أرجع رئيس جبهة التغيير، عبد المجيد مناصرة، سبب الهجمة التي قام بها الأمين العام للأفلان، عمار سعداني، ضد قائد المخابرات الجنرال توفيق، هو غياب الرئيس بوتفليقة، واختصار نشاطه الرئاسي في الشكل البروتوكولي من خلال الاستقبالات لا غير، وأجزم مناصرة أن حالة الخوف التي انتابت الجزائريين تستدعي ضرورة تطمينه من قبل المعنيين بالأمر، وهما الرئاسة والعسكر. سجل الوزير السابق للصناعة وإعادة الهيكلة، عديد المآخذ على اتهامات سعداني للجنرال توفيق الأخيرة، وقال في منتدى الشروق أمس، "سعداني وقع في اللعبة، فلم يفرق بين الشخص والمؤسسة، ولم يفصل بين الأمن والعسكر، ولا بين العسكر والرئيس... أراد ضرب الذبابة فأصاب صديقه"، وصنف ضيف الشروق التصريحات النارية في حق مدير المخابرات مردها الصراع والأزمة التي تعرفها العهدة الرابعة، ويشرح ما وصل إليه بالقول "نعيش ظرفا رخوا وحساسا، يميزه غياب الرئيس، ومما لا شك فيه أن هنالك أزمة في العهدة الرابعة أرادوا تحويلها إلى أزمة جزائرية، ويظهر من كل هذا ان هنالك قلة مسؤولية". لكن رئيس جبهة التغيير يقول أن الصراعات وخاصة قبيل الرئاسيات صارت طبيعية، والنظام استطاع تسيرها، ويقول: "النظام متعود على الخلافات، كما تعود على تسيير الانتخابات رغم التناقضات ويعتمد في ذلك على الثوابت الذي تأسس عليها منذ عام 1962"، ويضيف انه ليس من الضروري أن الجنرال توفيق ضد العهدة الرابعة، لأن بوتفليقة لو أراد الترشح فلن تمنعه أية جهة. وفي جزئية اعتبرها المراقبون محورية في خرجة سعداني، وهي "كيف امتلك أمين عام الحزب العتيد شجاعة لم يسبقه إليها أحد ليحمل قائد المخابرات جملة من الإخفاقات الأمنية"، وعن الجهة التي أوعزت لسعداني ما قاله، يتحفظ مناصرة عن تقديم اسم محدد، لكن يشير أن الطرف وراء سعداني متواجد في رئاسة الجمهورية، قائلا "غياب الرئيس واضح، وعندها تحركت الأطراف، ونحن نشاهد النتائج". وإن كان الحاصل حاليا حول العهدة الرابعة، هو مشابه لما حصل في رئاسيات 2004، سجل القيادي السابق في حمس، أن الصراع أنذاك كان خفيا، لكنه ظهر في شكل تنافس انتخابي "ممتع" بين رئيس ورئيس حكومته السابق، ورأينا نقاشا واسعا، لكن الخلاف هذه المرة، يقول مناصرة، أخذ منعرجا خطيرا انعكس بتخوف الجزائريين من الحاصل، ليشبهه بنمط عمل الأنظمة الاستبدادية التي تحاول البقاء تحت ذريعة التخويف. والحل في نظر مناصرة، هو ضرورة إنهاء الصمت الطويل من المعنيين بالخصام الحاصل وهما الرئاسة والجيش، وبخصوص هذا الأخير، قال كيف تحرك الجيش بسبب رسالة للمجاهد محمد مشاطي، ويفضل مناصرة أن تسارع المؤسسة العسكرية لتوضيح موقفها من الأزمة الحاصلة، لا أن تلتجئ إلى المتابعة القضائية.
العهدة الرابعة ستجرّ البلاد إلى تسيب شامل سعداني صدّر الخوف إلى الشعب.. ولم يحرّر الساحة السياسية قال عبد المجيد مناصرة بأن تمكين الرئيس من عهدة رابعة في نفس وضعه الصحي، سيجعل البلاد تعيش خمس سنوات من التسيب، الذي طغى على الوضع العام في العشرة أيام الأخيرة، معتقدا بأن المرشحين الذي كانوا في السلطة، من المحتمل أن يكونوا بدائل للنظام، منهم بن فليس وبن بيتور، في انتظار بروز أسماء أخرى. ويعتقد مناصرة بأن التراشق بالتصريحات والتهم وتسريب معلومات من أطراف مختلفة، لا يخدم الصالح العام، مادام لا أحد خرج إلى العلن وتحمل المسؤولية، وقال بأن ما يعرفه المشهد السياسي هو إسهال في التصريحات، وأن البلاد دخلت في العشرة أيام الأخيرة في حالة تسيب حقيقية، وتمكين الرئيس بوتفليقة من عهدة رئاسية أخرى، سيجر البلاد إلى خمس سنوات أخرى من التسيب التام، وهي مرحلة لم تبلغها الجزائر أبدا، بعد أن أصبح كل واحد يصرح ويخرج أمورا، وهذا الوضع لا يخدم حسبه الصالح العام، بدعوى ضرورة مراعاة تداعيات ذلك على المواطنين، وعلى البلاد، خصوصا إذا كانت نتائج هذه التصريحات سلبية وليست إيجابية، وفي هذه الحالة فإن الأمر يقتضي خروج أحد إلى العلن وتحمل المسؤولية. ويرى رئيس جبهة التغيير بأن الرئيس مترشح للانتخابات المقبلة إلى أن يثبت العكس، وهذا لا يعني حسبه وجود معلومات تفيد بذلك، وإنما بقاءه على الكرسي يعني ترشحه، ولا أحد يستطيع منعه من ذلك، وهذه هي طبيعة النظام في الجزائر، إلا إذا تحدث هو وقال بأنه لن يترشح، متوقعا بأن تتجلى الأمور خلال العشرين يوما التي تسبق انقضاء آجال إعلان الترشيحات، لكنه يصر بأن الرئيس يوجد في موقف غريب، وهذا من بين أحد أسباب "التخلاط" الدائر حاليا، ومع ذلك يعتقد عبد المجيد مناصرة بأن حكمة الرئيس وذكاءه ورصيده التاريخي وحبه للجزائر، وحرصه على الحفاظ عليها، تمنعه من الترشح إلى عهدة أخرى. وبعكس الجدل الدائر في الساحة السياسية، لا يجد المتحدث أي معارضة من قبل أي مؤسسة لترشح الرئيس بوتفليقة للاستحقاق المقبل، وهو يرى بأن العملية ستكون محسومة مسبقا، غير أنه إذا لم يعلن عن ترشحه إلى غاية 4 مارس المقبل، ستكون حيوية الساحة السياسية، ولا يستبعد مناصرة بأن تكون بعض الأسماء التي أعلنت عن ترشحها، والتي كانت في السلطة، من بينها علي بن فليس وأحمد بن بيتور، بدائل للنظام في حال لم يترشح الرئيس، وقد تظهر أسماء أخرى لاحقا، بحكم وجود مرشحين مقيدين ينتظرون ترشح الرئيس، في تلميح إلى الأمين العام السابق للأفلان عبد العزيز بلخادم، مؤكدا بأن الانتخابات الرئاسية ستؤدي إلى ارتفاع بورصة مرشحين وسقوط آخرين.
على الأفلان تمدين حزبها أولا.. مناصرة: نحناح سبق سعداني في المطالبة بتمدين الدولة يؤكد عبد المجيد مناصرة، أن حمس في عهد الراحل محفوظ نحناح، كانت أول من طالب بتمدين النظام الجزائري، وأن الرئيس بوتفليقة أخفق في تمدين النظام بعد ما أتاحت له المؤسسة العسكرية ذلك، برغبتها الابتعاد عن الشأن السياسي "خطوة أو خطوتين"، ويعتقد مناصرة أن الأفلان وسعداني غير مؤهلين للمطالبة بتمدين النظام. وسُئل ضيف منتدى الشروق، عن سبب الاصطفاف الكبير إلى جانب الجنرال توفيق من قبل الطبقة السياسية، بعد مطالبة عمار سعاني "بانسحاب مديرية الاستعلام والأمن من الساحة السياسية"، وبالتالي المضي نحو تمدين النظام، فأرجع ذلك إلى أن الأفلان وأمينه العام غير مقتنعين البتة بمدنية النظام، لأن ذلك يعتبر خسارة للحزب العتيد، ويقول عن الأفلان "هو لم يحقق فوزا في الاستحقاقات عن طريق الرصيد الشعبي أو الديموقراطية، هذا الحزب مستفيد من العسكر"، وخاطب الحزب العتيد قائلا: "لما يطالب بدولة مدنية عليه أولا أن يكون حزبا مدنيا"، كما يستغرب مناصرة أن يكتفي الحزب الذي يعد رئيسه الشرفي رئيسا للجمهورية ووزيرا للدفاع وقائدا للجيش، بالمطالبة فقط كغيره من الأحزاب بابتعاد المؤسسة الأمنية عن الساحة السياسية، والأصح بحسب محدثنا أن الأفلان عليه العمل والفعل لا الاكتفاء بالتصريحات عبر المنابر الإعلامية. وبصيغة الجزم، يقول مناصرة أن الرئيس بوتفليقة بحد ذاته غير مقتنع بتمدين النظام، كما انه أخفق في ذلك، بعد ما أتى به العسكر إلى الحكم عام 1999، ويذكر: "عندما أحضروا بوتفليقة أرادوا ان يبتعدوا نوعا ما بخطوة أو خطوتين، لكنه أخفق في ذلك"، ليبقي شخص واحد كان أول من طالب بتمدين النظام، هو الراحل محفوظ نحناح عندما خاض الرئاسيات عام 1995 في مواجهة اليامين زروال.
المطلوب إصدار بيان لتهدئة روع الجزائريين دعا عبد المجيد مناصرة، رئيس الجمهورية لإصدار بيان يطمئن فيه الشعب الذي أضحى يشعر بالخوف عقب تصريحات سعداني، وما تبعها من تداعيات، وقال بأن الأمين العام للأفلان لم يحرر الساحة السياسية، بل صدّر الخوف إلى الشعب، لذا فإن تبيان المواقف في هذه اللحظة يعد أكثر من ضروري. ويعتقد المصدر ذاته بأن إثارة الخوف مقصودة، لأن بعض الأطراف تظن بأن الشعوب لا تنقاد إلا بتخويفها وهذا لعب بالنار، قائلا بأننا في ظرف يصعب فيه استعمال هذه الممارسات، كما أن الشعب لا يقبل الاستخفاف به ويريد الاطمئنان، بعد أن أفهموه بأن البلاد مستقرة، وأن هناك إنجازات ضخمة وكثيرة. ويرفض مناصرة تحميل الأحزاب السياسية تدنّي مستوى النقاش السياسي، وتحوله إلى تبادل للتهم والتنابز، بدعوى استحالة تحميل أحزاب ضعيفة ما لا طاقة لها به، كما أنه لا يعقل حسب قوله أن تكون الأحزاب السياسية مسؤولة عن ما قاله سعداني، الذي يقود حزبا يعد رئيس الجمهورية رئيسه الشرفي، مذكّرا بأن حزبه كان أول المطالبين بتدخل الرئيس، معترفا بتراجع مستوى النقاش السياسي، لكنه يصر بأن سعداني، لا يمكن أن يحرر الأحزاب السياسية بتصريحاته، ما دامت هناك أحزاب تسير بالهاتف، لذا فالأولى هو تحرير الدولة بأكملها من المرحلة الانتقالية التي دامت حسبه 25 عاما، أي منذ انتفاضة 5 أكتوبر، موضحا بأنه إذا كانت لدى الأفلان قناعة حقيقية بالدولة المدنية، "فإننا نعتبره انتصارا وسندعمه"، وأن ذلك يستحق عهدة رابعة وخامسة. ولا يعتقد أيضا رئيس جبهة التغيير، بأن الشعب غير مكترث لما يدور في الساحة السياسية، بدعوى أنه مهتم بالقضايا الكبرى التي تهم الجزائر، وكذا بالتوترات الأخيرة التي أوصلته إلى حالة الخوف، " لكن ما هو مطلوب من الشعب أن يفعله، هل يخرج إلى الشارع"، قائلا بأن الخلل يكمن في المجتمع المدني الذي ينبغي أن يؤطّر الشعب، الذي يحمل وفق المتحدث نفس الأراء والأفكار التي عبّرت عنها الأحزاب السياسية، عقب التداعيات الأخيرة لتصريحات سعداني، والتي ساهمت حسب مناصرة في تصدير الخوف إلى الشعب، وهو اليوم بأمس الحاجة إلى من يطمئنه، وعلى المعني أي الرئيس أن يدلي بموقفه.
لا أحد يمثّل الإسلاميين وكل واحد يترشح باسمه أنهى وزير الصناعة السابق، الجدل بشأن من يمثل الإسلاميين في الاستحقاق الرئاسي المقبل، وقال بأن لا أحد يمثل الإسلاميين، وكل واحد يترشح باسم حزبه، متسائلا عن سبب إصرار وسائل الإعلام على وجود خلاف بين الأحزاب الإسلامية في هذه الانتخابات، مع أن الإسلاميين كانوا مختلفين منذ البداية، ولم يكونوا أبدا على موقف واحد منذ التسعينيات، وذكّر بانتخابات 95 ثم 99 ثم 2004، ولم يستبعد رئيس جبهة التغيير، أن يترشح الأمين العام لحركة الإصلاح الوطني، جهيد يونسي، للاستحقاق الرئاسي ما دامت لم تحمل تصريحاته نيّة المقاطعة أو عدم المشاركة، وسيكون حسبه حزبا إسلاميا مشاركا في الانتخابات الرئاسية، مبررا عدم التمكن من التوصل إلى تحالفات بين أبناء التيار الإسلامي، بعدم توفر شروط النزاهة والشفافية، رافضا التعليق على عدم مشاركة رئيس حركة حمس، عبد الرزاق مقري في الانتخابات الرئاسية.
مناصرة: انشقاقنا عن حمس لم يكن بإيعاز من أيّ جهة نفى عبد المجيد مناصرة، أن يكون انشقاقه عن حركة مجتمع السلم بإيعاز من أي جهة، ويقصد جهاز الاستخبارات، وقال بأن أزمة حمس في 2009 لم تكن لها علاقة لا بالدولة المدنية أو العسكرية، معلنا بأنه سمع بأن مسؤولين انزعجوا من انقسام حمس، لأنها كانت في التحالف الرئاسي، ورأوا بأن قوة الحركة تكمن في وحدتها وأن انقسامها سيضعفها، مصرا على أن الخلافات التي عاشتها حركة مجتمع السلم كانت حقيقية، وأنه ليس من الموضوعية إلصاق كل شيء بالمخابرات، وكل ما هو إيجابي في الرئيس، كما أنه ليس من الطبيعي أن نضع الأعباء كل مرة في جهة معينة بحجّة أن كل حزب ينقسم له أسبابه، غير أن العامل الخارجي إذا وجد بيئة مناسبة فإنه ينجح في تحقيق أهدافه.
على محمد شرفي أن لا يقتصر حديثه عن سعداني يرى مناصرة، بأن خروج وزير العدل السابق محمد شرفي، عن واجب التحفّظ، وحديثه عن ضغوطات من قبل الأمين العام للأفلان عمار سعداني، بغرض إخراج وزير الطاقة السابق كالشعرة من العجين من قضية سوناطراك 2، على حد قوله، كان يجب أن يتبعه كشف ملفات أخرى تتعلق بتدخلات في قضايا أخرى، متسائلا عن سبب اقتصار الأمر على ملف شكيب خليل، وذكّر بقضية الخليفة التي تحول فيها وزراء متهمون إلى شهود، معتقدا بأن ضغوطات مورست من قبل جهات ما، وكان على شرفي، كشف من تدخل دون الاقتصار على ذكر سعداني.
لا نحبّذ المقاطعة لكنها غير مستبعدة لم يستبعد رئيس جبهة التغيير، إمكانية عدم مشاركة حزبه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، في حال عدم ظهور بوادر انفراج الوضع السياسي، غير أن الموقف النهائي سيتم الإعلان عنه عقب اجتماع مجلس الشورى يومي 21 و22 من الشهر الجاري، والذي ستخصص أشغاله لدراسة البدائل المطروحة، لكنه قال بأن حزبه لا يحبّذ المقاطعة، لكنها ليست مستبعدة، وهي أسلوب سياسي لا يهدد استقرار البلاد، ولا هو جريمة أو خيانة.