"لا تمنحني سمكة وإنما علمني كيف أصطاد".. هذا المثل الصيني المليء بالعلم والعمل والذي من المفروض أن نطلبه ولو في الصين لا ينطبق على واقعنا. فنحن لا نعلّم البطالين والعمال كيف يصطادون ولا نمنحهم السمك وإنما نلقي بهم في المياه لأجل أن تبتلعهم الأسماك كما ابتلع العمال الصينيون بأدائهم العمال الجزائريين.لو تصفحنا الأحداث البارزة في يوميات الجزائريين لتأكدنا أن البطالين هم صناع الحدث لوحدهم حتى وإن كان الحدث مأساويا، فهم الذين يثورون ويقطعون الطرقات وهم الذين ينتحرون ويرمون بأجسادهم في البحار ورؤوسهم للمشانق ويروّجون ويتعاطون المخدرات، وهم الذين يزيّنون الشوارع ويؤنِسون حيطانهم وهم الذين يملؤون السجون والحانات وملاعب الكرة ويصنعون أفراحها وأقراحها، أما العمال الذين من المفروض أن يمدوا أيديهم لهؤلاء البطالين فهم منشغلون بمرتباتهم الهزيلة، ولم يحدث وأن صنعوا الحدث في يوميات الجزائريين، فعمال التربية والتعليم يعجزون عن صنع عبقري واحد تفتخر به الجزائر وتنافس به على جوائز نوبل في مختلف العلوم، وعمال المصانع يعجزون عن صنع عجلة واحدة في محركات اقتصادنا، وعمال الفلاحة يعجزون عن فك عقدتنا مع البطاطا والثوم والبصل، وعمال الصحة يعجزون عن إقامة حاجز في وجه زحف مختلف الأمراض العصرية والمنقرضة، ورجال الأعمال يعجزون عن دخول عالم التصدير ويكتفون باستيراد الشيفون والخردة، وعمال المالية يعجزون عن إنجاز بورصة أو بنك ويتركون العملة الصعبة تسبح في السهولة بين أيدي البطالين.أليس من الأفضل إقامة اتحاد عام للبطالين الجزائريين ماداموا هم صنّاع الحدث؟ حتى وإن كان احتفالهم يجب أن يعم طوال السنة ماداموا يمارسون (بطالتهم) ليل نهار وعلى مدار العام كله.في كل دول العالم العمال هم الذين يمدّون أيديهم للبطالين بأن يفتحوا لهم أبواب العمل بإيداعهم لمناصب جديدة إلا عندنا فالبطال هو المغيث الوحيد للعامل فهو الذي يبيعه الخبز في الشارع والعملة الصعبة في الأسواق السوداء ويرسم له الطريق لأجل أن يخرج من عالم العمل.