الأوراق الملغاة كانت أكبر منافس للرئيس أظهرت النتائج المعلنة أن المترشحين الخمسة الذين شاركوا في الانتخابات الرئاسية لم يكونوا في مستوى منافسة الرئيس بوتفليقة. * * وأن حزبا بديلا للطبقة السياسية بشقيها المشارك والمقاطع قد كرس نفسه كقوة سياسية ثابتة، وغير قابلة للتطويع والانقياد، مليون ونصف مليون ناخب جزائري ذهبوا كلهم إلى صناديق الاقتراع وعبروا عن قناعتهم السياسية بالأوراق الملغاة. * خمسة مترشحين تساندهم أحزابهم وبدعم خاص طرف الدولة بالأموال والإعلام، ملأ ضجيجهم الدنيا على مدار 21 يوما، زاروا المداشر والقرى وأطلقوا الوعود، وبشروا الجزائريين بانتخابات مشابهة لما يحدث في كل ديمقراطيات العالم، فهذا يقول أنا المنافس الوحيد لبوتفليقة، والآخر يضرب موعدا للجزائريين في الدور الثاني.. لكن النتيجة كانت عكس ما توقعه الجميع، فالمترشحون الخمسة مجتمعون لم يحصلوا على مليون ونصف مليون صوت، كما فعل حزب الأوراق الملغاة. * إن الذين اختاروا التصويت الأبيض، أرادوا توجيه رسالة قوية للجميع، فهم من جهة فضلوا عدم الاستجابة لدعوات المقاطعة، قاطعين الطريق أمام كل القراءات التي تعطى في حال إحجام الناس عن التصويت لتصب لصالح تيار سياسي معين، ومن جهة أخرى وجهوا رسالة قوية للأحزاب والمنظمات والجمعيات الحقيقية منها والصورية، هؤلاء الذين تنازلوا عن أفكارهم ورؤاهم وبرامجهم، وعوضوها بأفكار وبرنامج الرئيس، فإذا سئل واحد من هذه الأحزاب "ما برنامجك؟" يقول "إن برنامجي هو برنامج الرئيس"، ولا حول ولا قوة إلا بالله. * وليست المرة الأولى التي تسجل فيها الانتخابات ظاهرة الأصوات الملغاة، وإنما المتأمل للمواعيد الانتخابية السابقة يلحظ أن الظاهرة في تزايد مستمر، وأن عدد المنخرطين في هذا الحزب يتضاعف تدريجيا، وقد يأتي اليوم الذي يتربع فيه على المرتبة الأولى، لذلك فلا بد من أخذ الظاهرة بعين الاعتبار، لأنها هي التي كسرت التوجه الجارف لنتائج الانتخابات التي عادت بنا إلى عهد الأحادية. * قد تتعدد مضامين الرسائل التي حملتها الأصوات الملغاة، لكن الموقف الذي حملته واضحا، وهو رفض ما هو موجود في الساحة السياسية بطريقة ظريفة دون التخلي عن الحق الانتخابي، وهو تعبير أقوى من عدم الذهاب إلى صناديق الاقتراع، ذلك أن لا أحد يستطيع تبني أصوات 5 ملايين جزائري تخلفوا عن الانتخابات وفق أرقام وزارة الداخلية، لأن الأسباب التي منعتهم من التوجه إلى صناديق الاقتراع كثيرة ومتنوعة ولا تصب كلها في الاستجابة لنداءات المقاطعين. * ولا يمكن بحال اعتبار كثرة الأصوات الملغاة ظاهرة صحية، بل هي أصدق تعبير على أن الممارسة الديمقراطية لازالت موبوءة في الجزائر، وإلا فما السبب الذي يدفع مليون ونصف مليون جزائري إلى إلغاء أصواتهم بهذه الطريقة بعد أن تحملوا عناء الانتقال إلى مكاتب التصويت!!!