أثار تسريب مضمون تقرير مراقب الدولة، حول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة "الجرف الصامد"، قبل سنتين، عاصفة سياسية في إسرائيل. وحسب الإعلام الإسرائيلي، فقد تضمّن التقرير انتقادات واسعة لشكل إدارة العملية من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الأمن موشي يعلون ورئيس الأركان في حينه، الجنرال بني غانتس. وكان لافتًا للغاية، حسب موقع "رأي اليوم"، أنّ أكثر ما حظي بالاهتمام في الأوساط الإعلامية والسياسية، ما أشار إليه التقرير عن أنّ نتنياهو ويعلون لم يُطلعا بقية وزراء المجلس الوزاري الأمنيّ-السياسيّ المُصغّر (الكابينيت)، على التحذيرات من المواجهة مع حماس، ولم يجريا أكثر من نقاش واحد حول الأنفاق، وأن التقييمات التي قدّمها غانتس إلى المجلس الوزاري لم تتفق مع ما يحدث على الأرض، وأنّ أعضاء المجلس الوزاري افتقروا إلى التجربة والمعرفة المطلوبتين للتعامل مع هذه القضايا، وأنّ تضليل المجلس الوزاري أدّى إلى العمل العشوائيّ لقوات الجيش الإسرائيليّ طوال عدة أسابيع. ووصف الجهات التي اطلعت على المسودة بأن الحديث يدور عن "يوم غفران 2"، أيْ تشبيه الفضيحة بالفضيحة التي عانت منها إسرائيل الأمرّين خلال حرب العام 1973 ضدّ مصر وسورية. في ضوء ذلك، أشار العديد من المُحللين، إلى أنّه من المتوقع أنْ تدور خلال الأشهر المقبلة، معركة شعبية وسياسية حول مضمون التقرير، وتحديدًا بين الذين يدعون إلى نشر نتائجه كاملة، وآخرين يدعون إلى إبقائه طيّ الكتمان. على المستوى السياسي، أعرب يوان نتنياهو عن رفضه لمضمون التقرير، جملة وتفصيلاً، انطلاقًا من أنّ رئيس الحكومة تمّ اختياره لإدارة الدولة، بما فيها أوقات الحرب. وأضاف ديوان رئيس الوزراء أنّه تمّ خلال عملية "الجرف الصامد" عقد عشرات الجلسات للمجلس الوزاري المصغر، وهو رقم يتجاوز أي حملة أخرى في تاريخ إسرائيل. ولمح مقرّبون من نتنياهو إلى أنّ تسريب التقرير تمّ من قبل سياسيين يفتقرون إلى المسؤولية، من الأعضاء السابقين في المجلس الوزاري، والذين يزوّرون الحقيقة من أجل الاستغلال السياسي. علاوة على ذلك، وجّه المقربون من يعلون الاتهام إلى وزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان، الذي كان عضوًا في المجلس الوزاري المُصغّر خلال الحرب، مدّعين أنّه من سرّب التقرير. وقالوا إنّه لم يتم إخفاء أي شيء، وكل شيء كان على الطاولة. توجد هنا مؤامرة سياسية. إذا كان هناك وزير يدّعي أنه لم يتم إطلاعه على النقاش بشأن الأنفاق، فإنه كما يبدو تغيّب عن النقاش، أو غادر الجلسة بعد دقائق من بدايتها، كما قال المُقرّبون. بالإضافة إلى ذلك، عبّر غانتس عن أسفه أنّ مسودة تقرير المراقب وصلت إليه بعد 24 ساعة من وصولها إلى وسائل الإعلام. وقال: لقد أدرنا الجرف الصامد بشكلٍ مسؤولٍ ومتوازنٍ، بحسب تعبيره. من جهته، اعتبر ليبرمان أنّ نتنياهو ويعلون يتهربان من المسؤولية، ولا يستطيعان ضمان أمن إسرائيل، فيما قال وزير الداخلية السابق غدعون ساعر، الذي كان عضوًا في المجلس الوزاري المُصغّر خلال الحرب، إنّ حرب الخمسين يومًا في صيف 2014 كانت فاشلة بالنسبة إلى إسرائيل، والطريق إلى إصلاح الإخفاق لا يكمن في الهجوم على المراقب. أمّا رئيس المعارضة يتسحاق هرتسوغ فقال: نتنياهو زعيم شعارات. بدل الانتصار ينتقد، فلينشغلوا بالانتصار على حماس. جديرٌ بالذكر أنّ مسوّدة التقرير المصنّفة على أنّها سريّة للغاية، مكونة من 70 صفحة. وتمّ توزيع المسوّدة على نتنياهو وعلى جملة من الوزراء السّابقين والحاليّين، ممّن كانوا أعضاء في الكابينيت طيلة فترة العدوان الإسرائيليّ على غزّة، عام 2014.