الأمراض والكوارث تأكل فقراء المجتمع/ تصوير مكتب البليدة بين جدران كوخ فقير أقيم على حافة وادي سيدي الكبير العتيق بالبليدة، وحشائش خضراء زينت محيطه، وأشجار رفعت أغصانها إلى السماء، ومياه الوادي الملوثة تنساب جارية مؤذيه بروائحها الكريهة كل مار وجار لها، بين تلك الطبيعة التي عبثت بها يد الإنسان تسكن أسرة صغيرة من 05 أفراد. * * الوالد والأم وبنت بكر أسموها «وئام» وشقيقان مريضان بمرض جلدي غريب نهش جسميهما الضعيف بنتوءات خبيثة دامية منذ ولادتهما، لم يفلح الطب والدواء في علاجهما، مما جعل الأم تبكي ليل نهار لشدة الألم الذي مس ملكيها الصغيرين إلى درجة القنوط واليأس الشديدين، في حين ومن صدف الطبيعة الغريبة نجت وئام من خبث المرض لتخفف من حزن والديها، اللذين ما يزالان يأملان في شفاء شبليها اللذين لم يلمسهما الماء منذ ولادتهما وأكل الطعام إلا حليب خاص وحساء. * "الشروق اليومي" زارت الأسرة الصغيرة في كوخها الفقير ووقفت على مشهد النتوءات الدامية التي أكلت وحولت جسمي عبد الغني ومحمد أمين النحيفين إلى جروح بدت مثل الحروق وهما ما يزالان في الرابعة والثالثة من العمر، ومن حسن الصدف أنهما استطاعا المشي مؤخرا، الوالدة روت والدموع تملأ جفنيها أنها تعبت لطول مرض حبيبيها، وأن الأطباء أخبروها بأنه لا جدوى من الشفاء لأن مرضهما ناتج عن زواجها من قريبها، وأنه سيتكرر مع كل ميلاد طفل ذكر دون البنات، وأنه يتوجب عليهما أكل معين وبانتظام مدى الحياة، لأن جهازهما الهضمي في أعضاء منه مثل البلعوم ضيق ولا يستوعب إلا المواد السائلة تقريبا، وأيضا معاملة خاصة في الحفاظ على جسميهما من النتوءات الخبيثة (تظهر مليئة بماء ثم تختلط في غالب الأحيان بالدم ثم تنفجر سيلانا جراء حكها لتتحول إلى جروح سوداوية وكأنها حروق) التي يجب أن لا يلامسها الماء أبدا، ولكن تقول الأم بأن العلاج أتعبها وأرهق جيب والد الذي يعمل يوما ويتقاعد أياما، وأن حال مسكنهما البائس زاد من حدة الشقاء والمرض، فلا الطبيعة رحمتها ولا الإنسان أشفق على حال الجميع، لأنهم اضطروا إلى السكن وسط ضفاف وادي قد تجري سيوله في أي وقت، محرومين من أبسط شروط الحياة الكريمة مثل الكهرباء والماء والبيت الواسع والنظيف ولا أفق واضح. * الأم وفي رجاء لها ناشدت النظر في حال ولديها ورعاية تحبس عنها دموعا تجري كل يوم مثل جريان الوادي الذي سكنت إلى جواره منذ زمن هربا من الفقر وضيق العيش.