبب عجز الجزائر عن الاستفادة من مفكريها".