توفي أمس المفكر والفيلسوف الجزائري عبد الله شريط عن عمر يناهز 89 عاما، حيث ووري جثمانه الثرى بمقبرة العالية بالعاصمة، بحضور شخصيات سياسية وثقافية جاءت لتودع الرجل الذي جمع بين المشارب المعرفيّة وبين حداثة الفكر، ولختار النضال الفكري والمعرفي منذ شبابه عندما كان كاتبا صحافيا في جريدة الصباح التونسية، يدافع عن القضية الجزائرية بقلمه. وقد شارك الدكتور شريط الأستاذ الجامعي في العديد من الندوات التلفزيونية رفقة المرحوم عبد المجيد مزيان، كما كان الفقيد مناضلا في الحركة الوطنية، حيث ساهم في التعريف بالقضية الوطنية الجزائرية من خلال كتاباته في الصحف التونسية إبان ثورة الفاتح نوفمبر المجيدة. كان شريط رجلا فذًّا ومناضلاً مخلصًا وأستاذا بجامعة الجزائر بعدالإستقلال، وقد زهد في المناصب الإدارية ولم تبهره بهرجة المسؤولية، بل إختار أن يكون قريبا من طلبته، يلقن ويوجه ويكتب المقالات، ينشر في الصحف، وينجز التآلف، ويكفيه فخرا أن أنجز موسوعة كاملة عن الثورة الجزائرية في الصحافة الدولية في عدة أجزاء، تفضلت وزارة المجاهدين بطبعها. وتكمن أهمية أعمال الراحل عبد الله الشريط الكاملة، في كونها تفتح نافذة فكرية على تاريخ الأفكار في الجزائر، كخطوة نحو كتابة محتملة للصراع الفكري والقضايا التي كانت تشغل بال المثقفين الجزائريين. وللفقيد مؤلفات عديدة من بينها »الأخلاق في فلسفة ابن خلدون« (1972) وكتاب »من واقع الثقافة في الجزائر« (1972) و»حوار أيديولوجي حول القضية الفلسطينية والصحراء الغربية« (1982) و»المشكلة الأيديولوجية وقضايا التعليم في الجزائر«. كما بادرت وزارة الثقافية بإصدار مجمل أعمال الفقيد في سبعة مجلدات، ضمت كل أعماله الفكرية وكتاباته الفلسفية التي تناقش أهم قضايا الجزائر والأمة العربية. وقد حضي المفكر عبدالله شريط في السنوات الأخيرة بالعديد من التكريمات نظرا لما قدمه للساحة الثقافية والفكرية بصفته باحثا في الظواهر الاجتماعية، وسياسة الدولة، وهو الذي استلهم منهجه العلمي من ابن باديس وابن خلدون ومالك بن نبي، كما كان من الأوائل الذين حذروا من التبعية الثقافية والفكرية للآخر. وأفضت شهادات الرفقاء العارفين بالراحل عبد الله شريط، إلى ضرورة استغلال مآثر هذا العلامة في حياته قبل مماته.