قس أمريكي: "الإجراءات الجديدة مخالفة للدستور الأمريكي ولا يقبلها القرآن ولا الإنجيل" رئيس أسقفية الكنيسة الانغليكانية في شمال إفريقيا: "نرفض التفتيش الذي يخدش الحياء وخصوصا للسيدات" لم تتقبل الجزائر قرار إدراجها على لائحة الدول التي يخضع رعاياها للتفتيش "المخل بالحياء"، اصطلاحا على إجراءات المراقبة التي أقرتها إدارة الرئيس الأمريكي أوباما، بإخضاع الوافدين إلى المطارات للتفتيش الجسماني الدقيق والمراقبة بالكاشف الضوئي الذي يظهر جسد الإنسان عار، ويبحث تحت ملابسه للتحقق من عدم حمله لمتفجرات ومواد خطيرة. * ولمعرفة وجهات نظر رجال الدين تحديدا في القضية، استغلت "الشروق" انعقاد ملتقى "حرية المعتقد حق يكفله الدين والقانون" نهاية الأسبوع الماضي بدار الإمام لتطرح السؤال على بعض المشاركين، وقد احتفظنا في هذه الندوة بالآراء التي أبدى أصحابها مواقف متباينة وتركنا المتشابه منها لكونها لا تبرز الاختلاف في تناول القضية. * على ذلك يوافق تماما القسيس الإنجيلي الأمريكي جوزيف كامنغ، مدير برنامج المصالحة بمركز الإيمان والثقافة بجامعة ييل بالولايات المتحدة، إذ اعتبر "الإجراءات التفتيشية في المطارات التي تستهدف بصفة خاصة رعايا من بلدان معينة مهينة ومذلة ومسيئة ومرفوضة دينيا وقانونيا وإنسانيا"، وقال في تصريحات للشروق "الأمر يرفضه أي دين شريف بل مرفوض إنسانيا ومرفوض في الشرائع الدولية والقانون الأمريكي، والتعديل الرابع للدستور الأمريكي يمنع مثل هذا التفتيش من دون مذكرة تفتيش موافق عليها من قبل محكمة معنية بالأمر، إذن فاعتبر هذه الإجراءات غير شرعية في الدستور الأمريكي" . * ومن حيث يرى القس الأمريكي إجراءات حكومته غير قانونية ومخالفة حتى للتشريع الأمريكي وغير إنسانية يرفضها الدين المسيحي، لم يعارض المطران منير حنا أنيس رئيس أسقفية الكنيسة الانغليكانية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا والقرن الإفريقي وجود مثل هذه الإجراءات في تفتيش المسافرين إذا كانت لاعتبارات أمنية "لأنهم الآن يعيشون في خوف لأن الإرهاب الآن يعرف وسائل مختلفة كثيرة، فالغرب لديه وساوس من بعض العمليات الإرهابية التي تمت في11 سبتمبر وأنا ألتمس لهم العذر". * من جانبه قال رئيس الأسقفية الانغليكانية المصري منير حنا انيس "إنني عدة مرات تعرضت لهذا الأمر في مطارات أمريكا وأنا ارتدي الزي الديني المسيحي وخضعت لنفس الإجراءات، فهم يفتشون حقائبي لعل فيها مفرقعات، وفي مرة من المرات أخذوا الصليب مني وقالوا يمكن أن يستخدم هذا في العنف"، وكان الأمر نفسه مع القسيس الأمريكي في مطار تل أبيب بإسرائيل، حيث روى هو الآخر "أنا شخصيا تعرضت لمثل هذه المعاملة لما زرت إسرائيل عبورا في طريقي للأراضي المحتلة، ولما حاولت مغادرة مطار تل أبيب أخرجوني أنا وزوجتي من صف المسافرين بسبب الطوابع العربية في جواز سفري وسألوني أسئلة مسيئة ومذلة ومهينة رفضت الإجابة عنها، ثم أخذوني أنا لغرفة وزوجتي لغرفة أخرى وقاموا بتفتيشنا وجردونا من ملابسنا ولا أريد أن أدخل في التفاصيل، لكنه كان تفتيش دقيق جدا". * وبحسب هذه الشهادة يتضح أن أمريكا استقت طريقة معاملة رعايا الجزائر ودول أخرى بحجة الدواعي الأمنية من حليفتها إسرائيل دون مراعاة لدين ولا إنسانية مستعملين حججهم وبراهينهم من موقف الأقوى. * واختلفت الطريقة التي يقرها كل واحد من المتحدثين للتصدي لمثل تلك المعاملة الأمريكية التي لا يمليها دين ولا أخلاق والتي تستبيح أعراض الناس وحياءهم بحجة المحافظة على الأمن، حيث وعد القس الإنجيلي أنه سيقوم باتصالات مع إدارة بلاده لرفع الإجحاف عن الجزائريين في المطارات "أنا من الأعضاء المؤسسين لجمعية تسمى جمعية الإنجيليين من أجل حقوق الإنسان ولي معارفي في وزارة الخارجية والبيت الأبيض، وهذه ليست الجمعية الأولى لحقوق الإنسان إنما هناك منظمات حقوقية كثيرة ذات الطابع الديني، لكن هذه الجمعية تم تأسيسها خصوصا من أجل الدفاع على حقوق إخواننا المسلمين بعد 11 سبتمبر لتعرضهم للمعاملة المؤسفة، فيما يسمى الحرب على الإرهاب، سوف اتصل عن طريق هذه الجمعية مع الجميع واتصل بالناس الذين أعرفهم في الإدارة حتى أقنعهم بمراجعة هذه السياسة. وأتوقع أننا سوف نصدر تصريحا صحفيا بهذا الخصوص". * ولا يدعو ممثل الكنيسة الانغليكانية إلى فعل شيء أمام تلك الإجراءات التي تبررها مكافحة الإرهاب في نظره، لكن اعتراضه عليها يأتي من منافاتها لمبادئ الحياء "إذا كان الأمر يعترض الحياء، وخصوصا للسيدات فأنا أرفض هذا، وأقول إذا كان الكشف أو الفحص لا بد منه على السيدات فلا بد أن يتم بمعرفة سيدات أيضا"، لكن نائب الشيخ شيبان على رأس جمعية العلماء المسلمين فيقول بموقف الجزائر المطالب بالمعاملة بالمثل كأقل ضرر أمام المعاملة المهينة للمسافرين "نكشفهم عندما يأتون إلينا مثلما يكشفونا عندهم، والقانون الدولي ينص على المعاملة بالمثل، يفرضون تأشيرة علينا نضع لهم تأشيرة، يكشفوننا نكشفهم". * وعلى ضوء الآراء التي سبقت لا بد أن تستمر الدبلوماسية الجزائرية في مساعيها لرفع الجور الأمريكي على الجزائريين بحذف اسمها من اللائحة السوداء للدول الخطرة، خاصة وأن تلك الإجراءات لا يقرّها دين ولا أخلاق وتخالف الدستور الأمريكي نفسه.