توقيف 37 عنصر دعم للجماعات و4 إرهابيين يسلمون أنفسهم    الناخبون 27241 المصوتون 26231 النسبة 96.31 %    إعلامنا هل يخدم التنمية..؟!    الجامعة تمكنت من إرساء بحث علمي مرتبط بخلق الثروة    محكمة بطنجة تحكم بسنتين حبسا على الناشط القسطيط    وليد صادي متواجد منذ الاثنين الماضي بالقاهرة    الرئيس تبون يدشن مصنع تحلية مياه البحر"رأس جنات 2"    استراتيجية الجزائر في مجال تحلية المياه هدفها تحقيق الاستقلالية    الرئيس تبون لا يسعدنا إلا أن نفتخر    مؤسّسات فندقية مسترجعة بالجنوب تسمح بإنعاش السياحة    مسابقة توظيف لصالح مديرية التصديق الإلكتروني    إدانة دولية لقرار الاحتلال قطع الكهرباء عن غزة    دعم القضية الصحراوية مبدأ راسخ لدى بوليفيا    450 جريمة فرنسية بالأسلحة الكيميائية ضد الجزائريين    فتح المؤسّسات لمترشحي "البيام" و"الباك" أيام العطلة    بداري يهنّئ الطالبة لعمارة لحصولها على براءة اختراع    بيعٌ ترويجيٌّ للأسماك والمنتجات الصيدية ببومرداس    إطلاق المنصة الرقمية ل"عدل 3"    ديوان الحج والعمرة يحذّر من المعلومات المغلوطة    عطال: مباراة بوتسوانا صعبة وجاهزون لتقديم الأفضل    مدرب الموزمبيق يضبط قائمته لمبارتي أوغندا والجزائر    الشاي سيّد موائد رمضان في تندوف    الإفراط في التسوق صورة للإسراف والتبذير    تقديم 1200 وجبة يوميا وتوزيع 5 آلاف قفة و30 حملة تبرُّع بالدم    تفوُّق في سياسات الترميم والتوثيق الرقمي والتدريب    "أصوات فرنجية في الجزائر".. رواية جديدة عن بلدي الثاني    إطلاق مسابقة وطنية لأفضل لوحة تشكيلية    أولمبيك مرسيليا يصرّ على ضم حيماد عبدلي    سيناتور بوليفي يؤكد دعم القضية الصحراوية    النتائج المؤقتة لانتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة: المحكمة الدستورية تستلم ثلاثة طعون    سونلغاز تبحث مع الشركة الجزائرية للتأمين مرافقتها في مشروع المحطة الكهربائية بالنيجر    رئيس الجمهورية يشرف على تدشين مصنع تحلية مياه البحر "رأس جنات 2"    مونديال 2026 (المجموعة ال7- الجولتين ال5 و ال6) موزمبيق: توجيه الدعوة ل25 لاعبا تحسبا لمواجهتي اوغندا و الجزائر    الدورة ال14 للجمعية العامة الاستثنائية الانتخابية للكاف: رئيس الفاف بالقاهرة للمشاركة في الاشغال    انتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة: المحكمة الدستورية تشرع في استلام محاضر الفرز    الجامعة الجزائرية تمكنت من إرساء بحث علمي مرتبط بالابتكار وخلق الثروة    الفتوحات الإسلامية.. فتح الأندلس.. "الفردوس" المفقود    رمضان.. شهر التوبة والمصالحة مع الذات    أدعية لتقوية الإيمان في الشهر الفضيل    شهر رمضان بغليزان... مبادرات خيرية تجسد أسمى صور التكافل والتضامن    لازاريني: تفكيك وكالة "الأونروا" سيعمق معاناة اللاجئين الفلسطينيين    افتتاح ليالي أولاد جلال للمديح والإنشاد بمناسبة الشهر الفضيل    رابطة العالم الإسلامي تدين قرار الاحتلال الصهيوني قطع الكهرباء عن قطاع غزة    ندوة حول "مسرح علولة والبحث العلمي": إبراز جهود الباحثين في إثراء أعمال المسرحي عبد القادر علولة    إطلاق حاضنة المدرسة العليا للفنون الجميلة "آرتي"    هوان الأمة من تفرقها..!؟    النص الجديد هدفه تعزيز الشفافية والاستقرار في القطاع    ضرورة إنتاج المواد الأولية للأدوية للتقليل من الاستيراد    نزول الوحي    داربي عاصمي واعد في القبة    الدروس المحمدية من 13 إلى 21 مارس    قريبا.. إنتاج المادة الأولية للباراسيتامول بالجزائر    معسكر : افتتاح الطبعة الأولى للتظاهرة التاريخية "ثائرات الجزائر"    قويدري: التأكيد على "أهمية إنتاج المواد الأولية التي تدخل في صناعة الأدوية بالجزائر"    وقفات مع الصائمات    مستشفى مصطفى باشا يتعزّز بمصالح جديدة    دورة جيمنيكس الدولية بكندا: تتويج كايليا نمور في اختصاصي العمودين غير المتوازيين وعارضة التوازن    مجالس رمضانية في فضل الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذا الفساد الذي أخرنا بين الأمم
نشر في الشروق اليومي يوم 26 - 11 - 2008

نظمت جامعة بومرداس بحر هذا الأسبوع ملتقى علميا لمناقشة أوراق عرضها باحثون حول »الفساد« وآثاره المدمرة. يأتي هذا في ظروف تنامي ظاهرة الرشوة في المجتمع الجزائري وبعد سنتين من صدور القانون المتعلق بمكافحة هذه الآفة التي أصبحت تقترب من الخطوط الحمراء كي تعصف بأداء الاقتصاد الوطني عصفا كاملا. فماذا يعني أن يخضع الفساد لتشريح علمي في بلد لايزال يبحث عن مكان لائق بين الدول؟ وهل تكفي القوانين وحدها في مكافحة التجاوزات التي طالت مصالح المواطنين في أغلب الولايات؟
*
*
قضية وطنية إسمها الفساد
*
لا أحد منّا يتصور اقتصادا بلا تجاوزات ولا مجتمعا واحدا في العالم أثبت منذ فجر التاريخ خلوّه من آفة الرشوة ولكن أن يتطور الأمر إلى ظاهرة تمس أكثر من قطاع وتشكل جزءاً مهمّا مما يعرض على دوائر العدالة، فإن ذلك معناه فساد كبير يخلّ بالتوازن الاجتماعي ويمهد لرداءة لن تأخذ وقتا طويلا حتى حول إلى وباء لا يبقي ولا يذر. وبالفعل، تحمل الأخبار يوميا أحاديث عن حالات للفساد والرشوة مست جل القطاعات: من البنوك إلى الشركات إلى السمعي البصري إلى المطارات إلى قطاع التربية إلى الجامعات. وتكتفي الأخبار المذكورة بالقضايا التي يمكن رصدها أو تلك التي تركت قرائن دالة عليها أو التي يمكن إخضاعها للمحاسبة وتبقى القضايا الأخرى المتعلقة بالمحسوبية واستغلال النفوذ واستعمال المصالح العامة لتحقيق أغراض شخصية، تبقى هذه ظواهر يصعب رصدها مع ما تسببه من مساس بالصالح العام. لقد بات الفساد قضية وطنية لأنه يتصدر العناوين الكبرى للصحافة ولأن فضيحة القرن »الخليفة جايت« دلت على هشاشة البناء القانوني للدولة فيما له علاقة باستغلال النفوذ، ولأن قضايا الرشوة وتبديد المال العام وسوء إدارة الثروة صدر قضايا المحاكم. ولو قام جهاز إحصائي برصد ملفات الفساد لعشرية ماضية أو عشريتين مع ما تسببت فيه تلك القضايا من أضرار لربما صعق الجميع من هول النتيجة ولكن ضعف المتابعة وتداخل عوامل عدة تطوي ملفات الفساد طيّا بمجرد اكتشافها.
*
*
الفساد يتسلل للتربية والتعليم وسلك الموظفين
*
تحصي الولايات المتحدة الأمريكية حالات فساد كثيرة وقد بينت مفردات الأزمة المالية العالمية الأخيرة أن القطاع المالي في أقوى دولة في العالم ظل ولفترة طويلة مسرحا للغش في مجال التصنيف الائتماني. ولم تصل أول دولة في العالم من حيث الحكم الصالح وهي دولة النرويج إلى علامة عشرٍ من عشرٍ على سلم الفساد حسب آخر تقرير »الشفافية الدولية« ولكن لا أحد يملك الحق في محاكمة أمريكا أو النرويج مادام الفساد لم يصل إلى حدود الظاهرة ولم يتعد قطاع المال والصفقات. أما أن تطال الرشوة قطاع التعليم والجمارك وتتوسع عبر المسابقات الوطنية وتتمدد داخل قطاع التوظيف فتلك مرحلة من الفساد لا تقوى الأمم الحية على الاقتراب منها. وعندما تطال الظاهرة الدوائر التي ذكرنا فهو أذان بخراب شامل إذا لم تسارع السلطات إلى تفعيل القوانين ذات الصلة بمكافحة الفساد ونشر ثقافة النزاهة بين المسؤولين ومحاسبة الفاسدين منهم مهما علت رتبهم. تسلل ظاهرة الفساد لقطاع ظل إلى وقت قريب ينعت بالحرم وامتداد استغلال السلطة إلى بعض القائمين على إعداد الجيل معناه باختصار مشكلة قيم اجتماعية وثوابت مقدسة باتت معرضة للتفكك في مجتمع يمر بمرحلة تحول دقيقة؛ تطور لا حق لأحد التسامح معه في دولة تملك ترسانة من التشريعات في موضوع الفساد.
*
*
مكافحة الفساد والمثال الإسرائيلي
*
على الرغم من اللون العدائي الذي ماتزال اسرائيل تتقمصه في سياستها الخارجية ولا سيما ما تعلق بالقضية الفلسطينية وحصار غزة، إلا أن البناء الداخلي للدولة المحتلة يحمل الكثير من القوة في مجال المحاسبة والمساءلة والمشاركة الديمقراطية مما يتيح لها مجالا أوسع للمناورة على خارطة ميزان القوة في المنطقة. والذين يتابعون الشأن الاسرائيلي من الداخل وما تتيحه الصحافة الاسرائيلية من شفافية وتعبئة للرأي ومتابعة مصالح مواطنيها، الذين يفعلون ذلك يعلمون أن رئيس الوزراء الحالي »أولمرت« متابع قضائيا بتهمة تلقي رشوة قدرها مائة ألف دولار لتسهيل صفقة استثمار أجنبية وهو مبلغ لا قيمة له في مجال تلقي الرشوات على هذا المستوى، ولا يزال »أولمرت« يخضع للتحقيق والوقوف أمام القضاء كبقية المواطنين. وتتناول الصحافة في الكيان المحتل قضايا الفساد داخل الدولة كما تتناول صحافتنا فنون الطبخ وأخبار الفن وشؤون الرياضة وربما بجدية أكثر لأنها تكرس ثقافة المساءلة والشفافية ثم المحاسبة.
*
والحديث عن الثقافة العامة غير الحديث عن الردع القانوني لأن الأولى تجعل من المواطن طرفا في العملية الديمقراطية للحفاظ على المال العام بينما لا يبرح التشريع ساحة السلطة القضائية. ولهذا مازلنا ننوه بضرورة دعم قوانين الدولة في مجال مكافحة الرشوة واستغلال النفوذ بميثاق وطني للوقاية من الفساد يكون بمثابة مرجعية أخلاقية وفنية للجميع.
*
لقد تقدمت دول كثيرة على سلم الحكم الصالح ومنها إسرائيل غير متأثرة بسياساتها الخارجية القائمة على القوة والظلم في غالب الأحيان لأنها أقامت داخلها بناء ديمقراطيا شفافا ولكن في نفس الوقت ساء وضع عديد من الدول على سلم الشفافية الدولية ثم على خارطة التوازن الإقليمي بسبب وضعيتها الهشة أمام تنامي الفساد ولم يشفع لها في ذلك خطابها السياسي المفعم بمبادئ التعايش والسلام الدولي. ولله في خلقه شؤون.
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.