كشف وزير الطاقة، شكيب خليل، في حديثه لمجلة "أكسفورد" البريطانية، أول أمس، عن أرقام طموحة لإنجاح ما يسميها الاستراتيجية الوطنية في مجال المحروقات. * خصوصا عندما يتعلق الأمر بالمرور مستقبلا إلى مرحلة إنتاج مليوني برميل يوميا، وهو رقم لم يكن يحلم به أهل الاختصاص قبل سنوات قليلة فقط عندما لامست أسعار البترول الحضيض وظن الجميع أن البلدان المنتجة ستدخل إن آجلا أو عاجلا نادي "الزوالية" بعدما كانت في مصاف الكبار! * لكن الواقع المحلي في البلاد يقول العكس، ويجعل من استراتيجية الوزير مجرد مزحة يتندّر بها البعض داخل مجلس الوزراء للقول إن البلاد تعيش بحبوحة مالية غير مسبوقة، ذلك أن جميع النظريات الاقتصادية في العالم ستقف عاجزة عن تفسير تدنّي القدرة الشرائية للمواطن مقابل ارتفاع أسعار النفط، كما أن جميع المخابر الدولية لصنع القرار ستعجز أيضا عن تفسير موقف الحكومة المتمسكة بسعر مرجعي لا يفوق العشرين دولارا في الوقت الذي تجاوز سعر الذهب الأسود المائة دولار منذ أشهر! * إن النظام يمنح دوما أسباب الثورة للشارع، وينزع صمامات الأمان لديه في كثير من الأحيان عن قصد ورغبة، وذلك من خلال استراتيجيات فاشلة، وسياسات مستفزة، وإلا بماذا يمكننا تفسير عدم استفادة هؤلاء المواطنين في معظمهم من الثروة الوطنية التي تعدّ هبة إلهية لشعب ضعيف، وكيف في الإمكان تبرير احتكار فئة صغيرة لمقدّرات هذه الثروة التي لا تنضب، وما جدوى حديث الوزير لمجلة بريطانية وترؤسه منظمة الدول المنتجة إذا كان شعبه الأقرب لا يصدّق كلامه، ولم يستفد مباشرة من منصبه الدولي المرموق؟! * مشكلة الذهنيات التي تحكم البلاد وتحتكر الريع منذ سنوات، هي عدم مبالاتها أصلا بجيوش الموتى جوعا أو أولئك المنتحرين همّا أو حتى المهاجرين سرا، ولا يهمّها فقط سوى بقاء برميل النفط في صعود، والثروات الشخصية في نماء وما عدا ذلك فلا يهم ولا يحرك في الضمير أيّ شيء، وكأن برنامج الرئيس الغاضب على كثير من مساعديه وأعوانه تحول من إنعاش الاقتصاد إلى إنعاش الفقر، ما يفسر أيضا التغييرات التي شرع فيها منذ سنوات ولكنها لم تكن كافية لإحداث انقلاب راديكالي، كما لم تُضعف أبدا أركان العلبة السوداء في النظام، بل ضاعفت فقط من أعداد المهمّشين والمنتمين لحزب المغبونين والزوالية! * *