المخرج الجزائري أحمد راشدي استهجن المخرج الجزائري أحمد راشدي رئيس لجنة التحكيم في مهرجان دبي السينمائي حملة التشويه التي قادها المصريون ضده مستهدفين من ورائها التشكيك في نزاهته. * وأكد صاحب رائعة "العصا والأفيون" في حوار خاص ل"الشروق اليومي" أن الجزائريين أكبر من أن يصّفوا حساباتهم في مهرجان سينمائي، وقال راشدي "إن الشك عقدة مصرية وإن حكمهم على الآخرين يكون بما في أنفسهم، لأنه لو ترأسوا لجنة التحكيم لأقصوا الأفلام الجزائرية." * - بماذا شعرت وأنت تترأس لجنة التحكيم لمهرجان دبي السنمائي؟ * -هو شرف لي وشرف للجزائر، وفي نفس الوقت هي مسؤولية حيث ستحكم على عمل الزملاء وفق قانون داخلي، ولو استطعت لقدمت الجائزة الأولى لكل فيلم، لأن انتاج فيلم عربي اليوم أصبح مغامرة. وطيلة أسبوع كامل عملنا بكل نزاهة واضطررنا لمشاهدة كل الأفلام المتسابقة مع باقي أعضاء اللجنة. * -كيف تلقيت مخاوف المصريين ومحاولات زرع الشك في نزاهتك؟ * المشكلة عند الإخوة المصريين هي حكمهم على الآخرين بما في أنفسهم هم، لأنه لو ترأسوا لجنة التحكيم لأقصوا الأفلام الجزائرية والمغاربية، لكن نحن نحكم عن الأفلام بمضمونها وليس عن طريق جنسيتها، وذلك وفق قواعد اللعبة وبكل ديمقراطية، ولا أصفي الحسابات في مسابقة مهرجان سينمائي، لو أردنا تصفية حساباتنا مع الذين شتمونا بكل شراسة لن نصفيها بهذه الطريقة. نحن أكبر من أن نصّفي حساباتنا في مهرجان سينمائي ولم نأت إلى هنا للقيام بذلك، وإذا ما أردنا ذلك فإننا سنصفيها بما يتوافق وثقافتنا وروح المقاومة التي تميّزنا...نحن أعلى من هذا بكثير ونتأسف على هذا المستوى ...فكل يوم تسألني صحافتهم هل ستكون نزيها بعد الذي جرى في المقابلة؟ نحن في مهرجان سينما وثقافة، ولا يجوز ربط هذا بذاك ..وعلى الرغم من أننا مجروحين إلا أننا أعلى مما يتصّورونه. * - هل لمستم انزعاجا لدى المخرجين والممثلين المصريين المشاركين في المهرجان؟ * - هناك من المشاركين في المهرجان من اعتبر أثناء الحملة الشرسة ضدنا أن الجزائر عدو لابد أن يقهر، ومنهم من رفض الانخراط في الحملة حينها، لكن هنا لم يتجرأ أي أحد على الشك في إنصافنا. وأقول أن الشك عقدتهم هم، ولا علاقة لنا بها، وما عليهم سوى النظر في النتائج. * - كيف قرأتم القطيعة التي ينادون إليها؟ * - أي قطيعة هذه، ما عليهم سوى التوضيح، فإن كانت القطيعة المقصودة سينمائيا، فأساسا هل هناك تعاون سينمائي مصري جزائري؟ من طرفنا نعم يمكن أن أعطي أمثلة عن أفلام نحن أنتجناها مع المصريين مثل أفلام يوسف شاهين...لكن هل هناك مشروع فيلم مشترك واحد طرحه المصريون؟.. لا. إذا فالقطيعة لا تعني لنا أي شيء.. أما نحن فلسنا دعاة مقاطعة ولم نتبن مواقفهم، حتى ردة فعلنا لم تكن كما كانوا يتوّقعون ولا حتى كما توّقع أغلبنا ..فنحن معروفون بالنرفزة. ولذلك لم يرد إعلامنا بمثل مستواهم ولعلّ ذلك من بين أسباب عقدتهم. واليوم شعروا بأنهم ذهبوا بعيدا في حملتهم، ورهنوا بذلك مستقبلهم. * - من دروس حملة الشك على تاريخنا، هل ترى أن السينما لابد وأن تلعب دورها في التعريف بتاريخنا لكل العالم؟ * - من الضروري أن تلعب السينما دورها، على الرغم من أن كتابة التاريخ ليس من مسؤولياتها بل وظيفتها إنارة التاريخ، أما بالنسبة للأزمة الأخيرة فيمكن أن تفتح أعيننا على تاريخنا القديم لأننا ركزنا كثيرا على تاريخنا الحديث بما في ذلك فترة الاستعمار الفرنسي والثورة. فنحن نملك تاريخا يمتد عبر آلاف السنين، وظواهره شاهدة فمثلا لدينا لغة التماشيت تكتب وتقرأ منذ 3 آلاف سنة، بينما اللغة المصرية القديمة لا أحد يعرف كيف تقرأ إلى حد الآن. ومن الممكن توظيف هذا التاريخ في أفلام عن ماسنيسا ويوغرطة وعن حضاراتنا لما قبل التاريخ. * - هل من مشاريع لديك في هذا الصدد؟ * - عندي مشروع وضعته لدى التلفزيون منذ أكثر من عام، وأعطوا موافقتهم المبدئية حينها، لكن لا أدري الآن فالأمر متوقف عندهم، والمشروع هو فيلم عن ماسينيسا ومسلسل من 30 ساعة عن هذا البطل الذي انتفض ضد الاحتلال الروماني بعد 400 سنة من استعماره للجزائر. * - أترى أن مشكلة التمويل هي العقبة الرئيسية أمام تجسيد مثل هذه المشاريع؟ * - التمويل مشكلة كبيرة في الجزائر، خاصة وأن الأموال موجودة ولكن الميكانيزمات غائبة، كيف تموّل الأفلام؟ كيف تدعم؟ ماهو دور الدولة؟ ماهو دور الشركات الخاصة؟ ماهو دور التلفزيون؟ كلها إشكاليات تحتاج للتوضيح. وهذه المشكلة تمتد حتى عربيا فمن بين 10 أفلام عربية متنافسة في مهرجان دبي هذا العام نجد 8 أفلام من إنتاج أوروبي أو أمريكي، وهذا يشكل خطرا. فالسينمائي العربي لم يجد الدعم اللازم، وهذا قد يؤدي إلى بعض التنازلات في مضمون الأفلام، لذلك أدعو إلى عدم ترك السينما العربية تحت اليد الأوربية أو الأمريكية. * - هل تعتقد أن التدخل الشخصي للرئيس بوتفليقة لاستكمال فيلمكم مصطفى بن بولعيد يدّل على مرحلة جديدة للتغّلب على عراقيل التمويل؟ * - تدخله هو تعبير عن اهتمامه الشخصي كمثقف، لكن الانتظار حتى تدخل الرئيس لاستكمال الفيلم يؤكد غياب الميكانيزمات. * - من تُحّمل مسؤولية الوضع؟ * - أحمل المسؤولية للدولة لأن السينما الجزائرية في السابق كانت قوية جدا وبلغت العالمية ونالت جوائز عديدة في المهرجانات الدولية في فترة قصيرة، وهذا لم ينزل من السماء بل لأن الدولة كانت وراء السينما، حيث كانت هناك مؤسسات تشرف على السينما. الآن ألغيت وأصبح المخرج لا يعرف أين يتجه. * - كيف تقيّم دور التلفزيون الجزائري ضمن هذا الواقع المرير؟ * - واقعيا ليس على التلفزيون دعم السينما بل يمكنه شراء إنتاجها دون أن يكون مجبرا على الدخول في عمليات الإنتاج. * - لكن أغلب المشاريع تمر على التلفزيون، فأين المشكلة؟ * - لأنه لدينا قناة واحدة والمموّل الوحيد هو التلفزيون، لكن التلفزيون ليس لديه الإمكانات لدعم كل الأفلام من عدة مخرجين. لا بد من جهات أخرى كوزارة الثقافة، ففي تونس على سبيل المثال تقدم وزارة الثقافة سنويا دعما لإنتاج 10 أفلام تختارها لجان خاصة، إضافة إلى أن الخواص عندنا في الجزائر لم يهتموا بالإنتاج الثقافي. * - من جانب آخر، هل الجزائر مازالت تلد الممثلين النجباء؟ * - نعم أنا عند إنجازي لفيلم مصطفى بن بولعيد زرت العديد من المسارح الجهوية في سيدي بلعباس في وهران في قسنطينة في عنابة في بجاية في باتنة، وانبهرت بالقدرات الموجودة وفي فيلمي المذكور 95 بالمئة من الممثلين هم شباب المسارح الجهوية ولأول مرة يقفون أمام الكاميرا، الإمكانات موجودة لكن لم نبحث عنها ولم تعط لنا الفرصة لذلك. * - بعد مصطفى بن بولعيد ما هي مشاريعك في الأفلام الثورية؟ * - مع فيلم مصطفى بن بولعيد الفكرة كانت ثلاثية بفيلمين آخرين عن كريم بلقاسم وعن العقيد لطفي، يمكن أن يقال لي إن في ذلك مراعاة للتوازن الجهوي من الشرق والوسط والغرب، أقول نعم لأن الشعب الجزائري كله شارك في الثورة. كذلك هناك مئات الشخصيات الوطنية التي تحتاج إلى أفلام مثل الأمير عبد القادر. * - هل أنت مستعد لإخراج فيلم عن الأمير عبد القادر؟ * - إخراج فيلم عن شخصية تاريخية مثل الأمير عبد القادر يحتاج أولا إلى سيناريو ممتاز جدا وإمكانيات كبيرة، أما مرحلة التصوير فقد أصبحت بسيطة مع التقنيات الحديثة، والشرط الأول لنجاح الفيلم هو السيناريو والشرط الثاني هو السيناريو والشرط الثالث هو السيناريو، وفيلم عن الأمير يحتاج إلى سيناريو قوي فلو توّفرت الشروط اللازمة فأنا مستعد، دون ذلك أنا غير مستعد للمغامرة.