ظاهرة الحراقة أهم واجهة للوضع الاجتماعي تتجه أغلب التحاليل إلى أن الطريق مستقبلا لن يكون مفروشا بالورود كما كانت العهدتين الأولى والثانية، حسب الخبراء والمتتبعين، بسبب الأزمة المالية العالمية التي ألقت بظلالها على الاقتصاد الجزائري المرتبط بشكل وثيق بصادرات المحروقات. * ويعلق الشباب الذين طحنتهم البطالة ودفعت بهم إلى الفرار في قوارب الموت نحو الشواطئ الجنوبية لأوروبا، آمالا كبيرة على الوعود التي أطلقها المتسابقون نحو قصر الرئاسة، لكن الأزمة المالية العالمية التي هوت بأسعار النفط إلى مستويات متواضعة، ستزيد من عمق الهوة بين تحقيق أحلام أؤلئك الشباب في الحصول على وظيفة وسكن والواقع المعاش. * وتشير المعطيات الرسمية إلى أن نسبة البطالة في الجزائر نزلت من 28٪ سنة 2000 إلى 11.3٪ نهاية 2008، لكن صندوق النقد الدولي وهيئات دولية محايدة تذهب إلى القول إن نسبة البطالة الحقيقية في الجزائر لا يمكن أن تقل عن 20٪، وهي النسبة التي تصل إلى 30٪ في أوساط الشباب أقل من 30 سنة. * وقال الخبير الاقتصادي عبد الرحمان مبتول في تصريح ل "الشروق اليومي"، إن "أخطر ما يهدد السياسات الاقتصادية للحكومة الجزائرية هو غياب رؤية وموقف واضحين تجاه الأزمة المالية العالمية". * وأوضح مبتول أن "التهرب من الحقيقة لا يجدي نفعا، لأن الإنفاق بالوتيرة الحالية ومع برميل النفط في حدود 50 دولارا للبرميل سيدفع بالجزائر إلى مشاكل في الميزانية بداية من سنة 2011"، مضيفا أن "الحكومة تهون من الانعكاسات الخطيرة للأزمة على الاقتصاد الجزائري، في حين أن الجزائر معرضة للأزمة بطريقة غير مباشرة عن طريق أسعار البترول المتهاوية". * وأوضح مبتول أن "المسألة أبعد مما تتصوره الحكومة الجزائرية، لأن مصيبة الاقتصاد الجزائري تكمن البيروقراطية وانتشار ظاهرة الرشوة وعدم استقرار الإطار القانوني، ونظام مالي مترهل ومنفصل عن المنظومة المالية العالمية، فضلا عن عدم مصداقية نظام المعلومات الاقتصادي"، مشددا على أن ما ينتظر إنجازه خلال السنوات القادمة في مجال السكن والصحة والأشغال العمومية والسياحة والفلاحة وتكنولوجيا الإعلام والاتصال والنقل، يتطلب مبالغ كبيرة جدا لم يعد بالإمكان توفيرها في ظل الأزمة، إلا إذا تم اللجوء مباشرة إلى احتياطات الصرف التي تراكمت خلال العشرية السابقة. * وتوقع مبتول تراجعا قياسيا في مستوى احتياطي الصرف خلال الأعوام الخمسة القادمة، وعجزا في الميزانية، لأن مستوى الصادرات لن يمكن الحكومة من تغطية الواردات السنوية التي ستواصل ارتفاعها من سنة إلى أخرى بعد أن ناهزت 40 مليار دولار السنة الماضية. * ولم يشفع توقيع اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي في ابريل 2002 بمدينة "فالانسيا" الاسبانية، ودخوله حيز التطبيق في سبتمبر 2005 للجزائر من إيجاد الطريق الذي يقود إلى اندماج الجزائر في التكتلات الاقتصادية، بل حول الاتفاق، الجزائر، إلى مجرد سوق لفائض السلع والخدمات ل 27 دولة أوروبية، وأصبح الاتحاد الأوروبي يسيطر على 53٪ من واردات الجزائر السنوية التي ناهزت السنة الفارطة 40 مليار دولار. وهو ما دفع بالرئيس الجزائري المنتهية ولايته إلى إصدار قرار ينص على تسريع الدخول إلى المنطقة العربية للتبادل الحر بداية السنة الجارية على الرغم من المقاومة القوية من بعض تنظيمات أصحاب الأعمال وفي مقدمتهم منتدى رؤساء المؤسسات الذي يعتبر أهم تنظيم لقطاع الأعمال في الجزائر. *