ماذا سيقول أوباما للمسلمين من القاهرة؟ هل يذكرهم بنهاية مقولة نابليون بونابرت: مصر أم الدنيا" وتعويضها بالاعتراف بالكيان الصهيوني"، لأن الخطر القادم ليس في الوجود الإسرائيلي وإنما في الإمبراطورية الفارسية التي حمل رئيسها شعار الملك عبد العزيز سعود حين واجه الغرب عام 1946 بمقولته الشهرية: " إذا ألمانيا هي التي شرّدت اليهود وأقامت المحرقة فلماذا لا يستوطنون فوق أراضيها". وذلك في القاهرة قبل 63 سنة من دخول أوباما إليها. * الفاتيكان وأوباما واليهود * حملة التبشير ب(الدولة اليهودية) بدأها الفاتيكان بالتوجه نحو الأردن تم فلسطينالمحتلة وإقامة الصلوات، وإعادة الاعتبار ليس للتراث المسيحي المشرقي وإنما لالحواريين« الذين اغتالوا المسيح، وحوّلوا الخيانة« إلى وجهة نظر. * الفاتيكان وجه خطابه للمسيحيين العرب للاعتراف ب(الأمر الواقع) وهو الدولة اليهودية« والتعايش معها. * وها هو أوباما يزور اليوم القاهرة ليوجه عبرها خطابا للعالم الإسلامي يدعو فيه المسلمين إلى الاعتراف ب(الدولة اليهودية)، لأن الخطر الذي يهددها هو نفسه الخطر الذي يهدد الشعوب الإسلامية وهو الإمبراطورية الإيرانية! * ومن المفارقة، أن أول من سوّق لهذه المقولة هو إسرائيل التي زعمت أن الخطر الذي يهدد وجودها هو إيران وهو الخطر نفسه الذي يهدد الوجود العربي، كما زعمت. * وما يجمع أمريكا بالكيان الصهيوني هو أنهما دولتان« قامتا على أنقاض السكان الأصليين، فأمريكا ولدت على أنقاض شعب الهنود الحمر، وها هي إسرائيل تولد على أنقاض عرب 1948. * * من دخل بيتنا" فهو آمن ومن دخل بيت أوباما فهو آمن؟ " * حين دخل نابليون بونابرت مصر كان يريد تسويق صورته للعالم فاعتبر مصر أم الدنيا« وقبله كان لعمرو بن العاص مقولة أخرى بقيت محفورة في ذاكرة التاريخ. * لكن منذ دخل اليهود مصر، عبر بوابة الحكومة الإسرائيلية السابقة والحالية، صار الصهاينة يسوقون لمقولات جديدة، وهي تهديد الوجود العربي« من منبر العرب جميعا، وهي مصر، ودفع الآخرين إلى الاعتراف الرسمي بوجودهم، وكأنهم يعتقدون أن دخولهم مصر يفتح لهم أبواب العرب جميعا، متناسين أن الشعب المصري كان أول من قاوم التطبيع وما يزال. ومن يعتقد الدخول إلى قلوب العرب سيكون من غير الاعتراف بالذنب والاعتذار للمسلمين فهو مخطئ. فإذا لم يعتذر أوباما للمسلمين عما ارتكبته أمريكا من جرائم في حق الإسلام« والمسلمين فهو مخطئ فإسرائيل ستزول، أحب من أحب وكره من كره، لأن المستقبل للجيل الصاعد، ويكفي أن مراكز سبر الآراء كشفت أن ثلث الإسرائيليين سيعودون إلى أوطانهم الأصلية إذا ما بقي أحمدي نجاد على رأس الجمهورية الإسلامية. * إن الخطر الحقيقي الذي يهدد المسلمين ليس في الشيعة ولا في إيران وإنما في أولئك الذين يمثلون الوجه الثاني للعملة الصهيونية. وإذا اختار الشعب اللبناني المعارضة لقيادة الحكومة القادمة في لبنان، فإن الموقف الدولي سيتغيّر، وستكون بيروت هي عاصمة المقاومة، ومن الطبيعي أن تتغير موازين القوى في المنطقة. * يروي المقربون من الرئيس الراحل حسين صدام، أنه عندما تلقى عرضا من أمريكا بأن يذهب إلى تونس، ويسلك طريق الرئيس ياسر عرفات، ردّ عليهم قائلا: هم يريدون رأسي، ولست ممن يبحث عن أرض للعودة إلى أرضه، فالعراق أرضي، والبقاء فيها هو وجودي. * ومثلما استشهد ياسر عرفات وصدام حسين فوق أرضيهما، سيستشهد آلاف الفلسطينيين فوق الأرض الفلسطينية، وليس لهم خيار البقاء في الشتات، أو القبول بالأمر الواقع. * * أكذوبة اسمها الخطر الإيراني * حاولت إسرائيل عام 1967 أن تسوّق لأكذوبة صهيونية، وهي أن العرب يريدون رمي اليهود في البحر، مثلما سوقت لأكذوبة الهولوكست في العالم. * وهاهي اليوم تسوق لأكذوبة أخرى وهي أن الوجود العربي والصهيوني مهددان من قبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية. من حق أوباما أن يخاطب المسلمين من ديار المسلمين مادام العرب والمسلمون قد فقدوا بوصلة المستقبل. ومن حق إسرائيل أن تقود حملة ضد إيران، ولكنه ليس من حقنا كعرب ومسلمين ألا يكون بيننا رجل مثل المرحوم الملك عبد العزيز سعود وليس من حقنا أن ننسى بومدين وجمال عبد الناصر وفيصل وغيرهم من القادة العرب. * صحيح أن خطاب أوباما سيفتح الشهية للتعليق ولكنه سيبقى أكذوبة أخرى لقيام الدولة اليهودية مقابل الدولة الفلسطينية. * ما أحوجنا إلى زعيم مثل القرضاوي لقيادة الأمة العربية وما أحوجنا إلى زعيم مثل حسن نصر الله ليصدق وعده. * وأخشى أن يأتي يوم ويصير من دخل بيتنا« اليهودي فهو آمن، ومن دخل الكنست فهو آمن ومن دخل البيت الأبيض فهو آمن« وهو الحديث الذي يقود أنظمتنا إلى الاعتراف بالكيان الصهيوني. * ومثلما سيخاطب أوباما العرب والمسلمين من أم الدنيا«، سيخاطبهم أسامة بن لادن« آخر من أم الدنيا« الشبكة العنكبوتية« ليقول لهم: مايزال في العرب شيء من صلاح الدين الأيوبي، وما يزال في الجيل الصاعد أمل في إنقاذ الوطن العربي والإسلامي من الانهيار«. * ومثلما وصل ساركوزي وأوباما إلى قيادة فرنسا وأمريكا وإقامة قواعد في الخليج، سيصل ذات يوم عربي أصيل إلى قيادتنا ليغيّر مجرى التاريخ، ويعيد الاعتبار للقدس وجميع الأماكن المقدسة.