اجتمع أدعياء السلفية مع عموم أبناء التيّار الإسلامي في الجزائر في الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات والتحذير من المشاركة فيها، وإن اختلفت المبرّرات ما بين فقهية عقائدية بالنّسبة للطرف السلفي المدخلي بقيادة مشايخ التيّار الإرجائي محمد علي فركوس، وعبد المالك رمضاني ولزهر سنيقرة وعبد الغاني عويسات وغيرهم ومبرّرات سياسية بحتة اقتضتها الطبيعة المغلقة للرئاسيات بالنّسبة للإسلاميين الآخرين. وقد شنّ السلفيون "المرجئة" و"الجهاديون" حملة هوجاء ضدّ الرئاسيات، واصفين العملية الانتخابية برمّتها بأنّها ذريعة إلى الشرك الأكبر المخرج عن الملّة - التي لا يخرج عنها ولي الأمر في عرف المرجئة مهما بلغ إذا لم يخالف ولاة أمور السعودية - يقول فركوس في هذا السيّاق "أمّا المنظور الشرعي للنظم الديمقراطية بمختلف أساليبها فهي معدودة من أحد صور الشرك في التشريع" في فتوى غريبة لم يفرّق فيها بين بعض آليات الديمقراطية التي تعدّ نتاج نمو فكر بشري ولا مصادمة فيها للفطرة والشرع وبين فلسفتها الشركية القاضية بتسييد الإنسان على نفسه استقلالا والتي جاءت نتيجة الصدام بين الكنيسة والعلم في عصور الظلام الثيوقراطي الغربي. وإذا كانت الآلة السلفية تجمع بضاعتها "المزجاة" عند كلّ حملة انتخابية للتربّص بالحركات الإسلامية والتحذير من الانتخاب عليها لدواع فقهية وعقدية مزعومة، فإنّ غياب الفصيل الإسلامي عن الرئاسيات القادمة جعلهم يقعون في ورطة التنظير دون ذكر الأسماء، خاصّة وأنّهم يحرّمون الحديث عن المترشّح عبد العزيز بوتفليقة باعتباره ولي أمر، وفي نفس الوقت مترشّح للرئاسيات. يذكر أنّ السلفيين يحرّمون الحديث في السياسة والشأن العام إذا كان ذلك يؤدّي إلى الترويج للتيّارات الإسلامية أو ينتقد به ولاّة الأمور ويشهّر بشركياتهم المتتالية على العلن، بينما يملأون المساجد وكتبهم في الحديث عن السياسية إذا ما تعلّق الأمر بطاعة الولاّة الظلمة وحرمة الانتخابات ووجد منهم من يبحث عن دقائق الأخبار ولو كانت مكذوبة من أجل النيّل من الخصوم ولا يعرف حقيقة تعريف السياسية عندهم التي تحرمّ هنا وتحلّل وترفع بها العقيرة على المنابر والمنتديات هناك. كما أنّ السلفيين يحرّمون الانتخابات، ثمّ يسارعون بمجرّد الإعلان عن نتائجها إلى إعلان البيعة والولاة والطاعة والانبطاح التّام دون اعتبار لشروط الإمامة ولا احترام الحاكم للشريعة فضلا عن تحكيمها، إلا أنّ هذا يستثنى إن كان المرشّح إسلاميا فهم يحاربونه قبل الانتخابات وبعد الوصول، وينتظرون بشغف الانقلاب عليه من أجل "مازوشيتهم" التي توهمهم بصحّة نظريتهم البدوية الساذجة للحكم.