العنوان قد يخدش العديد من المشاعر، ولكن نقولها صراحةً: شكراً " إسرائيل" بإبراز وجه آخر للأمة العربية والإسلامية والضمائر الحية في العالم، فالانتهاكات، والمجازر، والدمار كان خدمة "جليلة"، فالعدوان الإسرائيلي كان "هدية" لإثبات أن البكاء على أطلال "المحارق"، أكبر أكذوبة بحكم فعلتهم التي استعملوا فيها "قوة مفرطة" وأسلحة غير مرخص بها دولياً، تجاوزت أثارها محارق النازية. * شكراً "إسرائيل "على إسقاط العديد من الأقنعة العربية، فكشفت للعيان »المتآمر«، و»المتخاذل«، و»المتواطئ«، سواء كان ذلك على مستوى الأفراد، أو الجماعات والجمعيات، أو على مستوى الدول، فالصورة بدأة تتضح أكثر فأكثر. * شكراً "إسرائيل" على إعادة بوصلة القضية الفلسطينية حاضرة في الأذهان وضمائر الشعوب العربية والإسلامية بعد محاولات عديدة »لاختطاف« القضية وجعلها محل مساومات في الصالونات، والمؤتمرات والغرف المغلقة. * شكراً "إسرائيل" بجعل "غزة" المحرك الحيوي منذ النكبة سنة 1948م، وقيام دولة الكيان الإسرائيلي على إحياء الحي من الميت، فلأول مرة في التاريخ تدوم المعركة من حيث الزمان لأكثر من ستة أيام، ومن حيث المكان حرباً مع إسرائيل على الأرض الفلسطينية. ومن حيث الأشخاص تُخاض من طرف الفلسطينيين. * فالأطفال، والنساء، والجرحى، وشهداء غزة أرخوا للمسار الفلسطيني ولمرحلة جديدة من الصراع، شعارها "التحدي" و"النصر الموعود". * شكراً »اسرائيل«، على إتاحة الفرصة للمقاومة لنفي مقولة وأسطورة »الجيش الذي لا يقهر«، أصبح يضاهي عصر الدنياصورات، فانقرضت فعلاً، وأصبحت هذه المقولة اسطوانة مشروخة وغير صالحة للاستعمال، والمضحك في ذلك أن ذلك لم يكن وليد ترسانة عسكرية وتكنولوجية متقدمة، ولكن بدأت بالحجارة، وانتهت بالصواريخ الذي يحلو لبعض المتخاذلين أن يصفها ب»العبثية«..!. * شكرا »إسرائيل«، لقد أحييتِ في نفوس الأمة العربية والإسلامية العديد من القيم كنا نظن قد افتقدناها، قيم التآزر على مستوى المعمورة، وقيم المناصرة للمظلوم، كما أحييت دوراً مفقوداً سابقاً لعلماء الأمة، والذي افتقدناه في العديد من الأزمات، فجاء »العدوان« ليعيد للعلماء دورهم في النصح، والتواصل، وتوجيه الرأي العام. * شكراً »إسرائيل«، لقد كشفت عن نفسك زيف الأداء بحقوق الإنسان والقيم الإنسانية، فواحة الحرية وحقوق الإنسان المسوقة غربياً، ذهب لمعانها من خلال »الجرائم« ضد الإنسانية، والإبادة الممنهجة، والحرب، حتى بعض »المناطق في غزة« المحمية دولياً كأدوار العبادة والأعيان الثقافية لم تسلم من الغطرسة والهمجية البربرية. فعدوان غزة، جعل القضية الفلسطينية أمام معادلة جديدة في الصراع، يحكمها ميزان الردع لدى المقاومة، وتنطلق من الأراضي الفلسطينية مباشرة، وهي أرض الصراع الفعلي. * أمام هذه الإيجابيات التي تركها العدوان الإسرائيلي على غزة، يجوز لنا، بدون مجاملة، أن نقول للعدو »شكراً«، على الأقل وحّدتَ صفوف الأمة، وجعلتَ القضية الفلسطينية من أولى الأولويات، وساهمت في دحر الخيارات الاستسلامية، وكشفت العديد من الأقنعة المزيفة، وأسست لمرحلة جديدة من الصراع معك. أليس كل هذه الإيجابيات بإحياء من سباعل الأمة تستحق »الشكر«؟!!. * وعليه يجب الحفاظ على المغانم، من خلال »المناصرة« المستمرة، ف»غزة« كانت الشرارة، والاندفاع، فزيائيا، يولد العراك والحركة، فَلْنُوَاكِب حركية التاريخ ولا نستخف بدماء شهداء »غزة« الذين سقطوا من أجل رفع الذل وحفظ الكرامة للأمة العربية والإسلامية، وجميع الأحرار.. فالتاريخ لا يرحم.