ليس من باب التهويل ولا ترويع الآمنين عندما نلفت الانتباه إلى تحذيرات الخبراء والمختصين في الجيولوجيا بشأن الخطر الذي يهدّد البنايات في حالة حصول هزة أرضية. * وتأكيدهم أن تقنية البناء المضادة للزلازل غير مستخدمة في أغلبها وأن زلزالا ضعيفا قد يُحدث كارثة كبرى في وادي حيدرة أين شُيّدت مبان رسمية دون دراسات جيولوجية واسعة. * وقد يقول قائل، ما الفائدة من هذه التحذيرات طالما أننا لا نستطيع فعل شيء إلا انتظار قدر الله وما تفعله الزلازل والكوارث بمدننا، فالمنطق يقول أنه لا يمكن إعادة بناء الحظيرة الوطنية، ولا حتى إدخال تعديلات عنها بشكل يجعلها تقاوم خطر الزلازل. * لكن الجزائر كلها هذه الأيام ورشة بناء مفتوحة، وعليه فإنه من الواجب الصرامة في المراقبة وتطبيق كل مقاييس البناء المضاد للزلازل حتى لا تتكرر مأساة زلزال 2003. * لقد تابعنا بحسرة وألم كيف قضى آلاف الجزائريين تحت عمارات أنجزت بلا دراسات ولا رقابة، حيث هوت البنايات في اللحظات الأولى للزلزال كعلب الكرتون، وبعدها تابع الجزائريون في محاكمة الزلزال، التجاوزات التي حصلت من طرف المقاولين والمسؤولين والمهندسين. مشاريع أنجزت بلا دراسة جيولوجية، وأخرى طالتها أساليب التسيير الرديء، فكانت النتيجة بنايات جديدة لكنها هشة انهارت مع أول موجة للزلزال. * صحيح أن أحكام العدالة جاءت مخففة ضد المتهمين على اعتبار أن الأمر يتعلق بإرادة إلهية كانت وراء الزلزال ولا حول ولا قوة للبشر في الموضوع، والكل تفهم الأمر، لكن هذا لا يعني عدم وجود أخطاء بشرية عمّقت المأساة وتسبّبت في وقوع عدد كبير من الضحايا. * وعليه من واجب السلطات اتخاذ تحذيرات الخبراء بعين الاعتبار، خصوصا في المشاريع التي هي قيد الإنجاز وفي المدن الجديدة حتى تنعم الأجيال المقبلة بشيء من الأمان، وذلك ليس مستحيلا لأننا نرى زلازل قوية بدرجة 7 على سلم ريشتر لا توقع إلا عددا محدودا من الضحايا بسبب نوعية البنايات المقاومة للزلازل. *