مع اقتراب أي استحقاق انتخابي، تبرز إلى الواجهة أصوات المؤسسة العسكرية والهيئات التابعة لها والشبيهة بها، ككتلة انتخابية كفيلة بترجيح كفة هذا المرشح أو ذاك، وهو ما يجعل من حيثيات تصويتها محل نقاش بين السياسيين، فكم تقدر أصوات هذه الهيئات، وكيف يصوتون ولمن يصوتون؟ وتقدر إحصاءات غير رسمية عدد الناخبين التابعين للأسلاك المشتركة (المؤسسة العسكرية من متعاقدين ومجندين، الدرك الوطني، الشرطة، الحماية المدينة، الحرس البلدي، الجمارك)، بما يقارب ال 800 ألف صوت، وهو ما يجعلها أكبر كتلة انتخابية يمكن أن تحدث الفارق، إذا ما قرر أفرادها أو وجهوا نحو الاصطفاف وراء مرشح واحد من بين المترشحين الستة، الذين سيخوضون الدور الأول من سباق 17 أفريل الجاري. ومعلوم أن تصويت أفراد الأسلاك المشتركة يتم خارج مؤسسات عملهم، وقد تم إقرار هذا الأمر في التعديل الذي أدخل على القانون العضوي المتعلق بالانتخابات في عام 2004، وبوشر العمل بتلك الإجراءات في رئاسيات العام ذاته، وجاء قانون 12 / 01 ليثبت تلك التعديلات، قبل سنتين. ومنذ عشر سنوات أصبح أفراد الأسلاك المشتركة يصوّتون في مراكز الانتخابات التي يصوت فيها الناخبون العاديون، غير أن لهم مكاتب داخل هذه المراكز يمكن القول إنها "شبه خاصة" وذلك بالنظر إلى الترتيبات الخاصة بها، بالرغم من أن محاضرها تخضع للإجراءات ذاتها التي تخضع لها المحاضر العادية، ومن بينها تسليم نسخ عنها لمراقبي الأطراف المشاركة في الانتخابات. وكان تصويت الأسلاك المشتركة قد شكل محور نقاشات سياسية ساخنة عشية إجراء الانتخابات التشريعية قبل عامين، بين السلطة والمعارضة، حيث طالبت الأخيرة بضرورة إخضاع تصويت أفراد المؤسسات النظامية لكافة الإجراءات التي يخضع لها تصويت بقية الجزائريين، ولو تطلب الأمر توكيل من ينوبون عنهم من أقاربهم في العملية الانتخابية، غير أن السلطة فرضت سياسة الأمر الواقع على خصومها. وفي ظل هذه المعطيات يأتي الاستحقاق الرئاسي المقبل. فهل ما زالت الطبقة السياسية متحفظة من الكيفية التي يصوت بها أفراد الأسلاك المشتركة؟ أم أنها تجاوزت هذه المخاوف؟ يرى لطفي بومغار وهو المتحدث الرسمي باسم مديرية الحملة الانتخابية للمترشح الحر علي بن فليس، أن الكيفية التي يصوت بها أفراد المؤسسة العسكرية والأسلاك التابعة لها والشبيهة بها، لا تشكل خطرا على مصداقية الاستحقاق المقبل، وقال بومغار في اتصال مع "الشروق" أمس: "كما هو معروف، أفراد الأسلاك المشتركة لم يعودوا يصوتون داخل الثكنات، بل في مراكز انتخاب عادية، وهذا تطور مهم". وتابع لطفي بومغار: "لقد أكد الفريق أحمد قايد صالح، نائب وزير الدفاع وقائد أركان الجيش الوطني الشعبي، أن المؤسسة العسكرية ستقف على مسافة واحدة من جميع المترشحين، ونحن نثق في هذا الالتزام طالما لم تكن هناك توجيهات تخرق هذا الالتزام وتضر بمصداقية الانتخابات". واستشهد بومغار بتصريح علي بن فليس، الذي قال فيه: "إن أفراد الجيش كغيرهم من الجزائريين، تحكمهم ضمائرهم كما لهم قناعاتهم السياسية، ومن ثم فمن غير السليم الانخراط في أحكام مسبقة بشأن هذه الفئة من الناخبين". من جهته، ينظر النائب عن جبهة العدالة والتنمية، لخضر بن خلاف، إلى القضية من وجهة نظر مغايرة، ويتحدث عن ضرورة إعادة فتح النقاش حول "التسجيلات الجماعية المضخمة لأفراد المؤسسة العسكرية التي تمت عشية الانتخابات التشريعية المنصرمة"، بدل الخوض في كيفية التصويت. وقال بن خلاف، في اتصال مع "الشروق" أمس: "لقد نبّهنا إلى تلك التسجيلات الجماعية لأفراد الجيش في وقتها، غير أن تنبيهاتنا قوبلت بالرفض من طرف الإدارة، وقد فهمنا من خلال نتائج التشريعيات الأخيرة، لماذا أصرت السلطة على تلك التسجيلات رغم رفض الطبقة السياسية".