إذا صحّت التقارير الإخبارية التي تقول أن أزيد من 300 فضائية ستغلق خلال السنة الجديدة بسبب الأزمة المالية ونقص الدعم والإشهار، فإننا سنكون حينها أمام فائدة عظيمة من فوائد الأزمة المالية، خصوصا إذا ما كانت تلك الفضائيات من نوعية "هشك بشك"، و"هزي يا نواعم"، و " رقصني يا جدع " * الفضائيات العربية تتناسل بشكل كبير وبدون تأثير، فهي تحقق مطلب الكم دون الكيف، وتزيد في الحجم دون فعالية، وتتضخم على حساب المهنية والأخلاقيات وتُبدع في بث أشياء أخرى لا تسّر الناظرين ولا السامعين..! * ألم تتخصص معظم تلك الفضائيات فارغة المحتوى والمضمون في تصفية قضايا الأمة، وبرعت منذ تأسيسها في إثارة الفتن والتحرش بالثوابت والنيل من المعتقدات..! وإلا بماذا يمكننا تفسير ما يحدث من تنابز وتعارك وتصفية حسابات على الهواء مباشرة بين تلفزيون فلسطين الرسمي التابع ل " فتح " وفضائية " الأقصى " التابعة ل " حماس " مثلا، أو بين الفضائيات السنية والشيعية في العراق .. ! أليس من المضحك المبكي أن تؤسس فلسطين عشرات الفضائيات قبل تأسيس الدولة .. ؟ ! * من لديه مصلحة في إنشاء فضائيات يسميها تارة "فلسطين اليوم" وتارة أخرى "فلسطين الغد" وقد نشهد مستقبلا إنشاء فضائية "فلسطين بعد غد" ونحن فرطنا في الأمس وفي الغد، وفي التاريخ وفي الحاضر والمستقبل * الغريب أن توقف 300 فضائية عن العمل لم يكن بسبب وثيقة الإعلام العربي التي أنجزها قبل فترة، النظام المصري بالتعاون مع وزراء الداخلية والإعلام في الدول المستبدة، وكان الغرض الحقيقي منها وقف بث "الجزيرة" وغيرها من الفضائيات الشريفة والمنفلتة من قبضة الأنظمة، بل جاء التوقيف لسبب مادي محض، ولافتقاد المهنية والشعور بالاغتراب الجماهيري، ولو طبقنا ما جاء في تلك الوثيقة التي أصدرتها مصر وخدعت معظم الدول العربية بأن جرّتها للتوقيع عليها، لكان أول الموقوفين في القائمة، هي فضائيات الفتنة المصرية التي حصلت على جائزة الشتم الدولية ووسام القذف الإقليمي ولها أن تفتح دورات تدريبية في الكذب والتضليل والترهيب والتحريض على القتل، على غرار ما فعلته مع الجزائريين .. ! * ما معنى أن تتناسل الفضائيات في الأقمار الصناعية، وتستنسخ بعضها البعض على طريقة النعجة دوللي، حتى وصلت إلى أزيد من 700 قناة، كثرتها مثل غثاء السيل وفعاليتها قليلة، ووجودها مثل عدمها، إلا من رحم ربك..! * في الجزائر، لدينا مثل شعبي يقول "كثرة الشي ترشي" وهذا تحديدا ما يقع مع هذه الفضائيات التي أصبحت لا تغني ولا تسمن من جوع، ولا تتوجه صوبا نحو قضايا الأمة، بل تخاطب جزءها السفلي فقط، وتلغي العقل وتعمل لحساب هز الوسط أحيانا أو لتمجيد الأرجل أحيانا أخرى.