الحج إلى بيت الله الحرام بات مجال تحايل لدى البعض وضع الديوان الوطني للحج والعمرة أخيرا تحت تصرف الوكالات السياحية دفتر الشروط الخاص بالمساهمة في تنظيم حج 2008، حيث بدا من الوهلة الأولى امتعاض أصحابها واتهامهم الديوان ب"التحايل" عليهم، حيث اشترط شروطا عجزت البعثة التابعة للدولة توفيرها، مثل السكن القريب والإطعام، إضافة إلى طرح دفترين بدل الواحد يتعلق الأول بجواز سفر دولي والثاني خاص بجواز سفر حج. * *خلاف حول الإسكان والإطعام وتحديد تكلفة الحج * أجمع عدد من وكلاء السياحة الذين قابلتهم "الشروق" أمس عقب سحب دفتر الشروط للمساهمة في عملية تنظيم الحج، على أن الخيارين اللذين وضعهما ديوان الحج أمام مهنيي السياحة يحملان عددا كبيرا من التناقضات، لا تتعلق بالشروط فحسب، بل في الغموض الكبير الذي حملته بعض البنود، علما أن الطلبات كلها كانت على تنظيم الحج بصيغة جواز السفر الدولي، لاعتبار أن المشاركة مع البعثة في تسيير أمور الحجاج بالنسبة إليهم تعتبر مهينة، لما اتصفت به البعثة من فوضى وإهمال في التكفل بالحجاج، كما أن العمل بهذه الصيغة ليس مجديا للوكالات التي لا تجني ربحا من عملها بل تنتظر ما تمنحه البعثة من العملية، وقد قدر في سنوات ماضية بنحو 2500 أو 3000 دج عن الحاج الواحد. * ولفت بعض الوكلاء انتباهنا إلى ما جاء في الفقرة الأخيرة من مقدمة الدفتر التي تؤكد أنه "تقرر وضع هذا الدفتر في متناول وكالات السياحة والأسفار التي تم انتقاؤها للمساهمة في عملية تنظيم الحج الموسم 1429ه/2008م" في تناقض صارخ مع المادة 23 منه التي مكنت جميع من دفع مبلغ 5000 دج بسحبه، وبالتالي تقديم عروضه للتكفل بحصة 500 حاج، وقد طرحوا سؤالا كبيرا بخصوص المقصود من "انتقاء" الوكالات التي يتوجه لها الدفتر ما جعل بعضهم يتحدث عن "التحايل" باعتبار أن وزير الشؤون الدينية تحدث فيما سبق عن اختيار دون مناقصة ل 8 وكالات شاركت السنة الماضية لكن المناقصة الآن استدعي لها الجميع. * من جهة أخرى لم يفهم الوكلاء ماذا يقصد بالبند الثالث من المادة الثالثة الذي نص على ضرورة حصول الوكالة عن "ترخيص تنظيم الحج الممنوح من قبل الديوان الوطني للحج والعمرة"، علما أن الديوان نفسه لم يباشر عمله إلا من أيام قليلة وأن هياكله لم تنصب بعد بل ولا يملك حتى مقرا يتوجه إليه العملاء، ما جعل بعضهم يؤكد أن الأمر يتعلق فعلا بوكالات مختارة مسبقا، وتكون هي من شاركت في حج السنة الماضية، وبالتالي فالترخيص قد منحته لجنة الحج السابقة. * ورغم أن الحكومة عجزت على تحديد كلفة الحج إلى غاية اليوم، طلب دفتر الشروط من المتعاملين اقتراح سعر بكلفة الحج، إضافة إلى اشتراط إسكان الحجاج في نطاق لا يتعدى 750م من الحرم، الأمر الذي عجزت عن تحقيقه البعثة نفسها التي أجّرت لحجاج الجزائر في محيط كلم واحد واثنين بسبب هدم العمارات والفنادق لتوسيع الحرم إضافة إلى فشلها في إطعام الحجاج في المشاعر الحرام. * أما دفتر الشروط للمشاركة بحصة جوازات سفر البعثة فهي صيغة مرفوضة من قبل معظم الوكالات الذين اعتبروها "صيغة مهينة أثبتت فشلها سنة 2005 وتهدف إلى تقاسم السلبيات التي تتسبب فيها البعثة مع الوكالات"، وقد انجر عنها ضياع عدد كبير من الأماكن المخصصة لحصة الجزائر من الحجاج، حيث تضطر الوكالة إلى "توسل الحجاج الذين فازوا في القرعة وهؤلاء لا يثقون في الوكالات ولا يبحثون عنها ماداموا حاصلين على جواز حج".