بنك الجزائر يحدد الشروط الخاصة بتأسيس البنوك الرقمية    مولي: الاجتماع المخصص للصادرات برئاسة رئيس الجمهورية كان مهما ومثمرا    ميلة.. تصدير ثاني شحنة من أسماك المياه العذبة نحو دولة السينغال    الرئاسة الفلسطينية تؤكد ضرورة قيام المجتمع الدولي بالعمل الفوري على وقف العدوان الصهيوني المتواصل عل الفلسطينيين    أوبرا الجزائر تحتضن العرض الشرفي الأول للعمل الفني التاريخي ملحمة الرمال " تاهقارت"    المدعي العام للجنائية الدولية يحث كل الدول على التعاون بشأن مذكرات الاعتقال بحق مسؤولين صهاينة    وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال من يسمى نتنياهو إذا زار روما    منظمة العفو الدولية: المدعو نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة الجنائية    الرابطة الأولى موبيليس: شباب قسنطينة يفوز على اتحاد الجزائر (1-0) ويعتلي الصدارة    ضرورة تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء وتكثيف الدعم لها لضمان تحقيق أهدافها    ندوة علمية بالعاصمة حول أهمية الخبرة العلمية في مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية    المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت    اجتماع تنسيقي لأعضاء الوفد البرلماني لمجلس الأمة تحضيرا للمشاركة في الندوة ال48 للتنسيقية الأوروبية للجان التضامن مع الشعب الصحراوي    الفريق أول شنقريحة يشرف على مراسم التنصيب الرسمي لقائد الناحية العسكرية الثالثة    ربيقة يستقبل الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين    رئيس الجمهورية يتلقى رسالة خطية من نظيره الصومالي    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    هذه حقيقة دفع رسم المرور عبر الطريق السيّار    عطاف يتلقى اتصالا من عراقجي    توقيف 55 تاجر مخدرات خلال أسبوع    مكتسبات كبيرة للجزائر في مجال حقوق الطفل    حوادث المرور: وفاة 11 شخصا وإصابة 418 آخرين بجروح بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    أدرار: إجراء أزيد من 860 فحص طبي لفائدة مرضى من عدة ولايات بالجنوب    توقيف 4 أشخاص متورطين في قضية سرقة    بوغالي يترأس اجتماعا لهيئة التنسيق    سوناطراك تجري محادثات مع جون كوكريل    الجزائر العاصمة.. وجهة لا يمكن تفويتها    أكثر من 10 آلاف مشروع مصرّح به    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    فلاحة: التمور الجزائرية تصدر إلى أكثر من 90 دولة    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بورقلة:عرض نماذج ناجحة لمؤسسات ناشئة في مجال المقاولاتية    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    الجزائر تتابع بقلق عميق الأزمة في ليبيا    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    دعم حقوق الأطفال لضمان مستقبل أفضل    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    مصادرة 3750 قرص مهلوس    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    شايبي يتلقى رسالة دعم من المدير الرياضي لفرانكفورت    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    ماندي الأكثر مشاركة    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إيران والغرب .. وما يسطرون!
نشر في الشروق اليومي يوم 05 - 01 - 2010

نريد من فقهاء السياسة والتسييس، وجهابذة القانون والتلبيس، ودهاقنة الإعلام والتحسيس، نريدهم جميعا، أن يكشفوا لنا اللغز والسر المكنون، فيما يدور على المشهد الإيراني من مأساة وملهاة، بين الغربيين وجنود الثورة الإسلامية، وما يسطرون.
*
هل هو الحزن على فراق آية الله منتظري، والتأبين له؟ ومتى كان الغربيون يحزنون لعالم إسلامي كان ذات يوم هو الساعد الأيمن لمرشد الجمهورية الإسلامية آية الله الخميني؟
*
وما هذا التأبين الذي يتم بالعنف، وإراقة الدماء، وتعبئة الدهماء، وتأليب العزل من الجهلاء الأبرياء، على قدسية العلماء الشرفاء؟ لقد عهدنا الحزن على العلماء، وتأبين الفضلاء، يتم بالدموع وإضاءة الشموع، في كنف الخشوع من الجموع، ولكن تعالوا فانظروا شدة حزن الإعلام في الغرب على فقد العالم الجليل آية الله منتظري، حيث تنظم له الحشود والمظاهرات، وترفع الأعلام والشعارات، ويطالب المتظاهرون باسمه بإسقاط الدولة، وقلب نظام الآيات.
*
أكل هذا خدمة للديمقراطية الموؤودة في إيران، ورثاء "البؤساء" و"بطالي" طهران، وقم، وإصبهان، باسم الضمير الغربي، الذي صحا فجأة، في هذه القطعة العزيزة المجاورة للعراق وأفغانستان؟
*
وأين كان هذا الضمير الغربي لا كان عند دك حصون العراة في الصومال، ومحاصرة غزة، وإذلال العراقيين، واغتصاب العراقيات، والتآمر على السودان؟
*
ولماذا كل هذا التباكي على فقد "الحرية" في إيران "إن فقدت" على أيدي علماء يرفعون شعار الإسلام نظاما للحكم، ومن حولهم، وبالقرب منهم، حكام لا يذكرون الله إلا قليلا، ويعبثون بإرادة شعوبهم بكرة وأصيلا، ويملأون أرض أوطانهم تبجحا، وصراخا، وعويلا، وينعمون مع ذلك بمباركة الغرب العلماني، والنصراني معا وإشادته بحكمة سياستهم، واستقرارهم عرضا وطولا؟
*
إن الحقيقة التي لا مراء فيها، هي أن بين الغرب وكل من يرفع شعار الإسلام في العالم هوة عميقة، يستحيل أن يقوم فوقها أي جسر للالتقاء والتفاهم، سوى جسر العمالة، والخيانة، وأن بين الغرب الإسلاموفوبي ممثلا في قوته الاقتحامية، وبين إيران الصامدة على حقها في الوجود والإيجاد، ودفاعها عن الإخصاب، والإعداد، والعتاد، إن بين القوتين المادية و الروحية، فقه قطيعة، لا يمكن الجمع بين طرفين تشريعه. إنه فقه لا مجال فيه للجمع بين الأضداد. فالغرب المنحاز، المتعصب، لا يسمح بوجود نواة نووية، على خارطة الأرض، خارج الكيان الصهيوني، في فلسطين المحتلة. وبالمقابل، الثورة الإسلامية في إيران التي تصر على حقها، في إقامة نظام إسلامي، يستمد إلهام حكمه من السماء، ويتشبث، بتفجير كل طاقاته البشرية، والنووية من أجل الإزدهار والنماء.
*
فأين يكمن الخلل إذن في فقه القطيعة بين الغربيين، وإيران، فيما يسطرون؟ إن الغرب، في تجربته السياسية مع العالم الإسلامي، قد دأب دوما على البحث عن أحرف العلة، في الجملة السياسية غير المفيدة، في الوطن العربي وفي العالم الإسلامي، كي يمدد بها نفوذه، ويتخذ منها قواعد لأسلحته وجنوده، ومنافذ لقوانين أحكامه وبنوده. فإذا استعصى عليه أمر بلد ما، عمل على "أفغنته"، كما فعل مع باكستان، والعراق، والصومال، وكما يفعل اليوم مع اليمن والسودان، وإيران، والله أعلم، على من سيكون الدور غدا؟
*
وماذا يعيبون على إيران اليوم؟ انتخاباته التي لم تفرز طبقة "الإصلاحيين" وأبقت على الثوريين الإسلاميين؟ وماذا يعني الإصلاحيون في المفهوم الغربي؟ هل يعني التخلي عن التجربة الإسلامية، وجلب التجربة الغربية إلى إيران كما كانت في عهد الشاه البائد؟ تجربة تجرد المرأة من حجابها، والإدارة من أقطابها، والدولة من ألقابها، وتنزع الأرض من أصحابها؟ لعل هذا هو ما نفطن إليه حراس الثورة الإسلامية فأقاموا دونه السدود، واحتموا منه بالبنود الإلهية وبالحدود.
*
نحن لا ندافع هنا عن النظام الإسلامي في إيران، وسيان عندنا تشيعه أو اصلاحيته، ما دام قد حظي بتأييد شعبه، ويعمل على إرضاء ربه، وإن كانت أخطاء النظام الإيراني في التطبيق، فأي نظام في العالم خلا من الأخطاء؟
*
لقد كتب لي أن أزور إيران في مناسبات متفاوتة، فما وجدت فيها إلا شعبا ضاحكا، باسم الطلقات، مطمئن المعاملات، يبش في وجهك، خصوصا، إذا علم أنك مسلم من بلد غير بلده، كما بهرتنا نظافة مدنه، ونظافة ذمة أبنائه، يطبع ذلك كله وفرة في الإنتاج، وهدوء في المزاج، وتقشف في حياة المسؤولين على المال العام وعلى الخراج.
*
وماذا تريد شعوبنا، وشعوب العالم قاطبة، غير نظافة المحيط وأناقة المخيط؟ وغير وحدة الأمة ونظافة الذمة؟ فإذا كان للغرب معيار غير هذا، وإذا كان يمالي الأقلية الإصلاحية على الأقلية الجماهيرية، فذلك راجع إلى خلل يعاني منه الغرب في أحكامه، وإلى حول مصاب به في عينيه وفي آذانه.
*
بين الشيطان الأكبر، والشعب الأقدر منازلة فاصلة، ستظل قائمة بين الحق والباطل، وبين الهيمنة الاستكبارية والمطالب الجماهيرية، بين القارونية الرأسمالية، ودعاة العدالة الإجتماعية.
*
وإذا كان للغرب من غيرة على حقوق الضعفاء والمستضعفين، فلينظر يمنة ويسرة في جغرافية العالم الثالث، فسيرى الذين يموتون جوعا وبردا، وقمعا وإدّاً، سيرى الغرب تفشي الرشوة والفساد في أكثر من بلاد، وسيلاحظ تزوير الإرادة، والدوس على السيادة، والتسلط على رقاب الناس بسوء التسيير، واستغلال الحكم والقيادة.
*
إن إيران، على العكس مما يسطرون، هي أقل الأنظمة سوء في عالم الأنظمة الممكنة، وكل ما يعاب عليها من منظور الغرب، أنها ترفع الإسلام شعارا، وهم ذوو حساسية من الإسلام، وأنها تتمسك بحقها في استقلالية القرار، بالتصدي للتحدي، وتطالب بحقها في إخصاب اليورانيوم لصالح تنمية بحثها العلمي، وازدهارها الشعبي، أسوة بالبلدان التي دخلت العالم النووي، دون أن يردعها رادع، وهي أقل من إيران قيمة ومكانة.
*
يجب أن تكون إيران نموذجا للمستضعفين في الصمود دفاعا عن وجودهم، وللمتخلفين في الدود والعمل من أجل نهوضهم.
*
ما نريده لإيران، هو أن تسمو عن الفتن المذهبية الداخلية، وأن تتعايش بسلم مع المجاورين لها على الحدود الشرقية أو الغربية، وأن تعمل على إشاعة المزيد من التسامح داخل طبقتها السياسية، وطوائفها الاجتماعية، ومكوناتها القومية والمذهبية.
*
إن على الغرب بجميع فآته، واتجاهاته، أن يدرك، أن فتح الجبهات العالمية عليه هو إنهاك لقوته، وإخماد لشهرته، وبداية لنهايته. وكما يقول المثل الجزائري القبائلي عندنا "اليد التي لا تستطيع قطعها، عليك أن تبوسها".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.