لم تكن المقابلة الكروية بين فريقي المجاهدين والفراعنة عادية على الإطلاق، فقد لجأت الإدارة السياسية المصرية إلى أسلوب الدهاء والمكر عندما طالبت وسائل الإعلام المصرية بتأجيل التحامل على شرف الجزائر وكرامة حملة الألوان الوطنية الجزائرية إلى ما بعد نجاح مكيدتها في أنغولا. * وأثناء ذلك استطاع دهاة الكواليس في الكاف والذي يتخذ من مصر مقرا له من نسج خيوط مؤامرة انكشفت أبعادها بالكامل في ملعب كابيندا أثناء المقابلة بين الجزائر ومصر، حيث بالغ الحكم البنيني في تنفيذ ما طلب منه وأزيد، وجرّد فريق المجاهدين من عوامل قوته، وقرر اغتيال أركان فريق المجاهدين عبر إخراجهم بالبطاقة الحمراء من الملعب.. * وقد بدأت تتكشّف خيوط المؤامرة على الجزائر وهيبتها وكرامتها، وبعد نجاح المؤامرة المصرية -والرشوة هي المذهب الأكثر انتشارا في مصر - عاد الإعلام المصري إلى رذيلته ونجاسته في التحامل مجددا على الجزائر وعلى الفريق الذي مثلّ الجزائر في اللقاء الكروي.. على طريقة "عجبت لفرخ البطّ يعتلي نخلة ويرقى إلى العلياء و هو وضيع.." * والجزائر الشامخة والعملاقة بمواقفها وتاريخها ورجولتها ووقوفها إلى جانب المظلومين في العالم لا يمكن أن يزحزحها نهيق حمار أو عواء ذئب أو نباح كلب، ولا يمكن أن تنال من هيبة الجزائر صحيفة صهيونية هللت لانتصار الفريق المصري وتشفّت في الفريق الوطني الجزائري الذي يمثّل جزائر الصمود والتصدي، جزائر رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني، جزائر راعية القضية الفلسطينية بإخلاص دون البحث عن مقابل سياسي.. * ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم.. فالجزائر لم تتبع ملة اليهود والنصارى حتى تحظى بتنويه من جريدة إسرائيلية أصبح عنوانها العام خطّا إعلاميا وافتتاحيا لكل وسائل الإعلام المصرية التي تحركّت لإيقاظ كراهيتها للجزائر من وحي الإيعاز الإسرائيلي.. * والجزائر مذ أنجزت استقلالها المقدّس ضد فرنسا تبنّت بصدق القضية الفلسطينية ومولت قضية العرب الأولى وهيأت للفلسطينين كل أسباب مواصلة النضال في الجزائر ولم يحدث أن ضغطت الجزائر على أي فصيل فلسطيني ليكرسّ أجنداتها، لأن أجندة الجزائر كانت فلسطينية بامتياز، وكانت تنطلق من مبدأ دعم حركات التحرر لأنها قلعة للأحرار والراغبين في الانعتاق من الهيمنات والاحتلالات، على عكس مصر التي باعت القضية الفلسطينية في سوق المزايدات الأمريكية والصهيونية. وهي مستعدة أن تبيع كل شيء من أجل أن يصبح جمال مبارك نجل الرئيس حسني مبارك رئيسا لمصر.. * و ليست الجزائر التي يقال عنها: * "وان تو تري زيرو لا لجيري" ، "غابت المطاوي والبلطاجية فخسرت الجزائر"، "الآن ظهر الحق وزهق الباطل، واتضح من الأقوى والأجدر بكأس العالم"، "مصر هي الأقوى وأم الدنيا" وما إلى ذلك من شعارات وعناوين الإعلام المرئي والمكتوب في مصر... * فالجزائر ليست صفرا ولن تكون أبدا صفرا، بل هي رقم ضخم ورقم عملاق مدعوم بمليون ونصف مليون من الشهداء الشرفاء المقدسّين الذين يدين لهم أزيد من ثلاثين مليون جزائريا بالفضل والجميل والقدسية، وفريق المجاهدين ليس مجموعة عيال، بل هم من أشرف الناس وأنبل الرجال الذين ورغم تآمر الحكم البنيني عليهم استماتوا وقاتلوا وجاهدوا من أجل علم بلادهم، وهؤلاء الرجال العمالقة هم الذين كسروا أنوف الفراعنة في السودان، وحازوا عن جدارة وبطولة شرف التأهل لكأس العالم، فالفريق الجزائري سليل المجاهدين له قصب السبق وروعة الانتصار والوصول إلى العالمية، وإفريقيا أيضا تعلم جيدا من هم مع قضاياها ومن يتبنى خياراتها، والجزائر بوابة إفريقيا كانت هكذا كما سماها نابليون وستظل كذلك، رغم محاولات مصر للعب دور سياسي في إفريقيا إلا أنها أخفقت، كما أخفقت في العالم العربي، وربطت سياستها قلبا وقالبا، ظاهرا وباطنا بواشنطن وتل أبيب.. ومن الطبيعي أن تبارك صحيفة إسرائيلية وحتى القيادة الإسرائيلية هذا الانتصار ضد المجاهدين الأحرار.. * وغضب إسرائيل على المجاهدين الجزائريين دليل على أن الجزائر في خطّ الحق، وفي الصراط المستقيم، وفي خط الشعوب المظلومة والمستضعفة، ولذلك لم يخسر الجزائريون المجاهدون، لأنّ الخسارة لن تدنو من الجزائر والجزائريين، وإذا كان لكل جواد كبوة، فهذا الجواد الجزائري ما زال فتيا وقويا وشامخا، ألا يعرف مخنثو الإعلام المصري أن المجاهد الجزائري عندما كان يعدم برصاص الجنود الفرنسيين كان إخوته المجاهدون في ميدان الإعدام ينادونه: "يا أخانا مت واقفا" فالجزائريون حتى وهم يستشهدون كانوا يستشهدون وقوفا، نكاية بجنود المستعمر الفرنسي البغيض.. * والذي سكت دهرا ونطق كفرا نجل الرئيس المصري علاء مبارك عندما أدلى برأيه في مقابلة كابيندا قائلا: "أللّي ما يحبناش ما يلزمناش.. والآن اتضح الأقوى والأجدر" والرد عليه إذا تكلمّ السفيه فلا تجبه، فخير من إجابته السكوت.. * والحمد لله أن علاء مبارك لا يحب الجزائريين، لأنّه لو أحبّهم لكان موقف الجزائريين ضعيفا، فهو يحب الصهاينة والجدار الفولاذي وتجويع الفلسطينيين وحرمان الرضّع من الطبابة والاستشفاء * ويكفي الجزائر فخرا وشرفا أنّ الشارع العربي والإسلامي كان من أقصاه إلى أدناه مع الجزائر يشجع الجزائر وعلمها المقدّس رمز النضال والجهاد والشهامة، فهذا الشارع العربي والإسلامي كان يرى وما زال يرى في الجزائر أملا عربيا وأملا إسلاميا بقيادة العالم العربي نحو العزة والكرامة، وكل الأحرار والشرفاء كانوا مع الجزائر والجزائريين وعلم مليون ونصف مليون شهيد، لأن الجزائر لم تخن القضايا العربية، ولم تطبّع مع الكيان الصهيوني ولم تتاجر بالقضية الفلسطينية والقضايا العربية وحقوق الشعوب المهضومة والمستضعفة. * والإعلام المصري الذي استخدم نفس عبارة جريدة معاريف التي ذهبت إلى القول بأن: * "فوز المنتخب المصري على نظيره الجزائري هو انتصار عظيم للفراعنة الذين حولّوا فريق محاربي الصحراء إلى قطط فى الملعب"، يكشف مرة أخرى عن خبثه وحقده على الجزائر التي ما زالت وستظل شوكة في حلقوم الإستراتيجية الإسرائيلية التي تفعل تفاصيلها السياسة المصرية في الوطن العربي... * لقد كان الشرفاء والأحرار في العالم العربي والإسلامي مع الجزائر، ففي الوقت الذي كانت فيه الراقصات والمغنيات العاريات من مصر والوطن العربي مع مصر، كانت فلسطين ولبنان والأردن والإمارات العربية والكويت وقطر والعراق وتونس والمغرب وموريتانيا وليبيا وعمان والصومال وكل الدول العربية والإسلامية مع الجزائر، لأن الأحرار في العالم العربي يميزون بين المقاوم والمستسلم الخائن، بين الرجل والمخنث، بين المحق والمبطل، ومن هذا المنطلق فإن الجزائر لم تخسر المباراة في كابيندا بل كسبت رصيدا عملاقا في قلوب الأحرار في العالم، ولن تسمح الجزائر والجزائريون بأن يكونوا عرضة لسلخ الإعلام المصري الذي يبارك التطبيع مع الكيان الصهيوني ويبارك تجويع أطفال غزة ونسائها ويبارك زيارة قادة الكيان الإسرائيلي أمثال بنيامين نتنياهو وأفغيدور ليبرمان إلى القاهرة، والجزائر أكبر من أن ينال شرفها إعلاميو المخابرات المصرية، وأكبر من صوت مغنية تغني بجسدها العاري وتتنقل بين مخادع الأمراء الذين يسيل لعابهم لهثا وراء لحوم المغنيات.. الراقصات البيضاوات منهن والسمراوات.. * وستظل الجزائر عملاقة وكبيرة رغم ما قاله أحد المثيقفين المصريين بأنه "يحق لمصر أن تفرح بما أصاب الجزائر، يحق لمصر أن تموت من الفرح بعد أن كسر الله من خلال مصر شوكة الجزائر على يد فتية آمنوا بربهم فزادهم الله نصراً"..!؟ * إن النصر الذي تصنعه الرشوة ومؤامرات الكواليس واستغلال وجود الاتحاد الإفريقي في القاهرة ليس نصرا، وإن حكم البنين كوفي كوجيا الذي تلقى أوامر بهزم المجاهدين والإخلال بمعادلته الرقمية لن تمر بسهولة، وسوف يتحول هذا النصر المصري إلى فضيحة، تضاهي فضيحة رشوة القوى السياسية المصرية وأشباه الكتّاب والإعلاميين في مصر للقبول بجمال مبارك رئيسا لمصر . * والجزائريون سيظلون مرفوعي الرأس والهامة كرفعة جبال الونشريس والهڤار والطاسيلسي والأوراس العملاق، وإن كلام ذلك المثيقف المصري الذي كتب قائلا بأن ّ "الجزائريين سيعودون إلى منازلهم فى الجزائر أو وهران أو مستعمراتهم في فرنسا وهم يحملون كل معاني الخيبة بعد هزيمتهم الساحقة بأربعة صواريخ" سيرتدّ عليه وعلى غيره من أدوات العهر الإعلامي في مصر، وسوف يكتشف هؤلاء قريبا بأن الجزائر والجزائريين سيفاجئون العالم العربي والعالم بأسره، وسيظل فريق المجاهدين شامخا عاليا مرتفعا فخورا بما أنجزه لحد الآن، وسوف يسمع العالم.. كل العالم نشيد "قسما بالدماء أن تحيا الجزائر" في جنوب إفريقيا قريبا، وفي كل الميادين السياسية والإعلامية والثقافية والاقتصادية والحضارية، ولن نشمت أبدا أثناءها عندما سيتباكى الإعلام المصرى على غياب رئيسه والبحث عن رئيس جديد..