رئيس المجلس الشعبي الوطني عبد العزيز زياري تحوّل اليوم البرلماني الذي نظمته الغرفة السفلى حول كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال، إلى محاكمة حقيقية لفرنسا الاستعمارية، قادها سياسيون ومؤرخون، طالبوا من خلاله السلطات الفرنسية بالاعتراف بالجرائم التي ارتكبتها في الجزائر، والاعتذار عنها وتعويض الجزائريين. * وكان موقف الرجل الثالث في الدولة، رئيس المجلس الشعبي الوطني، عبد العزيز زياري، الأكثر تركيزا في هجومه على الممارسات الاستعمارية، وقال "في الوقت الذي تنتظر فيه الجزائر اعتراف فرنسا بماضيها الاستعماري وبمسؤولياتها في الجرائم التي ارتكبتها في بلادنا، نجد هناك من يعمل على تمجيد التاريخ الاستعماري وتزييف الحقائق"، في إشارة إلى أطروحات اليمين الفرنسي مدعوما بمواقف الرئيس نيكولا ساركوزي. * ورهن زياري تطور العلاقات الجزائرية الفرنسية باعتذار الطرف الآخر (فرنسا)، معتبرا ذلك "خطوة ملموسة نحو مصالحة لا غنى عنها، مصالحة تطمح إليها الأمتان الجزائرية والفرنسية"، معتبرا تبني باريس لقانون 23 فبراير 2005، الممجد للاستعمار، ما هو إلا "محاولة يراد من ورائها التهرب من المسؤولية إزاء ما اقترف من جرائم ضد الإنسانية وتشويه حقائق التاريخ". * وقال زياري إنه "لا يجوز للنظام الاستعماري، الذي سلب السكان الجزائريين حقوقهم في الحياة والحرية والسيادة، أن يفخر بأي دور ايجابي في الجزائر، لأن مهمته تمثلت أولا وأخيرا في حرب إبادة كادت تفقد الجزائريين معلم انتمائهم للهوية الجزائرية". * من جهته، دعا وزير المجاهدين محمد الشريف عباس مجددا فرنسا الرسمية للاعتذار عن الجرائم الاستعمارية التي ارتكبتها في حق الشعب الجزائري، وأكد بأن الجزائر "طالبت ولا زالت تطالب بتجريم الاحتلال الفرنسي والاعتراف بما قام به من جرائم في حق الشعب الجزائري على غرار التجارب النووية والألغام والتقتيل الجماعي ونهب الثروات". * ولم يختلف موقف الأمين العام للتهيئة التنفيذية لحزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم، عن موقف زياري وتأكيدات وزير المجاهدين في موقفهما من الماضي الاستعماري، فقد أكد بدوره أن مطالبة الجزائر باعتراف فرنسا بجرائمها الاستعمارية في الجزائر، "مطلب شرعي وتاريخي وأخلاقي وسياسي". * وقال بلخادم في تصريح للصحفيين على هامش اليوم البرلماني، "ستظل الجزائر تطالب فرنسا بالاعتراف بجرائمها المرتكبة في حق الجزائريين إبان الحقبة الاستعمارية، وهو مطلب كل الشعب الجزائري، لأنه حق شرعي وتاريخي وأخلاقي وسياسي". * وأضاف وزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية، "من حق الجزائريين المطالبة بهذا الاعتراف، لأنه أيضا حقنا في الذاكرة الجماعية"، وأكد بهذه المناسبة "سنبقى نرفع هذا المطلب ومن بعدنا أبناؤنا وأحفادنا إلى أن يتحقق"، متسائلا: "كيف يمكن لمن يتحدث عن تمجيد الاستعمار أن يتناسى مطالب الشعوب المستعمرة وعلى رأسها الشعب الجزائري، بضرورة أن يعتذر المستعمر لكل هذه الشعوب". * كما أجمع المؤرخون والأكاديميون الذين حضروا اليوم البرلماني، على أحقية المطالب الجزائرية الداعية لاعتراف فرنسا بجرائم الحرب الاستعمارية اللاإنسانية التي مارستها، واعتبروا مشروعية هذه المطالب "أكثر من ضرورية".