أخذت ظاهرة الحراقة شكلا أوسع مما هو متوقع في الآونة الأخيرة، بعد ما أماط عدد من المغامرين بالهجرة السرية اللثام عن مخططات اسبانيا والدول الأخرى * التي يتم فيها غسل دماغ الحراقة، دينيا وأخلاقيا واجتماعيا، وخصوصا القصّر والأطفال منهم، وذلك في مراكز محمية من الدولة، يصفونها بالاجتماعية، وهي في حقيقتها مراكز للتنصير والتغريب وممارسة السلخ الحضاري المباشر؟! * هل نحن إذن بصدد مواجهة سياسة متوسطية جديدة، المسكوت فيها أكثر من المعلن، والمعلن فيها أخطر مما نتصور؟!... قبل فترة، قال وزير التضامن جمال ولد عباس أنه بصدد السفر إلى اسبانيا للتباحث مع المسؤولين هناك، بشأن مصير مئات الحراقة المفقودين الذين تبحث عنهم عائلاتهم في ولايات غرب البلاد، ولكن، بعد مرور أشهر من تصريح الوزير، لم يلح في الأفق، أي مؤشر واقعي يدل على أن الزيارة تمت، أو أنها حصدت نتائجها، فقد سكت الوزير عن الكلام المباح واستمرت اسبانيا في ممارسة اللامباح مع جزائريين يتم تنصيرهم بشكل واسع في مراكز الحجز والإيواء، وتحت أعين المنظمات الدولية، الحكومية منها وغير الحكومية، بما يكشف عن وجود مخطط دولي لعلاج أزمة الحراقة من خلال عقد صفقة تقتضي بمنحهم الشرعية مقابل الخروج الطوعي عن جلدهم والتحرر الذاتي من عروبتهم وإسلامهم، فهل يدرك الوزير ولد عباس ومعه جميع أعضاء الحكومة، أبعاد القضية وما هم ساكتون عنه؟!، فإن كانوا يدركون حقا، فتلك مصيبة، وان كانوا لا، فمصيبتان؟! * منذ ظهور ظاهرة الحراقة، وجميع المتابعين والمراقبين، الرسميين ومنهم وغير الرسميين، يقولون ويعيدون، ويكرّرون، حتى سئمنا وتعوّدنا على الظاهرة، أن الحقرة تمثل سببا رئيسا في انتشار الظاهرة وشيوعها، لكن، هل تحرك أحد من هؤلاء المتابعين، أو حتى المسؤولين، لتغيير المنكر، أو حتى لتقليصه واحتوائه، أم أنهم شاركوا فيه قلبا وقالبا؟! * المسألة أصبحت أخطر من مجرد الهروب غير الشرعي في قوارب صيد، بل إنها امتدت لتتحول إلى أخطر من الموت غرقا في حد ذاته، فالانسلاخ عن الدين والثوابت برمتها، يعدّ موتا أبشع، ولو كان فيه خير الدنيا كلّه لو تعلمون؟!