آلاف الأطفال مرهونون بانعدام اللقاح تشهد المستشفيات الطبية المنتشرة بمناطق الجنوب عموما ظروفا أقل ما يقال إنها صعبة وغير مطمئنة مقارنة بحجم الأموال التي تصرف من طرف الدولة للنهوض بهذا القطاع الحساس وتعميم الخدمة الصحية، غير أن نقص الإطار الطبي والإمكانات المادية في بعض المناطق الوعرة، رهن مئات المرضى الذين ينقلون على مسافات أكثر من 500 كلم لعرضهم على الكشف الإشعاعي "السكانير"... * * منهم من غادر الحياة قبل الوصول إلى المرافق الصحية، بينما تبقى قضية انعدام لقاحات الأطفال لأزيد من أسبوعين بمعظم المراكز الاستشفائية تثير جدلا كبيرا وسط المواطنين، ويظل آلاف الأطفال عرضة للأمراض المحتملة، سيما وأن بعض المواليد يعانون من مشاكل صحية بعد الولادة مباشرة، كما أن التأخر المسجل في تزويد لقاح الأطفال خصوصا من طرف الوزارة المعنية غير مسموح به بمناطق الجنوب التي تعرف مشاكل إضافية منها المناخ الصعب وكثرة الأمراض المنتقلة في بيئة مفتوحة على كل الاحتمالات، وهو ما يضع المسؤولين المحليين في حرج أمام ضعف الأداء وهجرة أطباء الاختصاص في وقت تبقى فضيحة جهاز السكانير بعاصمة الواحات ورڤلة تثير الجدل وتطرح العديد من الأسئلة من أهمها هل المشكل في المسؤولين المحليين أم في سياسة هذا القطاع الهام؟. * * بسبب ندرتها في معهد باستور * لقاح الأطفال يؤرق مسيري مؤسسات الصحة بغرداية * * تشهد معظم القطاعات والمراكز الإستشفائية والجوارية بولاية غرداية منذ ما يقارب الثلاثة أسابيع نقصا فادحا على مستوى لقاح الأطفال(BV2) المستعمل في مكافحة التهاب الكبد الفيروسي إضافة إلى اللقاحات الرئيسية التي لا يمكن الاستغناء عنها بالنسبة للأطفال حديثي الولادة كلقاح (التيتانوس الكزاز والسعال الديكي)، هذا الوضع حسب العديد من مسؤولي أقسام ومصالح تلقيح الأطفال على مستوى ال 13 بلدية بتراب الولاية تسبب في الحيلولة دون إجراء عمليات تقديم التطعيم المذكور في موعدها المحدد، حيث شكلت ندرة لقاحات الأطفال الرئيسية ولقاح الإعادة الخاص بالشهر الثامن عشر تزامنا مع تأخر الوزارة البدء في توفير اللقاح المضاد لأنفلونزة الخنازير H1 N1 واقتصار الدور الاستشفائي عبر مناطق الجنوب لهذا الوباء على تقديم العلاج الابتدائي عن طريق الاستطباب بعقار (تامي فلو) لاحتواء مرحل الإصابة الأولية بأنفلونزا الخنازير، كما أصبحت تشكل هاجسا لسمؤولي المؤسسات الاستشفائية الجوارية الذين بادروا إلى تطمين المترددين يوميا من الأسر المعنية ببرنامج تلقيح الأطفال على أن المادة الطبية ستكون متوفرة بكميات كافية خلال الأيام القليلة القادمة. * لكن البعض من العائلات المذكورة لا تريد تفويت فرصة الظفر بالتطعيم لأولادها حيث أثارت اعتماد التوجه إلى العيادات والمركز الصحية يوميا بحجة الإطلاع على مستجدات الموضوع والاستفسار مجددا عن سبب ندرة هذه اللقاحات التي لا يمكن الاستغناء عنها في مثل هذه الحالات، خصوصا وأن وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات تتجه في الوقت الراهن من خلال برنامج مكافحة انفلونزا الخنازير H1 N1 إلى توزيع حصص اللقاح النوعي على كامل القطاعات الصحية بالتراب الوطني، إضافه إلى الاهتمام المتزايد في هذا الفصل بضرورة انطلاق حملة المكافحة ضد الأنفلونزا الموسمية منها مرض "الزكام "وغيره. * وحسب ما استقيناه من بعض المواطنين بمحيط العديد من العيادات المتعددة الخدمات بالولاية فإن التخوف على صحة أطفالهم ومشكل ندرة اللقاح في هذا الوقت بالذات دفع البعض منهم إلى الاستياء، خصوصا بعد ما تردد على مسامعهم أن اللقاحات المذكورة غير متوفرة على مستوى رفوف مركز التوزيع بمعهد باستور منذ مدة تتجاوز الشهر، وعلقوا على الوضع بأنه من نتائج السياسات العرجاء التي واكبت إعادة هيكلة القطاع وتبني فكرة فصل القطاعات الصحية سابقا إلى مؤسستين ضاع بينهما السواد الأعظم من المرضى المترددين على قطاعات الصحة العمومية وخاصة ما تعلق بالوضع الصحي بمناطق الجنوب، وكانت المادة الطبية الخاصة بلقاحات الأطفال قد نفذت -حسب العاملين بالمراكز المذكورة بعموم مناطق الجنوب- من رفوف عدة عيادات رئيسية منذ مدة أين كان يتعين تموين هذه الأخيرة بهذه المادة الطبية الحيوية من المركز الوطني لتوزيع الأدوية بمعهد باستور وقت كانت متوفرة بكميات كافية، إلا أن عدم تزويد هذه القطاعات بمثل هذه العقاقير الطبية الموجهة لمكافحة الأمراض ذات الصنف الوبائي الخطير يعود - حسب العارفين بقضايا الصحة بالجنوب- إلى أسباب كان من المفروض أن لا تطرح على هذا المستوى ، فالنقص الفادح بمراكز التخزين عبر المستشفيات الكبرى بهذه المناطق وتأخر تنفيذ إجراءات التموين بالنسبة لتلك الموجهة لولايات الجنوب النائية -تضيف ذات المصادر- كان له الأثر الكبير في تراجع مستوى الخدمات الطبية العمومية المخصصة في شقها المجاني إلى الفئات الميسورة الحال بالنواحي الجنوبية للبلاد، علما أن العديد من مسؤولي القطاع كانوا قد صرحوا لوسائل الإعلام بأن هناك نقصا ملحوظ تم تسجيله في الأنة الأخيرة على مستوى القطاعات الجوارية يخص لقاح (التيتانوس الكزاز السعال الديكي) إضافة إلى لقاح التهاب الكبد الفيروسي صنف ب2، مشيرين إلى أن مديريات القطاع بهذه المناطق تنتظر -حسب مراسلات المركز الوطني لتوزيع الأدوية- توفير هذه الملقحات الطبية وتغطية العجز المسجل بالنسبة للقاح الأطفال الرئيسي بعتباره الأكثر أهمية. * * رغم توافد الأجانب على حاسي مسعود * آلاف الأطفال والمسنين مرهونون بانعدام اللقاح بورڤلة * * تعيش العيادات الصحية بورڤلة منذ أزيد من شهر على وقع غضب مئات أولياء الأطفال الرضع الذين يتصلون يوميا بهذه المرافق قصد تلقيح أبنائهم ضد الدفتيريا، الكزاز، السعال الديكي والشلل الذي أقرته المنظمة العالمية للصحة إجباريا في فترة الشهرين الثالث والرابع وإلى غاية السادس ما بعد الولادة. * وتؤكد مصادر استشفائية أن المشكل لا يخص الولاية لوحدها، إنما الندرة مست كل ولايات الجنوب عموما ولم يهضم العديد من الأولياء تأجيل العيادات الصحية التي تتولى تلقيح الأطفال المواعيد المحددة على الدفتر الصحي لرضعهم فيما يتعلق بالتطعيم، حيث أصبحوا يضطرون في كل مرة الانتظار طويلا في طوابير قبل مغادرة القاعات الصحية للانعدام التام للقاح الخاص بالأمراض السابقة الذكر الموجهه لفئتي الشهرين الثالث والرابع، وهو ما يجعلهم يتخوفون من احتمالية إصابة صحة فلذات كبدهم بمضاعفات، خاصة أن هذا اللقاح إجباري ولا يسمح بالاستغناء عنه. * ويزداد الغضب اليومي في العيادات الصحية بأحياء القصر لاسيليس، بني ثور بوغفالة، الرويسات، الزياينة، الحدب، حي الشرفة، بصورة غير مألوفة من لدى النساء الرضع بداعي نقص اللقاح وانتشار الوعي عكس السنوات السابقة بالمقابل انعدام تطمينات من طرف المصالح الصحية للتقليل من تخوفهم عن صحة أبناءهم حيث طالبوا الجهات الوصية بضرورة التحرك العاجل لإيجاد حلولا مع الوزارة ،علما أن جهاز مناعة الرضع جد ضعيف مقارنة بالبالغين. * وفي حين تفتقر معظم العيادات والمستشفيات بالجنوب إلى اللقاح المخصص للأطفال يشغل لقاح أنفلونزا الخنازير بال المصالح الاستشفائية بالجنوب، سيما وأن بعض المناطق الجنوبية تعرف توافد المئات من الأجانب العاملين بحاسي مسعود ومنابع النفط من جهة ثانية تظل نفس الجهات مهددة بالأمراض والأوبئة كالسل الرئوي وكذا التهاب الكبد الفيروسي بأنواعه والحصبة الألمانية والتهاب السحايا، شلل الأطفال، الكزاز، الدفتيرياء التي تساعد اللقاحات على الوقاية منها. * كما أكد مصدر طبي مسؤول بمستشفى محمد بوضياف من انعدام لقاح أنفلونز الخنازير المدرج ضمن البرنامج الوطني للتلقيح والذي لم يصل لحد الساعة. * * بعد المسافة جمّد كل شيء * هجرة جماعية للأطباء ومستشفيات تجاوزها الزمن بإيليزي * * يتشكل القطاع الطبي بولاية ايليزي من مجموع الهياكل طبية أهمها مؤسستان استشفائيتان بمقر الولاية وأخرى بدائرة جانت فيما تتوزع على مستوى الولاية أربع مؤسسات عمومية للصحة الجوارية بكل من ايليزي، جانت،عين امناس، والدبداب وترتبط مع هذه الأخيرة بهياكل أخرى كالعيادات المنتشرة في اغلب المناطق الحضرية والنائية بالولاية، وفي إطار الهياكل فإن المؤسستين العموميتين الاستشفائيتين تعتبران هياكل تجاوزها الزمن لكونهما تدخلان ضمن المرافق المحدودة الآجال بسبب انجازها بواسطة نمط البناء الجاهز، يضاف إلى ذلك المرافق المنجزة منذ العهد الاستعماري على غرار المؤسسة العمومية للصحة الجوارية بجانت، وهو المرفق الذي يبقى يستنزف المزيد من الميزانيات في أشغال الترميمات مع أن الهيكل بشكله العام يفترض أن يكون خارج الخدمة بسبب تردي وضعيته، فيما يسجل على مستوى الولاية تحسن واضح على مستوى المؤسستين الجوريتين على مستوى كل من عين امناس والدبداب بفضل الترميمات التي شهدها هاذين المرفقين.. * وبخصوص الإطار الطبي وشبه الطبي فإن ولاية ايليزي تسجل نقصا فادحا في الأطباء الاختصاصيين، وباستثناء الاختصاصات القاعدية كطب النساء والتوليد، وطب الأطفال والطب الداخلي وطب العيون فإن باقي الاختصاصات تبقى منعدمة كاختصاصيي القلب، الأنف والفم والحنجرة، الأعصاب وغيرها من الاختصاصات التي لم تستفد منها مستشفيات الولاية. * ويبقى الاستقرار يسجل على مستوى الأطباء العامين فقط، أما باقي الاختصاصات فإن الاضطراب هو سمة وجودها بالولاية بسبب التدابير المطبقة من طرف الوزارة الوصية والمتمثلة في ما يعرف بالخدمة المدنية الإجبارية للأطباء الاختصاصيين بولايات الجنوب والتي تدوم عاما واحدا بولاية ايليزي ما يقارب نصف هذه المدة يذهب في العطل التعويضية والسنوية لتبقى مشكلة الأطباء الاختصاصيين بولايات الجنوب معضلة دون حل باستثناء تلك التي يصفها المواطن بالحلول "الترقيعية" فيما يشكو أطباء الولاية من ظروف العمل والتي على رأسها السكن الذي يشكل اكبر العوائق أمام استقرار الأطباء والأعوان شبه الطبيين وتعرف الولاية نزيف حاد في الإطاراتبسبب ما يعتبر الظروف العمل غير المشجعة، حيث عرفت الولاية منذ أشهر قليلة استقالة جماعية لأربع أطباء على مستوى مستشفى مقر ايليزي و مغادرة آخر دون عودة، كما تبقى مجهودات الدولة في هذا الصدد غير كافية في نظر هؤلاء لجلب واستقرار الإطار الطبي بولايات الجنوب و حتى ما يعرف الشرو ط التحفيزية التي يتلقاها هؤلاء الاختصاصيون من سكنات وتجهيزات منزلية توصف بأنها "هزيلة" ،ووفق هذه المعطيات فإن وضعية المريض مستعصية وتتطلب الاختصاص حيث يشكو المرضى من معاناة التنقل إلى مستشفيات الشمال، مع ما يتطلب ذلك من تكاليف في ظل عدم التكفل بمصاريف النقل من طرف مديرية الشؤون الاجتماعية سوى بالمصابين بالسرطان، وأمراض الشرايين والقلب، فيما تطرح المؤسسات العمومية الاستشفائية مشكل عمليات تحويل المرضى حسب ما تقتضيه التعليمة الوزارية رقم 7 المؤرخة في 3 سبتمبر 2006 التي تنص على وجوب تلقي الموافقة قبل إجراء تحويل أي مريض مهما كانت حالته الصحية، كما تعتبر ندرة بعض الأدوية معضلة اخرى يتخبط فيها المريض سيما المزمنة. * * غليان بسبب تدني الخدمات ونقص أطباء الاختصاص بالوادي * * يعاني سكان دائرة المغير الواقعة على بعد 180 كلم عن ولاية الوادي من بلديات وقرى من تدني الخدمات العلاجية خاصة فيما يتعلق بالنساء الحوامل بحيث يتعرض اغلبهن عند الولادة لإجراء عمليات قيصرية بسبب نقص القابلات على مستوى المستشفى، كما تشهد ذات المؤسسة نقصا فادحا في الأطباء الاخصائيين حيث لم يستفد المستشفى لحد الساعة من اى طبيب اختصاصي، مما يضطر المرضى إلى التنقل لمستشفيات متواجدة بمناطق بعيدة كمستشفى الولاية أو إلى ولاية بسكرة لتلقي العلاج حسبما تحدث به ل "الشروق اليومي" أكثر من مواطن كما يعرف المستشفى نقصا في التجهيزات خاصة مصلحة الأشعة ومصلحة التخذير والتحاليل ناهيك عن كونه بات لا يحمل طاقة استيعاب للمرضى، وهو ما جعل المواطنين يطالبون الجهات الوصية بإدراجه كمصلحة خاصة بالأمومة والطفولة قائمة بذاتها إضافة إلى أن مصلحة الطفولة المسعفة هي الأخرى تشكو من نقائص جمة كضيق المساحة ونقص الموظفات. * يطالب البعض من الجهات المعنية النظر إلى هذا النقائص خاصة فيما يتعلق بالأطباء الاختصاصيين وكذا التجهيزات المتعلقة بالأشعة والتحاليل لرفع معاناتهم. * * أدرار * كثرة في التجهيزات الطبية وضعف في التسيير * * عرفت ولاية ادرار قفزة نوعية من حيث الهياكل الصحية التي لم تسجل لها مثيل بالولاية، وذلك بإعادة الاعتبار للبعض وإنجاز الآخر من جديد، وهو ما من شأنه توفير خدمة الصحة العمومية وتقريبها من المواطن في ظل تباعد وتشتت القصور في أحسن الظروف. * ورغم ذلك تم توفير أجهزة طبية حديثة واستقطاب العديد من الأطباء والاختصاصيين في شتى الفروع واستحداث الجراحة عن طريق المنظار بمستشفى أدرار، هذه التحولات ترجمتها المؤشرات الوبائية والديمغرافية بالولاية حيث عرفت نسبة وفيات الأطفال تقهقرا ملحوظا وكذا نسبة وفيات الأمهات في حين عرفت التغطية الصحية هي الأخرى تطورا محسوسا، خاصة من ناحية الموارد البشرية من أطباء كما تعزز مستشفى ادرار بجهاز سكانير الذي كان يحلم به المرضى الذين كانوا يقطعون مئات الكيلومترات نحو ولايتي بشاروغرداية لأجراء هذا الفحص والمشكل الوحيد فيه هو التعطلات المتكررة التي تمسه دائما. * أما المشكل الثاني ورغم هذه الثورة الصحية يظل مشكل التسيير النقطة السوداء، فكثيرا ما يلقى المرضى صعوبات في تلقي العلاج، الأمر الذي يدفع بهم إلى التوجه إلى الخواص لتلقي العلاج رغم غلاء الأسعار قد يصل بهم إلى الانتقال إلى الولايات المجاورة كبشاروغرداية أو الانتقال إن استدعى الأمر إلى ولايات الشمال كالعاصمة، ووهران منها جراحة العظام وأمراض الأعصاب وهي تراكمات تنم عن عدم التحكم في الميدان في المؤسسات وأجهزتها المتطورة.