أصدقائي ما كل هذا الخراب، أصدقائي يا شهودا على هذا الدمار، أصدقائي ما كل هذا الغراب؟ أصدقائي ما كل هذا الرأسمال من القتل والتقتيل؟ وإذ يصبح الموت فرجة ماذا يقول القلم؟ جميعا أيها اليهود العرب أو العرب اليهود ماذا نقول، علينا أن نفك عقدة اللسان أمام الاغتصاب وإشاعة الخوف وتهديد الحياة كلها. * * * أصدقائي، * الصديق المبدع صموئيل شمعون، أيها العراقي العروبي البابلي، يا ابن بدايات الخلق والحضارات جميعها. * أيتها الصديقة في بعدك، في موتك الهادئ، يا "مريم بان" أيتها الجزائرية المناضلة، يا ابنة الحرية. * الصديق إدموند عمران المليح، أيها الروائي الشيخ الحكيم ابن حواري الرباط العتيق ومناهض الصهيونية في المقام الأول. * أيها الروائي ألبير ميمي، أيها التونسي المتميز والمميز يا صوت الحق الواقف ما بين المستعمر (بكسر الميم الثانية) والمستعمر (بفتحها)، أيها النجم الثاقب يا صاحب كتاب: (portrait du colonisé, portrait du colonisateur). * أيها الشاعر الجميل والوطني ألفراتي يا عاشق شارع المتنبي والرشيد يا المنسي إبراهيم عوبديا، * أيها النقابي الكبير، يا سليل الطبقة الشغيلة ولسان حالها يا أبراهم السرفاتي وأنت الذي قضيت من العمر سنينا في السجون. * يا غير هؤلاء من الكتاب والمثقفين العرب اليهود ماذا نقول للتاريخ الذي لا يرحم أمام أطفال فلسطينيين يقدمون لمحرقة أخرى، لنساء جميلات تزف لموت أعمى فتزغرد طائرات F16 الحاقدة وتبصق الدبابات المزنجرة والمزمجرة ضغائنها على الحياة، على الفرح. * أصدقائي ما كل هذا الخراب، أصدقائي يا شهودا على هذا الدمار، أصدقائي ما كل هذا الغراب؟ أصدقائي ما كل هذا الرأسمال من القتل والتقتيل؟ وإذ يصبح الموت فرجة ماذا يقول القلم؟ جميعا أيها اليهود العرب أو العرب اليهود ماذا نقول، علينا أن نفك عقدة اللسان أمام الاغتصاب وإشاعة الخوف وتهديد الحياة كلها. * ها هو الرأي العام العربي والشارع في أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية يصحو فيرفع الصوت عاليا كي يحاصر إسرائيل. * وإذ يراق الدم في الشوارع ماذا يقول المداد على الورق، ماذا يقول المثقف والكاتب والشاعر والصحفي من العرب اليهود أو اليهود العرب لا يهم؟ إذ يوزع الموت بالكثرة وبكل الأشكال والألوان على الجميع شيوخا وصبايا وصبيانا؟ إذ يفطر ويتغذى يتعشى الصهيوني على لحم أطفال في عمر البنفسج، ماذا، يا ربنا المشترك، يا صاحب الديانات السماوية جميعها، ماذا يقول المواطن العربي اليهودي أو اليهودي العربي، في الجزائر، في المغرب، في العراق، في تونس في ليبيا في اليمن في البحرين في مصر في سوريا في الصومال في السودان في كل بلاد العرب التي هي بلادهم التي فيها ولدوا وفيها يعيشون وفيها يموتون؟ * عليهم جميعا مثقفين ومواطنين يجمعنا معهم الله الذي في القلب وفي العلا على عرشه استوى، عليهم اليوم قبل غد أن يشكلوا صوتا واحدا، صوتا عاليا مسموعا لإدانة المنكر والظلم والتقتيل والاستعمار الصهيوني في بلاد الأديان فلسطين. * أصدقائي.. يا: صموئيل شمعون، ويا إدموند عمران المليح، ويا مريم بان، ويا ألبير ميمي، ويا أبراهم السرفاتي، ويا أيها الآخرون جميعا، من لم أسمهم بأسمائهم التي يختلط فيها التاريخ العربي الاسلامي واليهودي والمسيحي، ايها الأصدقاء، ها هو اليهودي المغلوب على أمره البارحة، ذاك الخارج من ذاكرة المحرقة ومن جهنم النازية، ها هو ينسى فيتحول بعد نصف قرن أو يزيد قليلا إلى صورة حداثية للنازي الجديد. * أيها الأصدقاء ها هي الضحية تخرج من جلدها لتتحول إلى القاتل، فسبحان محول الأحوال؟ ها هي ضحية البارحة تسحب الخنجر من قلبها وتغرسه في قلب غيرها. * أيها اليهود الأحرار من المثقفين والعلماء والإعلاميين ورجال الدين في بلاد الإسلام قاطبة، أيها اليهود الإيرانيون، أيها اليهود الأتراك، أيها اليهود الأفغان، والباكستانيون من اليهود، تحركوا تكلموا، اخرجوا إلى الشوارع واخرجوا في الصحف وفي المداد المبارك الذي لا يساويه سوى دم الشهداء، وفي المعابد التي اتخذها الله بيتا له، اخرجوا للدفاع عن الحرية التي هي سماؤنا وجغرافيانا جميعا دون تفريق أو إقصاء أو تهميش. * أيها اليهود في كل الجنسيات من بلاد الإسلام، بلادكم، يا سليلي ابن ميمون والسموأل صاحب اللامية: * إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه * فكل رداء يرتديه جميل * أيها... تحركوا، تجمعوا في مجموعات أو حلقات أو تكتلات لمناصرة الحق وإسقاط الظالم ومحاصرة الكافر بكل مفاهيم الديانات. * أمام هول ما يجري في شوارع غزة، أمام بسالة المقاومة في الخنادق أمام المستعمر الذي تجبر وتغول، * أمام الاجتماعات التي تعقد في الفنادق ذات السبع نجوم، اجتماعات تتوقف أو تستريح بين كأس ويسكي وآخر، كي تعطي لآل صهيون مزيدا من الوقت للتقتيل والتصفية العرقية في غزة. * أمام كل هذه المسرحية الفاسدة التي يلعب فيها الكثيرون وبلغات أجنبية متعددة وباللغة العربية بكل لهجاتها، ماذا يمكن لكاتب، لمثقف بغض النظر عن دينه ودنياه، أن يقول؟ للمثقف والصحفي والنقابي ورجل الدين من اليهود العرب أو اليهود من مواطني بلاد الإسلام، أقصد اليهود الأحرار، لهم الكثير من الأدوار التي عليهم القيام بها. * عليهم، أولا، ألا يتركوا الدين اليهودي الذي هو دين الله حكرا على شرذمة من المرضى ومصاصي الدماء وعبدة المال وتجار الدماء. عليهم أن يخرجوا في كل العواصم العربية والإسلامية لقول "لا" لهذا الإرهاب المعاصر. * أصدقائي الذين ذكرت والذين لم أذكر، الذين لا يزالون على الأرض والذين روحهم تشهد على ما يحصل، أتمنى أن تسمعوني أن تسمعوا الطفل الفلسطيني الذي يصرخ في أحلامكم حين تحطون الرأس على المخدة وتحط إسرائيل الرصاصة في رأسه المليء بالأحلام بلون الفراشات. *