يشهد الجميع بالدور الخاص الذي لعبه وزير الشباب والرياضة السيد الهاشمي جيار في المبارتين الأخيرتين للمنتخب الوطني ضد نظيره المصري، حيث لم يغادر التشكيلة الوطنية لحظة واحدة سواء بالقاهرة أو الخرطوم، ما مثل دعما معنويا كبيرا لأشبال سعدان.. في هذا الحوار الذي كان للشروق معه أمس يعود بنا الوزير إلى ما عاشه عن قرب مع الدوليين الجزائريين وأنصارهم، عن الحملة الإعلامية المصرية المسعورة ضد الجزائر وأمور أخرى.. * -كنتم ضمن الطائرة الأخيرة التي عادت للجزائر قادمة من الخرطوم، ما هي الانطباعات التي خرجتم بها من المدة الطويلة التي قضيتموها مع المنتخب الوطني وأنصاره سواء بالقاهرة أو الخرطوم؟ * إسمحوا لي أن أحيي أولا الروح الوطنية الكبيرة التي تحلى بها لاعبونا وأنصارنا، حيث كانوا بالفعل خير سفراء لكل الشعب الجزائري وأعطوا صورة مشرفة عن الجزائر، على الرغم من كل ما عانوه في القاهرة على وجه الخصوص، ويخطئ أيضا من يصدق ما يشاع عن الشباب الجزائري من أنه كان متهورا أو قام بأي شيء خارج عن القانون، مثلما يحاول البعض إلصاق التهمة به، فقد كنت شاهد عيان على يوميات الجزائريين في الخرطوم، وسررت كثيرا لسلوكاتهم وتعاملهم مع الأشقاء السودانيين، على الرغم من الظروف الصعبة التي كانوا يعيشونها هناك، من إقامة وأكل وغير ذلك، سيما وأننا كنا ندرك منذ البداية بأن إمكانيات السودانيين في هذا المجال محدودة، ولكن أنصارنا بدوا متفهمين جدا لهذا العامل وتحلوا بصبر كبير يدفعني شخصيا لتحيتهم لأنهم ببساطة كبروا كثيرا في نظري. * -عندما كنتم في السودان، كانت الشوارع الجزائرية تحتفل في كل مناطق الجزائر بتأهل الخضر..هل أدركتم اليوم ما تمكنت من فعله كرة القدم في شعب بأكمله؟ * هذه الحقيقة تدفعنا إلى أن نحافظ على هذا الإنجاز، لأن كرة القدم بواسطة المنتخب الوطني، تمكنت من إعادة اللحمة بين شعب بأكمله، وهي مهمة ليست بالسهلة، ومع ذلك فإن الخضر تمكنوا من تجنيد كل الشعب باختلاف انتماءاته السياسية وراءه، ما يدفعني لتصنيف الأمر ضمن الإنجازات التاريخية الكبيرة لهذا الشعب الأبي. أتمنى فقط أن لا نتوقف عند هذا الحد لأن هذا الحماس والتضامن الذي ولدته مباراة المنتخب الوطني لكرة القدم يجب أن يتعمم إلى الرياضات الأخرى والمجالات غير الرياضية حيث أنه قد حان الوقت لنقوم بنهضة شاملة بعد سنوات طويلة من المأساة الوطنية. * -رأيناكم في الطائرة المقلة للمنتخب الوطني نحو السودان تنتقل بين لاعب وآخر للحديث مع كل واحد منهم..على ماذا كنتم تركزون؟ * تعلمون بأن الفريق الوطني مر بظروف صعبة للغاية بالقاهرة، حيث أن ما تعرض إليه من أمور خارجة عن النطاق الرياضي أكثر بكثير مما يمكن أن يتصوره أحد، ومع ذلك فإن كل اللاعبين صمدوا وتمكنوا من الحفاظ على حظوظ التأهل بالأراضي المصرية من خلال الذهاب إلى المباراة الفاصلة..أظن أن الأمر ليس بالهين وكان من الطبيعي أن تبقى رواسب الجحيم الذي عاشه اللاعبون بالقاهرة حاضرة في أذهانهم، وعليه كان لا بد لنا من وقفة معهم لنرفع من معنوياتهم وهو ما حصل فعلا ونحمد الله على ذلك حيث أن ثمار ذلك ظهرت باقتطاع ورقة التأهل إلى المونديال، إنجاز ساهم فيه الجميع من أنصار، لاعبين، طاقم فني ومسير ومسؤولين سياسيين. * -صراحة، هل كنتم تتوقعون أن يكون لاعبون نشأ أغلبهم بالخارج يتمتعون بكل تلك الروح الوطنية التي أظهروها سواء بالقاهرة أو بالخرطوم؟ * تأكدوا أنني شخصيا لم أشك لحظة واحدة في وطنيتهم لأنهم ببساطة جزائريون قبل كل شيء. عندما يختار أي جزائري أن يستقر ببلد آخر لظروف ما، فهذا لا يعني أبدا أنه انسلخ من وطنيته، بالعكس من ذلك فإن حبه للجزائر يزيد أكثر وهو ما وقفت عليه شخصيا خلال الفترة التي قضيتها مع اللاعبين..لعلمكم فقد كان كل واحد منهم يقول لي في كل مرة بأن الفريق الوطني سيرفع التحدي وأنه لا مجال للخوف أو الخشية من هذا الجانب، فتأكدت بعد نهاية المباراة بأن هؤلاء اللاعبين قد وفوا بوعدهم، ما زاد في احترامي لهم * -إحتكاككم بالشباب الجزائري في الخرطوم يكون قد فتح أعينكم أكثر بالتأكيد على هذه الشريحة الهامة في المجتمع الجزائري. أليس كذلك؟ * بطبيعة الحال، ولو أنه بحكم احتكاكي الدائم مع الشباب الجزائري لم أتفاجأ على الإطلاق بالسلوك الذي سلكه كل الشباب الذين كانوا متواجدين معنا في العاصمة السودانية، كنت أتنقل بين الخيم للحديث إليهم في أجواء مفعمة بالوطنية وروح المسؤولين، وتأكدوا بأن الجميع احترم كل التوجيهات التي كنا نقدمها لهم، ما يدفعني اليوم لأن أوجه ندائي إلى الجميع للإبقاء على هذه الدرجة الكبيرة من التجند. * -لنعد للحديث عن المنتخب الوطني، هل كنتم تنتظرون هذا الإنجاز الكبير بعد سنوات عجاف طويلة؟ * تعلمون أنه بعد هزيمة الجزائر ضد غينيا بملعب 5 جويلية والتي قلصت من حظوظنا للتأهل إلى كأس إفريقيا للأمم الأخيرة بغانا، أصاب الشارع الجزائري نوعا من الإحباط، خاصة وأنه كان يراهن كثيرا على تلك التشكيلة للعودة إلى الساحة الدولية، وأمام مرارة الإخفاق تطلب الأمر مني الدخول في مشاورات مع عدد من الشخصيات الرياضية المعروفة قبل أن نصل جميعا إلى قناعة الإنطلاق في عمل جديد. الجميع كان متفقا أيضا على ضرورة إسناد العارضة الفنية إلى رابح سعدان، لأننا رأينا فيه الرجل المناسب للقيام بمثل هذه المهمة الصعبة، فكان علينا أن نقنعه بذلك، وهو ما حدث فعلا ونشكره كثيرا على قبوله هذا الرهان الكبير، والنتيجة أنه، بمساعدة الجميع، قد تمكن من رفعه..ولعل الذي زاد من صعوبة المهمة أن التشكيلة الوطنية متكونة في معظمها من لاعبين ينشطون بالخارج ما يعني أن مهمة المدرب في خلق الإنسجام بين لاعبيه صعبة جدا بالنظر إلى أن تواريخ الفيفا التي تسمح له بجمع لاعبيه محدودة جدا، ما يزيد في رأيي من قيمة التأهل الذي أحرزه منتخبنا، دون أن ننسى طبعا الإمكانيات الكبيرة التي سخرتها الدولة الجزائرية لتحقيق هذا الإنجاز وتجند كل وسائل الإعلام أيضا وراء الهدف المنشود، تجند أتمنى من صميم قلبي أن يستمر لأنه تنتظرنا تحديات أخرى أهم وأكبر في كافة المجالات. * -ما دمتم تتحدثون عن التحديات القادمة، ماذا تنتظرون من المشاركة الجزائرية في كأس إفريقيا للأمم القادمة بعد غياب الجزائر عن هذه المنافسة في دورتيها السابقتين؟ * بالنظر إلى الصعوبات التي يلاقيها المدرب الوطني في جمع لاعبيه مثلما كنت أتحدث عنه منذ قليل، فإنه في نظري لا بد من عدم الضغط كثيرا على هذا المنتخب وتركه يعمل بهدوء تماما مثلما كان الحال عليه إلى الآن..أظن أننا بصدد تكوين فريق كبير، سيما وأنه يتشكل في غالبيته من لاعبين شبان بإمكانهم حمل الألوان الوطنية لسنوات طويلة أخرى، ما يدفعني شخصيا لأن أنصح بجعل كأسي إفريقيا والعالم القادمتين محطتين هامتين في تحضير الخضر لما بعد هذين الموعدين، ولكن لا يجب أن يفهم من كلامي أننا لا نطمح لتسجيل نتائج إيجابية في هذين الموعدين نديم بها طبعا أفراح الشعب الجزائري. * -الكثير من الفضوليين يسأل عن المكافأة التي ستمنحها الدولة الجزائرية إلى لاعبي المنتخب الجزائري بعد إنجازهم الكبير بالتأهل إلى المونديال.. * ليطمئن كل لاعبينا..نحن عند وعدنا سيما وأن الأمر يتعلق بالتزام شخصي من فخامة رئيس الجمهورية، فالجميع إذن سيأخذ مكافأته إلى آخر سنتيم في أقرب الآجال. * -وهل لنا أن نفوز بالسبق ونعرف قيمتها؟ * ما يمكن أن أقوله في هذا الشأن أن المكافأة ستكون أكثر بكثير مما كان متفق عليه من قبل بين رئيس الإتحادية الجزائرية لكرة القدم واللاعبين، ستكون ببساطة مكافأة معتبرة جدا، والحقيقة أن هؤلاء اللاعبين يستحقونها فعلا. * -بعيدا عن جو الفرح الذي لا يزال يعيش على نشوته كل الشعب الجزائري، ما رأيكم في الحملة الإعلامية المسعورة التي يشنها الإعلام المصري ضد الجزائريين واتهام شبابه بالعنف والإرهاب؟ * لا أريد الحديث كثيرا في هذا الموضوع لأن الكل، بما في ذلك وسائل الإعلام الأجنبية، شاهد على ما حدث للمنتخب الوطني وأنصاره في القاهرة، ومع ذلك فإننا بقينا ندعوا الأنصار الذين تنقلوا إلى الخرطوم بالتحلي بروح المسؤولية، وأنا فخور جدا بهم لأنهم كانوا عند حسن ظننا واستجابوا لندائنا. الدولة الجزائرية ترفض أن تداس كرامة أي جزائري، ومن يتهم شبابنا بالعنف عليه أن يدرك أن حدوث مناوشات بالملاعب ليست حكرا على الجزائر فقط لأن الأنصار الذين يدخلون ملاعب مصر وبلدان أخرى ليسوا ملائكة. ومهما يكن فإننا ننظر اليوم إلى المستقبل، لقد طوينا الصفحة ولكن لم نمزقها..أتمنى أن يعود الجميع إلى رشده لأن اتهام الشباب الجزائري بالعنف والنعوت الأخرى لا أساس له من الصحة، ومع ذلك، أغتنم الفرصة لأدعو شبابنا للرد على هراءات الفضائيات المصرية فوق الميدان من خلال ضمان إجراء كل المباريات الرياضية في روح أخوية.. لقد حان الوقت للترفع عن الخلافات والنعرات بين الأندية. المشاهد التي عايشناها في الخرطوم من تضامن وتآزر بين كافة أنصار الفريق الوطني باختلاف الأندية التي يناصرونها يجب أن تتكرر في كافة الملاعب الجزائرية، وسنعمل من جهتنا على ترسيخ هذا النهج من خلال الإكثار من المبادرات الجادة خلال الأيام القليلة القادمة. * -الشباب الرياضي الذي نتحدث عنه يريد الكثير منه أن يتنقل إلى أنغولا لمساندة الفريق الوطني، هل يمكن أن تتكرر تجربة الخرطوم في لواندا؟ * صراحة.. ليس من السهل تكرار هذه التجربة، لأن الرحلات التي نظمت إلى الخرطوم كانت لظروف خاصة، ومع ذلك سندرس الأمر في المستقبل القريب، كما أنني متيقن بأن الكثير من الأنصار كل بطريقته يريد التنقل إلى لواندا لمساندة الخضر. الأكيد أيضا أن الدولة الجزائرية لن تدخر جهدا في ضمان نقل مباريات الخضر، ويمكنكم الاتصال بالوزارة المختصة لمعرفة التفاصيل.