انتهت الحملة الانتخابية، بتبارز وتنابز، وعلى كل المترشحين وممثليهم، أن يجتمعوا الآن، ساعات قليلة قبل موعد الاختبار، لتقييم حملتهم وحصيلتهم، سقطاتهم وثغراتهم، وعودهم وعهودهم، ما يُمكن أن يتحقق وما لا يُمكن أن يتحقق، فيوم الخميس المقبل، الكلمة للشعب وليس لهؤلاء وأولئك ممّن سيطلبون وده وأصواته. الحملة انتهت، والثرثرة انتهت، وانتهى الحشد والتجنيد والتعبئة، ليبدأ العدّ التنازلي لانتخابات أريد لها أن لا تكون كغيرها من الانتخابات، وليس خافيا أن الحملة اقترنت أيضا بدعوات إلى التعقل والتهدئة والحفاظ على الاستقرار، موازاة مع إشاعات وبلبلة وإرباك وتخويف من "ما هو قادم"، وحتى إن كان الاختلاف رحمة، فإن تأويلا وضغطا وتهويلا أربك هؤلاء وأولئك ونقل الهلع إلى مواطنين يحبّون ويتمنون كل الخير لهذا البلد الآمن. لقد هزم السبّ والسباب و"العنف" و"الهفّ"، البرامج والحلول والبدائل، فكادت الحملة أن تكون مشجبا لنشر الغسيل و"التبهديل"، بينما انتظرت الأغلبية المسحوقة، كلاما معقولا ومعسولا، يعزز الوحدة ويجنب البلاد والعباد التفكّك والفتنة والقلاقل والعياذ بالله. من الطبيعي أن يلجأ المترشحون في الانتخابات، عبر كلّ بلدان العالم، بما فيها الأعرق ديمقراطيا، إلى استعمال كلّ "الأسلحة" المباحة والمحللة في "الحروب" الانتخابية، لكن أن يلجأ هؤلاء أو أولئك إلى استخدام أسلحة كيميائية وقنابل عنقودية وفوسفورية ونووية وبيولوجية، فهذا ما لا يقبله أيّ جزائري! الجزائريون انتظروا حلولا قابلة للتحقيق، إن آجلا أو عاجلا، وهو ما لم يسمعوه من أفواه الكثير من المترشحين لكرسي رئيس الدولة، خلال 22 يوما من حملة انتخابية، يجب الإشارة إلى أنها هرّبت "بقايا" الناخبين وحرّضت الباقي المتبقي منهم على عدم الاكتراث بتجمعات سياسية، لم تجب في أغلبها على أسئلة ومخاوف الجزائريين الذين يعرفون جيّدا "كعّم من بعّم"! للأسف، لم تصل الطبقة السياسية، بعد ربع قرن عن ميلاد التعددية الحزبية، وتسليم الحزب الواحد شهادة وفاته، إلى منافسة شريفة ونظيفة، تحبّب اليائسين والمقنوطين في الفعل السياسي، وتبدّد المخاوف، وهذه العدوى التي لا تختلف عن الكوليرا أو الطاعون، تتحمّل مسؤولية نقلها عبر المستنقعات السياسية، أفراد وجماعات "يُحاربون" بعين واحدة! غلاة التيئيس ودعاة التعفين، يتحمّلون أيضا جزءا كبيرا من "أزمة" يُراد لها أن لا تنتهي، وكم هو جميل، لو ترافق وتعانق المتهارشون، من أجل تجنّب الصعود نحو الأسفل والتقدّم نحو الوراء، وهذه واحدة من مخارج النجدة التي بإمكانها أن تصنع تنفس الصعداء! نعم، 22 يوما ليست كافية لا للإقناع ولا للاستدراج ولا للتجنيد ولا للخروج من الأزمات والمحن، لكنها قد تكون كافية لإبداء حسن النيّة، وصدق من قال: مول النيّة إذا ما ربح يخرج سالك!