نقلت المجلة الأسبوعية الفرنسية "الأكسبريس" حفلا كبيرا نظم من طرف مجلس المؤسسات اليهودية بفرنسا (crif) وحضره جمع غفير من الشخصيات الدينية والسياسية وممثلي المجتمع المدني. * يتقدمهم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ووزيره الأول إضافة إلى رئيس المجلس اليهودي ريشارد براسكي، وجاء تنظيم هذا الحفل الذي يعتبر تقليدا سنويا بهدف الوقوف ضد ما يسمى بمعاداة السامية. * سيما في المدة الأخيرة التي تزامنت مع اجتياح قطاع غزة الذي أدى إلى قتل أزيد من 1300 مدني أغلبهم من الأطفال والنساء والعجزة. * والمثير في حفل مجلس يهود فرنسا أن من بين الذين حضروا فيه من باب التضامن ومساندة اليهود ضد أعدائهم (!؟) عميد مسجد باريس دليل بوبكر الذي بدا فرحا ومبتسما بهذا الموقف المخزي والمقرف في ذات الوقت، وكان من الأولى به أن يقف إلى جنب الأمينة العامة للحزب الشيوعي الفرنسي ماري جورج بوفي التي شاركت بقوة في شهر جانفي ضمن عدة تظاهرات احتجاجية ضد الإجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة. وما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق أن رئيس مجلس يهود فرنسا براسكي أعلن أثناءل إلقائه لكلمة خلال الحفل على أن موجة معاداة السامية قد عادت إلى الواجهة بقوة، حيث وقعت حسبه 352 عملية معادية للسامية من كل نوع هذا في شهر جانفي من العام 2009 ويمكن المقارنة مع سنتي 2007 و2008 الذي سجل فيهما وقوع 460 عملية ضد السامية لها علاقة مباشرة بأحداث الشرق الأوسط، وتحديدا عملية اجتياح غزة التي تعاطف مع ضحاياها الفلسطينيين أغلب شعوب العالم الذين استنكروا قتل الأبرياء وتهديم المساكن ومئات المساجد والمدارس بمن فيها، ولم تسلم من ذلك حتى المستشفيات والمقابر ودور الحضانة، وقد تناقلت القنوات التلفزيونية العالمية صورا بشعة وفظيعة عكست على المباشر مدى الحقد والغل الصهيوني الذي يقف الآن الشيخ دليل بوبكر إلى جواره ضد كل من يعلن العداوة ضده، وهو لا يدري بأنه بهذا الموقف الشائن يخون مبادئه وانتماءه وجذوره وكل ما يمثله، دينيا ووطنيا وسياسيا وحتى إنسانيا، على اعتبار أن مجلس اليهود الفرنسيين الذي يتباكى اليوم ضد موجة العداوة المتنامية بفرنسا حيال كل ماهو يهودي يتناسى بأن كل ذلك نتيجة منطقية لما صنعته الأيادي الآثمة لدولة الكيان الصهيوني التي يدعمونها بالمال والسند المعنوي. وسنتذكر ضمن هذا السياق موقف المغني القسنطيني اليهودي أنريكو ماسياس الذي شارك في مظاهرة موالية لإسرائيل أمام السفارة التابعة لهذا الكيان بفرنسا، الأمر الذي دفع بكثير من عشاق أغانيه بعدة مدن في العالم بما فيها قسنطينة إلى احتقاره واكتشاف مدى نفاقه وازدواجيته وإنسانيته المزيفة.. * * مسجد باريس لم يندد بالإساءات اليهودية للمسلمين * تزامن حضور دليل بوبكر الحفل التضامني مع اليهود ضد "أعدائهم" مع اشتداد التنديد من أطراف مسيحية وإسلامية ضد القناة التلفزيونية العاشرة الإسرائيلية، التي قدمت صورا متحركة أساءت لخاتم الأنبياء وللنبي عيسى عليه السلام وأمه البتول، وهو التنديد الذي صدر من مرجعيات كثيرة في العالم الاسلامي بمذهبيه السني والشيعي، في الوقت الذي التزم مسجد باريس الصمت بحجة أنه يرفض الخوض في السياسة، رغم أن حضور دليل بوبكر الحفل السنوي هو موقف سياسي مادام الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي حضر هذا الحفل، وكانت المظاهرات التي شهدتها باريس خلال العدوان الاسرائيلي على غزة قد افتقدت (فعالية) مسجد باريس الذي ظل يتضامن مع الأطفال ويطلب توقيف الهجوم دون التنديد القوي بالجرائم، عكس الوقوف اللافت ليهود فرنسا مع إسرائيل، حيث أقاموا عدة تظاهرات ومظاهرات حاولت نقل التهمة للجانب الفلسطيني، بينما اكتفى مسجد باريس بما يسميه عميده دليل بوبكر بإبانة الوجه المتسامح للدين الإسلامي.. وقد حاولنا نهار أمس، الإتصال بدليل بوبكر، لكن تعذر علينا بعد تغييره لرقم هاتفه النقال من أجل التعليق على تواجده في هذه الحفلة اليهودية في هذا التوقيت الحرج. * * مسجد باريس يرد : لم نحضر حفلا دينيا ونددنا بالعدوان على غزة * اتصلت الشروق زوال أمس بمسجد باريس حيث ردت علينا مصلحة الإتصال والإعلام بذات المسجد ودافعت عن عميدها دليل بوبكر، إذ أوضحت أن حضوره لم يكن في حفل ديني كما حاولت بعض الصحف الفرنسية إيهام قرائها، كما أشارت إلى حضور محمد موساوي رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية إضافة إلى سفير مصر بباريس وعدد من الدبلوماسيين ورجال الأعمال والحكومة الفرنسية. واعتبرت استجابة دليل بوبكر للدعوة ذات (طابع شعبي) لتناول وجبة عشاء وإبراز تسامح المسلمين، وأشارت إلى العلاقات الجيدة التي تجمع مسجد باريس بكل الفعاليات المعترف بها ومنها CRIF مجلس المؤسسات اليهودية بفرنسا، حيث يتبادلون الآراء، وذكرت ببيانات التنديد التي قالت إنها كانت كثيرة خلال العدوان على غزة.