ماذا سيفعل المصريون بقناة السويس؟ هل يدفنوها بعد ان شكلت عائقا مائيا بين جزئي الوطن، وجعلت الحركة من مصر الى سيناء وبالعكس مسألة مقننة وعبر جسور أو إنفاق، وكانت في الحروب السابقة خندقا صعبا يتمترس خلفه العدو؟ هل لازالت قناة السويس تحمل القيمة الإستراتيجية نفسها بعد التطور الرهيب في صناعة السفن والطائرات؟ هل تستغني القوى الدولية الكبرى عن مصالحها الحيوية التي تؤمنها قناة السويس؟ وبعد هذا كله لماذا هذه المناورات في خليج عدن تحت عنوان "القرصنة" إن لم يكن المستهدف قناة السويس؟ * نحن إزاء موضوع خطير له علاقة بالأمن القومي الاقتصادي والسياسي.. فموضوع قناة السويس كان سببا في حروب طاحنة لجهة السيطرة عليها او لمساحة صلاحيات مصر عليها.. فبعد ان شق الخديو القناة بدعم وتوجيه غربي لحل اشكالية طول المسافة التي تستغرقها حركة السفن عن رأس الرجاء الصالح، اصبحت شركة قناة السويسالغربية هي سيدة الأمر والمتحكمة في كل شؤون القناة حتى استعاد المصريون سيادتهم عليها وتطلب ذلك دماء. * الآن خرجت علينا اسرائيل بمناورات خطيرة تستهدف قناة السويس وأمن البحر الأحمر وخليج السويس، فبعد ان تمكنت اسرائيل من شراء بعض الجزر في البحر الأحمر والسيطرة على بعضها الآخر ووضعتهما تحت الاشراف المباشر للأجهزة الأمنية الاسرائيلية، ومنها تدير عملياتها الأمنية في القرن الإفريق .. جاءت عمليات القرصنة تستهدف البواخر وحركتها في خليج عدن.. والمتابع للعمليات يكتشف كم هو حجم التخطيط والقدرة والتقنية التي يستخدمها القراصنة في عملياتهم.. وهنا تصبح عمليات الملاحة محفوفة بالمخاطر، الأمر الذي يرفع تكلفة التأمين على السفن، وفي ظل حسبة التكاليف يصبح السفر عن طريق رأس الرجاء الصالح أقل تكلفة واكثر أمنا، وهكذا تكون اسرائيل وجهت ضربة اقتصادية موجعة لمصر لإبقائها في حالة ضعف استراتيجي، ومن الطبيعي ان تتأثر اسعار النفط بذلك.. هذا فضلا عن تنامي السيطرة الأمنية الاسرائيلية في البحر الأحمر. * لقد استفادت الولاياتالمتحدةالأمريكية من قناة السويس في حربها ضد العراق، هذا صحيح، ولكن مصر تستفيد ماليا من قناة السويس عدة مليارات من الدولارات، الأمر الذي يعتبر احد المداخيل الأساسية للبلد.. الآن امريكا لم تعد بحاجة في الوقت القريب لحروب كبيرة بعد ان فشلت حملتها على العرا .. وهي لذلك لن تمانع كثيرا في ارباك التنقل البحري عبر البحر الأحمر فقناة السويس. * وهكذا تصبح قضايانا كلها مترابطة.. فالصومال والقرن الافريقي وخليج عدن من صلب الأمن الإقليمي لمصر.. والمعركة هناك هي من لون المعركة في غزة وعلى جنوب لبنان.. والعدو هو هو.. فمتى نفيق !؟