قال مسؤول كبير في وزارة التعليم العالي إن الجزائر ببلوغها أزيد عن مليون طالب جامعي ضمنت "الكمية" وستباشر تحسين "النوعية"، وهي مقولة نخشى أن تجرنا لفهم أن المسؤولين عندنا برغم حوالي نصف قرن من عمر الجامعة الجزائرية لم يكونوا يفكرون في النوعية وكان همّهم مقتصرا على إنجاز الجامعات والمعاهد حتى فاق عددها الستين، وملئها بالأمواج البشرية حتى فاق عدد الطلبة عندنا المليون نسمة.. * ونخشى أن يكون المديرون الحاليون وحتى الوزراء نتاج منظومة جامعية لم تهتم إطلاقا بالنوعية، ورغم قناعتنا بأن الجامعة الجزائرية قد جرفها الكم وهو ما دحرجها إلى الدرك الأسفل في ترتيب الجامعات العالمية فاحتلت جامعة قسنطينة مثلا التي أنجزها أشهر مهندس معماري في التاريخ وهو البرازيلي "أوسكار نيمير" وتضم حاليا أزيد عن سبعين ألف نسمة في مختلف الشُعب، احتلت المركز 6766 ضمن جامعات العالم في آخر تصنيف دولي صدر في سبتمبر الماضي، فإنه من العيب بعد هذا أن نسمي قسنطينة مثلا بمدينة العلم والعلماء في الزمن الحاضر، وحتى جامعة التكنولوجيا بوهران التي استهلك إنجازها أكبر ميزانية ضاهت ميزانية دول إفريقية جاءت في المركز 65 في إفريقيا. لسنا ندري بعد هذا إن كانت معركة "النوعية" ستخرجنا سالمين، لأن المعركة لن تعني مجموعة من الطلبة وإنما شعب بأكلمه بلغ تعداده المليون وأربعة وستين ألف طالب جديد بدأوا من الآن يفكرون في مشاكل الإقامة والنقل والإطعام قبل أن تفكر لهم الوزارة في النوعية التي تصبو إليها. * مازلنا نحلم بجامعة جزائرية تنتج لنا المنقذين، فقد جرفت "الحرڤة" الشباب نحو الإلقاء بأنفسهم في المجهول ومع ذلك غابت الجامعة بعلماء الاجتماع والنفس، عن دراسة الظاهرة ووضع حلول لها، وعانت الجزائر في مجال الرياضة وعجزت معاهد تكنولوجيا الرياضة عن إيجاد مفاتيح المعضلة، وصارت تقدم لنا نماذج اجتماعية تساهم في استفحال هذه الظواهر السيئة بدل المساهمة في حلها.. * في كل موسم جامعي، نسمع أرقاما عن عدد المعاهد وعن عدد الطلبة والوجبات والحافلات والغرف، وفي هذا الموسم، سمعنا عن نيّة في الالتفات إلى النوعية وهي خطوة "محتشمة" في رحلة الألف ميل التي بلغ نهايتها الآلاف من الجامعات العالمية.