تعيش الحكومة الإيطالية خلال الأسبوع الجاري، على وقع انتقادات لاذعة وتصريحات نارية، من قبل رجال الدين، بقيادة بابا الفاتيكان بينديكت السادس عشر، الذي اعتبر الإجراءات المتخذة من قبل الحكومة الإيطالية، بمباركة من الوزير المتشدد روبرتو ماروني، وزير الداخلية، غير إنسانية. * * وأكثر من ذلك أنها مجحفة وتعسفية، في حق من اعتبرهم البابا باللاجئين والفارين من جحيم الفقر والعوز والحروب الأهلية، وتحدث البابا بنظرة دينية وإنسانية، عن القرارات المتخذة من طرف الحكومة بعد مصادقة نواب البرلمان عنها، معتبرا إياها تتنافى مع المبادئ السمحة للديانة المسيحية، داعيا حكومة برلسكوني، إلى ضرورة مراجعة هذه القوانين، لأنها تتعارض والقيم الإنسانية، قائلا بأن المهاجرين غير الشرعيين، ليسوا مجرمين، بقدر ما هم يبحثون عن فرص العيش، ولابد لإيطاليا، أن تولي احتراما لحقوق الإنسان، لأن القضية وما فيها يقول البابا، أن آلاف الحراڤة باحثين عن أمل الحياة، لا يشكلون خطرا على الأمن القومي الإيطالي، كما يدعي ماروني، مضيفا الاهتمام بالأمن وإمكانية تعريض سلامة إيطاليا من جانب المهاجرين غير الشرعيين، لا يقتضي اتخاذ مثل الإجراءات اللانسانية، والمطلوب مراجعة النصوص القانونية الجديدة، وفي نفس النهج سار بقية رجال الدين المشاركين ففي مجلس أساقفة البابا المنعقد هذه الأيام بالكنيسة الكاثوليكية بالفاتيكان، موجهين جملة من الاعتراضات لبرلسكوني، واستغرب بعضهم لماذا لم تتخذ إسبانيا نفس الإجراءات بالرغم من أنها عرضة لنفس الأزمة، ونقلت الصحف الإيطالية، طيلة الثلاثة أيام الأخيرة، التصريحات والتصريحات المضادة، التي يتبادلها وزراء حكومة برلسكوني، ورئيسي مجلس النواب ومجلس الشيوخ، مع رجال الدين، ففي حين يدافع الحكوميون عن خطة عمل الحكومة بشأن الأزمة، معتبرين إيطاليا تعاني من تبعات الهجرة غير الشرعية الاقتصادية والأمنية وكذا الاجتماعية، مؤكدين على مواصلة العمل بنفس الأساليب لمحاربة الظاهرة أو التقليص والحد من تراكماتها السلبية، وذلك من خلال تشديد اللهجة القانونية المستعملة اتجاه الحراڤة، وتعزيز تواجد الوحدات الأمنية في البر والبحر لمنع تسلّل المهاجرين غير الشرعيين لأوساط المدن الإيطالية، والعمل على الزج بهم رهن مراكز الحجز، مع تقليص مدة تواجدهم بها، والتعجيل بترحيلهم إلى بلدانهم التي قدموا منها، وإدانتهم بالسجن في حالة مخالفتهم للقوانين المعمول بها في هذا الإطار، وبالمقابل تعرض الكنيسة مساعدات مادية ومعنوية للحراڤة، من كل الجنسيات الإفريقية والآسيوية، ما يفسر لجوء المهاجرين غير الشرعيين الجزائريين إليها، إذ كشف غالبية المطرودين من تراب إيطاليا للجزائر خلال الأشهر الأخيرة، أن مأواهم الوحيد خلال المدة التي تمنحهم إياها السلطات الإيطالية للبحث عن مخرج من ترابها، هي الكنيسة، التي تضمن لهم المأكل والمشرب والإيواء أحيانا، والكل يعاملهم بقسوة سوى الكنيسة والجمعيات الدينية المسيحية.