الكلام الكثير، والثرثرة الزائدة هذه الأيام بخصوص حفل زفاف المغنية هيفاء وهبي تعدّى حدود كل كلام وكل ثرثرة سابقة أو لاحقة، وكأنّ العرب جميعا لم يعد يهمهم في الظرف الراهن، إلا عيون هيفاء.. * وفستان الزفاف الذي ستلبسه هيفاء، وعدد الطائرات التي ستنقل ضيوف هيفاء، أكثر حتى من اهتمامهم بضياع العراق وانقسام الفلسطينيين وتهويد القدس، وقرصنة الصومال، وتهديد المقاومة من طرف الأنظمة الرسمية مثل فبركة النظام المصري مؤخرا لقصة حزب الله في القاهرة؟! * ومن المضحكات المبكيات في عالمنا العربي أيضا، أنه وقبل فترة قصيرة، قيل أن هيفاء وهبي نفسها ستترشح للبرلمان اللبناني، فتهكّم البعض على النواب والزعامات المشتتة في بيروت، قائلين أن فرائسهم ارتعدت خوفا من انقلاب الشائعة إلى حقيقة، ومن أن تفعلها هيفاء حقا؟! لعلمهم ربما أن حزب هيفا أكثر شعبية من أي حزب عربي موجود، سواء كان قديما أو معاصرا، اشتراكيا كان أو علمانيا أو حتى إسلاميا، ولكم أن تتصوروا انتخابات تدخلها هيفاء بحزبها الجماهيري الواسع خصوصا إذا جعلت لحملتها الانتخابية شعارا جذابا مثل "بوس الواوا" أو "رجب حوش صاحبك عني، صاحبك جنّني"؟! * قصة هيفاء تشبه أيضا ركض الجامعة العربية لعقد اجتماع طارئ حول أنفلونزا الخنازير، في سرعة تحسدنا عليها الأمم الأخرى، فحتى الأوربيين والأمريكان لم يفكروا بعد في عقد لقاءات رسمية وعلى أعلى مستوى لمناقشة هذا الوضع الصحي الخطير، لا بل إن اجتماع العرب حول انفلونزا الخنازير، كان أسرع من اجتماعهم للرد على مذبحة غزة أو حتى شجبها، وقصة القمة والمشاركين فيها والمنسحبين، رواها كما تذكرون، وبالتفصيل أمير قطر وختمها بمقولة تصح على الجميع حين قال... حسبنا الله ونعم الوكيل؟! * العرب يجتمعون حول الخنازير ويتفرقون بخصوص غزة والعراق والصومال، يمجدون هيفاء وهبي ويتهمون حسن نصر الله بالخيانة العظمى، رغم أن المغنية اللبنانية نفسها تمنت يوما أن تكون فدائية من فدائيات المقاومة، وهي إن قالت ذلك زورا وبهتانا أو لضرورة ما، فان كثيرا من العرب الرسميين وغير الرسميين، خافوا أو عجزوا أو وهنوا عن قولها والبوح بها، لا بل إن بعضهم اليوم يحاكم المقاومة بتهمة المقاولة، رغم أنهم مقاولون منذ عرفناهم ومحترفون للدعارة السياسية والأمنية منذ أُصبنا بداء حكمهم؟! * خلال العدوان على غزة، خرج الجميع للشارع هاتفين ومنددين ومتهمين الحكومة الإسرائيلية بممارسة الإرهاب والتقتيل بحق المدنيين، حتى عاهرات أوربا خرجن في مظاهرة حاشدة في السويد، رافعات لشعار "أنقذوا أطفال غزة من آلة القتل الإسرائيلية".. اليوم وبعد ثلاثة أشهر من انتهاء الحرب وبقاء آثارها المدمرة، لابد أن نعتذر لعاهرات السويد وأوربا جمعاء، فهن على الأقل كنّ أكثر شرفا، حتى من بعض "العرب المنتفخين شرفا" بالباطل؟!