تتوالى ملفات التفجيرات الأخيرة التي فتحتها محكمة جنايات العاصمة، فبعد معالجة إحدى قضايا تفجيرات قصر الحكومة، نظرت المحكمة في ملف ثان متعلق بالتفجيرات التي مست منطقة القبائل بداية السنة، وتحديدا تفجير مقر شرطة ذراع بن خدة بتيزي وزو في 2007، فالملف متعلق أساسا بلغز يسارة المرسيدس السوداء المفجرة هناك، والتي تداولت عبر عديد الأشخاص بداية من 2006 إلى غاية تفجيرها سنة 2007. * * فالمتهمان اللذان نالا البراءة الخميس، أحدهما ضابط بالحماية المدنية والثاني منخرط سابق بمصالح الأمن العسكري، ذنبهما الوحيد أن سيارة المرسيدس مرت عليهما يوما ما، ليتابعا بجناية تحويل وتموين جماعة إرهابية. * فالقضية وحسب ما دار في الجلسة بدأت في أكتوبر 2006 بعد بيع أحد المغتربين سيارة مرسيدس سياحية للمدعو عميروش صاحب مرأب للميكانيك بتيزي وزو. هذا الأخير عرضها للبيع مرة ثانية على المدعو (ف. أعمر) مغني مبتدئ، بمبلغ 36 مليون سنتيم، على أساس عدم توفر وثائقها، وعند اختلافهما حول الثمن، طلب عميروش تدخل صديقه "د.أرزقي" ضابط حماية مدنية (المتهم الأول في القضية) ليكون وسيطا بينهما وبيعت السيارة ل "ف.أعمر"، هذا الأخير استخرج وثائق مزورة للسيارة باسم صهره (ب. محي الدين) إطار سابق في الأمن العسكري (المتهم الثاني في القضية)، لغرض بيعها لشخص آخر، وقد وضعت على اسم الصهر لتمر، ربما، السيارة بسلام على حواجز الأمن، باعتبار المتهم عسكري سابق، لكن الصهر وعند علمه بأمر الوثائق المزورة مزقها - حسب تصريحه - أما المشتري، فتماطل في تسديد ثمن السيارة، ما جعل (ف.أعمر) وصهره المتهم يحبكان سيناريو لتخويفه، حيث أخبراه بأن سيارة مرسيدس تم تفجيرها بتيزي وزو وأن مصالح الأمن شرعت في حجز جميع السيارات من هذا النوع واستدعاء أصحابها!! وهذا قبل أن يعلما بالحدوث الفعلي للتفجيرات - حسب تصريح (ب. محي الدين) - فالتحريات أكدت أن السيارة تنقلت من البليدة ثم باتنة رجوعا إلى تيزي وزو، حيث فجرت بعد سنة. * المتهمان في جلسة محاكمتهما أنكرا أي علاقة لهما بالإرهاب ولا حتى علمهما بأن السيارة ستفجر، فضابط الحماية المدنية من مواليد 1972 قال: "أنا اشتغل مهنة نبيلة وإنسانية منذ سنوات، كيف لي أن أساهم في قتل الأبرياء؟ لقد كنت وسيطا بين البائع والمشتري فقط"، بينما انفعل المتهم الثاني محي الدين كثيرا، فهو متزوج وأب لولدين يقطن ببوزريعة، حيث صرح أنه كان شاهدا على مقتل 14 عسكريا على أيدي الإرهابيين في العشرية السوداء، ما جعله يصاب بانهيار عصبي ويغادر وظيفته منذ 6 سنوات لحين شفائه. وأضاف: "لو كنت أعلم بأن مشتري المرسيديس سيفجرها لكنت أكلت وجهه بأسناني!؟ فأنا أحقد على الإرهابيين"، ليرد عليه قاضي الجلسة: "نحن نشكرك على ذلك، لكنك الآن متهم بالإرهاب؟"، "أنا لا أنتظر شكرا من أحد على واجبي، وأطالب بتبرئتي لأعود لعملي"، يضيف محي الدين، وبعدما التمس لهما النائب العام 10 سنوات سجنا نافذا، ألح دفاعهما على براءتهما الكاملة من التهمة على أساس غياب ضحايا أو شهود أو دليل مادي يدينهما، حيث صرح أحد المحامين: "أصبحنا كمواطنين في خطر، بعدما أضحى من يشتري ويبيع سيارة يواجه بتهمة خطيرة كالانتماء لجماعة إرهابية.." وبعد المداولات برأتهما المحكمة بعد تمضيتهما لسنة كاملة في السجن.