العاصمة قد تتحول إلى أطلال في أية لحظة كشف خبراء ومهندسون في الجيولوجيا أن كل البنايات والمنشآت المعمارية في الجزائر غير خاضعة للمقاييس المضادة للزلازل بسبب غيّاب الدراسات الجيولوجية المضبوطة، مستعرضين بذلك أمثلة عن هيآت عمومية ومؤسسات سوناطراك والفيلات الواقعة على واد حيدرة شُيّدت على مناطق خطيرة ولم تحترم فيها أدنى المعايير المضادة للزلازل. * وأكّد مدير مكتب دراسات الجيولوجيا والبناءات المضادة للزّلازل الدكتور رابح جابة في تصريح خصّ به "الشروق اليومي" أن 5 عمارات فقط في الجزائر تمت دراسة أرضيتها جيولوجيا ويتعلّق الأمر بمعهد الفلاحة بالحراش، وكذا مبنى قصر الحكومة إلى جانب عمارات أخرى قديمة بالعاصمة، وأعرب المتحدّث على هامش المحاضرة التي نشّطها رفقة مهندسين وباحثين بالمركز الثقافي محمد عيسى مسعودي بحسين داي حول الزلازل والوقاية من أخطارها، عن استيائه لعدم تعميم الدراسات الجيولوجية على أرضية العمارات التي مسّها الزلزال المدمّر لتاريخ 21 ماي 2003 وعدم إشراكه كمكتب دراسات في المشاريع الكبرى لهذا الغرض، في حين اكتفت الدراسة التي كشفت عنها مديرية السكن لولاية الجزائر الأسبوع الماضي بدراسة البنايات من الناحية "السميولوجية" فقط، أي من ناحية التحطيم والتشققات. * ومن جهة أخرى، كشف المهندس الجيولوجي بشير داودي أن 90 دولة في العالم مهدّدة بالزلازل القوية من بينها الجزائر واليابان التي تسجّل فيها 20 بالمائة من الهزّات القوية، وتختلف الخسائر من بلد لآخر، حيث تقّل نسبها في الدول المتقدمة التي تسخّر كل الوسائل للتخفيف من العواقب وترتفع في الدول المتخلّفة، واستعرض المتحدّث حقائق علمية حول الزلازل قلّما نطّلع عليها، ومن ذلك أن الزلازل المتوسطة تحدث كل عشرية (10 سنوات) شدّتها تتراوح بين 3 و5 درجات على سلم ريشتر وخسائرها متباينة، وكل عشريتين و3 عشريات تهتزّ الأرض بقوة شديدة مثلما هو الشأن بالنسبة لزلزال الشلف وبومرداس، وقد صُنّفت زلازل الجزائر من معتدلة إلى قوية انطلاقا من ووهران إلى عنابة، في حين تدخل مناطق الأوراس وبسكرة والأغواط ضمن المناطق الكبرى للزلازل القوية، وتم تصنيف منطقة الأطلس التلي من أخطر المناطق في الجزائر، حيث لا تحدث فيها الزلازل إلا مرة كل 300 سنة، ولكن إذا وقع الزلزال فقد يأتي على أغلب المنشآت، أما الأطلس الصحراوي فتقع فيه الزلازل بقلّة. * وأثبتت الدراسات الأخيرة أن 70 بالمائة من تراب الجزائر معرّض للزلازل وأن 90 بالمائة من المنشآت الإقتصادية أصبحت تعمّم القواعد اللازمة استنادا للقوانين الخاصة بتصميم المنشآت القاعدية بالإضافة إلى تجهيز المركز الوطني ب70 محطة رقابة موزّعة على منطقة التل، كما تعكف وزارة السكن على الإنتهاء من مشروع المخبر المتخصص في الزلازل بسحاولة الذي يحتوي على طاولة اهتزازية بعلو 6 أمتار وعرض 4 أمتار تستخدم الصفائح والذبذبات في إطار البحث العلمي وهندسة مقاومة الزلازل. * في سياق ذي صلة، أطلق الخبراء العنان على واقع المحاجر والمرامل التي تستخرج منها مختلف مواد البناء واجمعوا على أنه إلى يوما هذا لم تؤخذ التدابير اللازمة لمراقبتها عملا بالتوصيات الصادرة عن المسؤولين، وسجّلوا في هذا الإطار رداءة مواد البناء كالحصى والرمل القابل للتفتّت وبعضه المختلط بالتراب والإسمنت ذي النوعية الرديئة، بالإضافة إلى غياب وسائل النقل الجيدة وعدم معالجة مادة الإسمنت وفقا للظروف الطبيعية، وهذا كلّه برأيهم يؤثر على صلابة البنايات وينذر بخسائر في حالة تسجيل زلازل. * واقترح المتدخّلون مجموعة من التوصيات من شأنها مقاومة أخطار الزلازل في الجزائر من ذلك الحرص على مراقبة مواد البناء والإستناد إلى معطيات جيولوجية خلال تصميم الأساسات، وحساب التصدّعات والأضرار محتملة الوقوع ودراسة أرضية البنايات ووضع قوانين واضحة لتصميم المنشآت المقاومة للزلازل وتطبيقات قوانين البناء التقني.