"من هو الرابح ومن هو الخاسر فيكم"، هكذا يخاطب محمود سليم في مسرحية إبراهيم دنينوس (نزاهة المشتاق وغصة العشاق في مدينة طرياق في العراق) الصادرة في الجزائر عام 1847... * وهو أول نص أهمله المؤرخون للمسرح العربي، ربما لأن صاحبه ليس من أصول عربية، والقصة تقول كما وردت في بداية المسرحية إن "نَعْمَة بنتْ قايدْ واحدْ الوَطَنْ في العراقْ نَعْمَانْ بَنْ عَمَّها شقيقْ زوجتُه في حياةْ أبوها كيف ماتْ أبوها نعمانْ رَجَلْهَا تولَّع بالسفر ورجع رئيس مْتَاع واحدْ القُرصانْ في خدمة الباشا«، وما دام السر مكتوما، وأنه، كما ورد، في المسرحية" »لا يكتم السر إلا كل ثقة، والسر عند خيار الناس مكتوب، سرّكم عندي في بيت له غلاق ضاعت مفاتحه والباب مختوم« ولعل هذا ما يدفعني إلى عدم التعليق على ملفات المترشحين الذين رفضوا، أو الذين قبلت ملفاتهم، لسبب واحد وهو عدم إحساس المشرع الجزائري بالمسؤولية الملقاة على عاتقه، بحيث أنه لا يعاقب المترشح الذي يستهتر بالقوانين حتى يسجل اسمه في سجل المترشحين، ولا يعاقب المواطن الذي يوقع لأكثر من مرشح (مقابل مئات الدينارات). * المؤكد أن الخاسر في دفع »البوابين« و»الفاشلين« إلى احتلال وسائل الإعلام الوطنية هو غياب القانون. * حين سئل أحد المفكرين العرب: لماذا تلفزيونات الوطن العربي مملوءة بالحديث والتشييد بالإنتاج الوطني، بينما ثلاجات المواطنين فارغة، رد بسخرية: ضعوا الهوائيات فوق الثلاجات فربما تمتلئ بالكلام، ولكنه لم يتحدث عمن لا يملك ثلاجة في بيته. * تذكرت ذلك حين سمعت أحد المرشحين للرئاسيات يبتدع مثلا شعبيا وهو »شاوي وطاح في مقروط«، وخوفا من أن تكون نتائجه سلبية، تحركت لجنة مساندته وكلفت عائلات بصنع 10 آلاف »مقروطة« على أن تكون في 50 صينية لمن يشاركون في مهرجان شعبي لصالح المترشح. * ولكن من تكلفوا بهذه المهمة لم يسألوا أنفسهم: من هم في حاجة إلى الأكل ومن هم في حاجة إلى الاستماع إلى صاحب الحملة الانتخابية. * لو قرأ مسرحية ابراهيم دنينوس لربما عزفوا عن الأكل، ولو أدركوا أن الحملة الانتخابية عادت بالفائدة على المنظومة التربوية، بحيث قدمت العطلة للتزامن مع الحملة. وتمنيت لو أن تذكرة الوجبة الكاملة للطالب وهي (1.20 دينار) تتحول إلى تذكرة صالحة للسفر في الحافلات العمومية حتى يدرك المواطن بأن الجامعة ما تزال تعيش ب (الدينار الرمزي * والحق يقال إن أحد رجال الأعمال تقدم بطلب لدعم حملة أحد المرشحين لرئاسيات 2004، ولم يتلق الرد إلا في رئاسيات 2009، حيث طلب منه التكفل بدعم المرشح المقترح على مستوى الولاية. والمفارقة أن الولاية مشهورة بأكلة شعبية تطبخ ب (لحم الأرانب المدجنة)، ولا أدري كيف يمكن أن يتعامل مرشحه مع هذه الأكلة الشعبية. * ماذا لو أن رجال الأعمال في بلادنا يتقدمون بطلبات لتمويل الحملة الرئاسي لعام 2014 فربما تقبل يومئذ طلباتهم، عوض الانتظار في الصف الأخير. * * رئيسان وستة موظفين برتبة رئيس! * * من يتأمل مسيرة الجزائر منذ 1962 لغاية الآن يجد فيها ثمانية رؤساء تداولوا على الحكم، وهناك شبه اعتقاد لدى المتتبعين للشأن الجزائري بأن رئيسين فقط، أَعدا نفسيهما للمنصب، أما البقية فالواقع هو الذي فرضهم، ولم يفرضوا أنفسهم عليه. فالرئيس هواري بومدين عين أحمد بن بلة رئيسا، بعد أن أطاح بحكومة بن يوسف بن خدة، وعيّن نفسه بعد أن أعاد الرئيس إلى السجن وحمل شعار »الرجل المناسب في المكان المناسب« وبعده صار المرحوم رابح بيطاط رئيسا لمدة 45 يوما، لأن من اغتالوا بومدين لم يحضروا لخلافته. وباعتبار أن السلطة كانت في يدي المرحوم قاصدي مرباح فقد عينه رئيسا، إلا أن من رفضوا أن تتحول الجزائر إلى »بازار« أقالوه، وسمّوها استقالة، وجاؤوا بالعدو اللذوذ للرئيس السابق أحمد بن بلة، ليبلغوه رسالة مهمة لمن يفكر في الرئاسة دون الإعداد لها، واستشهد محمد بوضياف، بأسلحة من جاؤوا به إلى السلطة وخلفه العقيد علي كافي، ثم اليمين زروال الذي كان عهده رمزا للمجازر واغتيال من بدؤوا المصالحة الوطنية في السر، وفي مقدمتهم قاصدي مرباح. ومثلما ترك الشاذلي بن جديد »سفينة الجزائر« تغرق في (عباب البحر)، ها هو اليامين زروال يعجز عن نقلها إلى بر الأمان. * وخلال هذه الفترة كان بوتفليقة يستعد لاستلام القيادة، بعد أن فر ثالثهم وسادسهم اختفى * وليس صدفة أن يكون بوتفليقة الرقم السابع في قائمة الرؤساء، فقد أعد نفسه لهذا المنصب. * ولهذا، فالجزائر شهدت رئيسين وخمسة موظفين، اختلفوا في حبهم للوطن، وبقي الرئيس السابع في الطريق * وربما يستغرب البعض حين أتساءل: من يكون الرئيس الثامن؟ * من يقرأ تراث بني العباس يكتشف أن هناك شعراء اغتيلوا، بسبب أنهم تعرضوا للملك الثامن، فالمرحوم دعبل الخزاعي كان عمره 90 سنة حين تم إلقاء القبض عليه، وكان يحمل معه وهو ينتقل من منطقة لأخرى لوحا، وحين سئل: لماذا يفعل ذلك: قال »عندي 90 سنة وأنا أحمل لوحا للصلب فلم أجد رجلا يصلبني عليه«. * وحين أراد أحد الصحفيين الجزائريين أن يتحدث عن أحد إطارات جبهة التحرير الوطني، وتم نقله إلى السجن، كان الرئيس الخامس أول من يتدخل لإطلاق سراح أول صحفي يسجن في عهده. * وهذا يعني أن هناك أرقاما مقدمة لدى بعض الشعوب وفي الديانات السماوية، وربما رقم خمسة هو الرقم المرشح للرئاسيات. فمن سيكون الرقم الخامس وهناك ستة مترشحين. إنه يشبه ذلك اللغز الذي يتداوله التلاميذ في المدارس، وهو أن هناك 21 مقعدا، والضيوف »عشرون وست« فكيف يجلسون جميعهم على المقاعد. * تقول معتقدات شعب المايا بأن الآلهة لم يكونوا راضين عن محاولتهم الأربع الأولى في خلق الكائنات البشرية، وأنهم كانوا يمارسون التدمير، ويقول جون ماكليش في كتابه (العدد من الحضارات القديمة حتى الكمبيوتر) بأن يوم 24 ديسمبر 2011 سيكون تاريخ تحطيم العالم ثانية * ونقول مع الأمثال الشعبية المنقرضة »شخص واحد يكفي، اثنان شراكة، ثلاثة شعب«. * ويبدو لي أن الحملة الانتخابية لرئاسيات 2009 ستكون »حرب ألوان« فأي لون سيستقطب الشباب يا ترى الأزرق أم الأحمر أم الأخضر أم البرتقالي؟ * المؤكد أن دولا في أوروبا الشرقية والمشرق العربي غيرت نظام الحكم عبر الدفاع عن الألوان التي تحملها.