علمت "الشروق" من مصادر قضائية أنه تم منذ تاريخ دخول قانون الإجراءات المدنية حيز التنفيذ الأسبوع الماضي تعيين 77 وسيطا قضائيا في 77 قضية محل نزاع في العدالة على مستوى مختلف المحاكم عبر أنحاء الوطن، وذلك في ظرف خمس أيام من العمل بالإجراءات الجديدة التي تضمنها قانون الإجراءات المدنية. * * * * الوثائق البنكية، الفواتير والمعاملات التجارية ستخضع للترجمة في المحاكم * * وحسب مصادر "الشروق" فإن هذا الرقم يدلّ على أن المواطنين قد تقبلوا فكرة اللجوء إلى الطرق البديلة التي استحدثها قانون الإجراءات الإدارية والمدنية لفض النزاعات باعتباره متشبثا بمبدأ الحل الودي للنزاع، خاصة وأن تعيين الوسيط القضائي متوقف على قبول الأطراف به وليس إجراء تلقائيا، خاصة وأن المواطن الجزائري كلما أتيحت له الفرصة إلا وتمسك بعادات وتقاليد المجتمع وأن القانون الجديد جاء لرد الإعتبار لهذه التقاليد التي تتضمن فيما تتضمنه حل النزاعات العائلية والنزاعات بين أفراد "الدشرة" أو بين سكان القرية الواحدة عن طريق مجالس صلح يترأسها أعيان وأشراف القرية أو الدشرة مثلما كان معمول به في عديد من مناطق عبر الوطن، وهي الطريقة التي اشتقت منها طريقة الوسطاء القضائيين، حيث تم إسقاط ذلك على المحاكم لحل النزاعات المحالة على العدالة عن طريق الحلول الودية بالتراضي بين الأطراف المتنازعة، علىتقبل هذه الأطراف، اللجوء إلى طريقة تسوية النزاع وديا عن طريق الوسطاء القضائيين ولا يتم فرضه عليهم فرضا. * وسجل رجال القانون الذين تحدثت إليهم "الشروق" وجود عراقيل في القانون تتعلق بمنع المحامي من استخراج الصيغة التنفيذية للأحكام والقرارات القضائية، إلا بوكالة خاصة من موكله، هذه الأخيرة التي تكون بمقابل مالي لأنها تحرر عند الموثقين، ما يعني إضافة المزيد من الأتعاب والمشاق للمتقاضي، عكس قانون الإجراءات المدنية المعمول به سابقا والذيكان يعطي للمحامي حق استخراج الأحكام والقرارات مشفوعة بالصيغة التنفيذية، دونما حاجة إلى وكالة رسمية من الموكل. * وقال النقيب السابق في نقابة المحامين بالعاصمة ونائب رئيس الإتحاد الوطني للمحامين سابقا المحامي محمد عبلاوي المعتمد لدى المحكمة العليا في تصريح ل"الشروق" أن اعتماد طريقة الوساطة والصلح والتحكيم في فض النزاعات بالتراضي أمام العدالة سيخفض ضغط الملفات على القضاة، كما أنه يضمن سرية المعلومات الخاصة بالقضية خاصة في المسائل التجاريةوالإقتصادية، بدلا من الجلسات العلنية التي يحضرها المواطنون وتنكشف فيها كل الملفات. * وأوضح الأستاذ عبلاوي أن فرض استعمال الوثائق باللغة العربية في المحاكم سوف ينعكس على المواطنين المتنازعين أمام العدالة لأن صاحب الدعوى هو الذي سيدفع تكاليف ترجمة الوثائق المستعملة في قضيته، ومن ثم فإن الأعباء المالية ستتضاعف بالنسبة للمتقاضين، وكل من له وثائق بالفرنسية أو بالإنجليزية أو بأي لغة أخرى عليه أن يترجمها قبل أن يسلمها للعدالة، مضيفا أن هذا الإشكال غير مطروح بكثرة بالنسبة للعقود التي توقع عند الموثقين كعقود البيع والشراء والإيجار، أو عند البلديات كعقود الزواج لأنها كلها تحرر باللغة العربية بالإشكال يطرح بالنسبة لعقود الصفقات بينالشركات والإتفاقيات مع الشركات الأجنبية، والمعاملات التجارية، والفواتير، والوثائق البنكية، ومختلف المحرراتالمصرفية، كلها يجب أن تترجم للغلة العربية. * وأضاف عبلاوي أن "نقص المترجمين الرسميين في المحاكم سيطرح صعوبات بالنسبة للمتنازعين الذين يجدون أنفسهم ملزمين بترجمة كل الشهادات والوثائق والعقود والفواتير التي يحتاجونها في القضايا، ويشترط أن تكون الترجمة رسمية ومختومة وليس أي مترجم يمكنه أن يترجم هذه الوثائق، بل لابد أن تتم من طرف مترجمين معتمدين من وزارة العدل"، مضيفا "هناك عقود وأوراق كثيرة تتطلب الترجمة، وهو ما يستغرق وقتا، لأن عدد المترجمين في المحاكم قليل جدا، غير أن الإجراء في حد ذاته إيجابي لأن كل الدول تعمل بلغتها الرسمية الوطنية"، في انتظار توظيف مترجمين جدد من حاملي شهادات الترجمة، حيث أعلنت الوزارة عن مسابقة وطنية لتوظيف مترجمين جدد، وأكدت أن عدد المناصب المتوفر يقدر بحوالي 170 منصب مالي، في حين أن عدد المترجمين المتوفرين حاليا عبر الوطن يقدر ب 80 مترجما فقط، ومن ثم سيرتفع عدد المترجمين إلى 250 مترجم موزعين على مختلف الإختصاصات القضائية للتكفل بترجمة الوثائق والملفات، مؤكدا أنقانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد يلزم القضاة وإطارات العدالة باستعمال اللغة العربية في مهامهم.